«أليست هكذا كلمتي كنارٍ، يقول الرب وكمطرقة تحطم الصخر» (إرميا23: 29)
في طريق يخترق إحدى الغابات في جزيرة صقلية كان يمر أحد موزعي الكتاب المقدس - وفي أحد الأيام بينما كان مارًا بهذا الطريق، وجد نفسه فجأة أمام أحد قطّاع الطُرق الشرسين الذي صوَّب على الفور مسدسه في وجه الموزع وصرخ قائلاً : قِف. أخرج حالاً عود كبريت وأحرق كل الكتب التي تحملها.
فأخرج الموزع علبة الكبريت وجسمه كله يرتعش من الخوف وأشعل عودًا .. وقبل أن يحرق الكتب التي معه طلب من قاطع الطريق أن يسمح له بقراءته سطورًا قليلة من كل كتاب قبل أن يحرقه، فسمح له قاطع الطريق بذلك.
حينئذ تناول الموزع سفر المزامير وقرأ المزمور الثالث والعشرين - مزمور الراعي «الرب راعيَّ فلا يعوزني شيء .. يرد نفسي يهديني إلى سُبل البر من أجل اسمه. أيضًا إذا سرت في وادى ظل الموت لا أخاف شرًّا لأنك أنت معي..» ثم هَمَّ الموزع بإحراقه. فأجابه اللص .. لا. لا. دع هذ الكتاب أنه مفيد - أعطني إياه.
ثم تناول الموزع إنجيل متى وقرأ جزءًا من الموعظة على الجبل (دستور مملكة المسيح) «طوبى للمساكين بالروح لأن لهم ملكوت السموات.. أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مُبغضيكم، وصلّوا لأجل الذين يُسيئون إليكم ويطردونكم لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات» ثم همَّ الموزع بإحراقه فتناوله اللص من يد الموزع قائلاً وهذا أيضًا جميل أعطني إياه.
ثم فتح الموزع رسالة كورنثوس الأولى الأصحاح الثالث عشر - أصحاح المحبة العظيم وابتدأ يقرأ فيه «لو كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة ولكن ليس لي محبة فقد صرت نحاسًا يطن أو صنجًا يرن.. المحبة تتأنى وترفق .. المحبة لا تفرح بالإثم .. المحبة لا تسقط أبدًّا» فأجابه اللص : من فضلك لا تحرقه لأني أريد أن أقرأه.
وهكذا فعل الموزع مع كل الكتب التي كان يحملها. وما هي إلا فترة حتى رأى الموزع اللص يحمل الربطة كلها ويختفى في الغابة.
وبعد سنوات قليلة إذا بهذا الموزع يجد نفسه لا أمام قاطع طريق مصوّبًا المسدس في وجهه بل أمام أحد خدام الانجيل الذي بادره بالقول: هل تتذكر قاطع الطريق الذي أمرك من سنوات قليلة أن تحرق ما تحمله من الكتب المقدسة .. «إنه أنا». فالكتب المقدسة هي التي قادتني إلى معرفة المسيح مخلصي وأرجعتني عن طريق الشر وسفك الدماء فنلت الحياة الجديدة وغُفرت كل خطاياى. والآن أحسبه شرفًا وفخرًا أن أخدم سيدى الحبيب الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي. يا من أهملت قراءة الكتاب المقدس ألست تعلم أنها كلمة الله التي تحطم القلب الصخري وأنها السيف الخارق إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ الفاحصة والمُميزة أفكار القلب ونياته؟!
ألم يَقُل المسيح «الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة» (يوحنا6: 63) وقال أيضًّا «فتشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حياة أبدية وهي التي تشهد لي» (يوحنا5: 39).
عزيزي .. إنها الكلمة التي قادت الكثيرين والكثيرات من كل الفئات والطبقات إلى المخلص الغالي فتحرروا من قيود الشر والخطية ونالوا عطية الحياة الأبدية وتمتعوا بالغفران والسلام. فليتك تتمثل بهم وتأتي الآن قبل فوات الأوان.
لقد قال إشعياء عن شعب الله الذي ترك الشريعة ونسى الله ووصاياه :
«إلى الشريعة وإلى الشهادة إن لم يقولوا مثل هذا القول فليس لهم فجر» (إشعياء8: 20). فإن من يترك كلمة الله - السراج المُنير - يعيش في ظلمة خطاياه إلى أن يدركه الظلام الأبدي.