أرسم بسمة


من سلسلة: عن الإنترنت
روى أبو أحد الأطفال المعاقين هذه القصة:

مررت أنا وابني بملعب، حيث كان عدد من الأولاد الذين يعرفون ابني يلعبون لعبة البيسبول (وفيها أعلى درجة من النقاط يتم تحقيقها بمرور اللاعب على أربع نقاط حول الملعب راجعًا للنقطة الأم التي بدأ منها).  وسألني ابني “هل تعتقد أنهم سوف يسمحون لي باللعب؟”  وكنت أعلم أن أغلب الأولاد لن يرغبوا في وجود شخص معاق مثله، ولكني كأب كنت أعلم أنه إن سمحوا لابني باللعب، فإن ذلك سوف يمنحه الإحساس بالانتماء وبعض الإحساس بالقبول.

اقتربت مترددًا من أحد الأولاد في الملعب وسألته (ولم أكن اتوقع منه الكثير)، إن كان يمكن لابني أن يلعب معهم.  ودار الولد ببصره، ثم قال “نحن نخسر بستة جولات، واللعبة في دورتها الثامنة؛ أعتقد أننا يمكن أن ندخله في الدورة التاسعة ونعطيه المضرب”.  لبس ابني فانلة الفريق بابتسامة واسعة على وجهه.  وراقبته بدمعة فرح رقيقة والشعور بالدفء يملأ قلبي.

تحسَّن وضع فريق ابني خلال الجولة الثامنة، ولكن بقى الخصم متفوِّقًا عليهم بثلاثة جولات.  ومع بدء الجولة التاسعة أعطوا ابني قفازًا، ولعب في أيمن الملعب.  ورغم أن الكرة لم تأتِ عنده، إلا أن سعادته وحماسه كانا واضحين لمجرد وجوده باللعبة.  واتسعت ابتسامته لأقصى حد وأنا ألوّح له من وسط المشجعين.  وأحرز فريق ابني نقاط إضافية، وتقلَّص الفارق إلى نقطتين، مما جعل الفوز ممكنًا.  وكان الدور على ابني ليمسك بالمضرب، فهل تتوقعوا أن يعطوه المضرب ويضيعوا فرصتهم في الفوز؟  لدهشتي أعطوه المضرب، رغم أن الكل يعرفون أنه من المستحيل أن يحرز نقاط الفوز، حيث أنه لا يمكنه حتى أن يمسك المضرب بصورة سليمة، ويكاد يستحيل عليه ضرب الكرة بصورة متقنة.
ولكن مع تقدمه لدائرة اللعب، أدرك لاعب الخصم أن فريق ابني يضحّي بالفوز لهدف أسمى، وهو إسعاد وإثراء حياة ابني بهذه اللحظة التي لا تتكرر؛ فقدَّم مفاجأة أكبر إذ تقدَّم عدة خطوات وألقى الكرة برفق لابني حتى يتمكن على الأقل من لمسها بمضربه.  وحاول ابني ضرب الكرة، ولكنه لحركته المعاقة فشل.  خطا مدافع الخصم خطوات اضافية مقتربًا من ابني، ورمى الكرة برفق بالغ نحوه، فضرب ابني الكرة بضعف وردها لخصمه الذي تلقفها بسهولة.  وتوقعنا أن هذه نهاية المباراة.

وتلقف المدافع من الفريق الخصم الكرة بطيئة الحركة وكان يمكنه أن يمررها لزميله في النقطة الأولى، وكان ذلك سيجعل ابني يخرج من المباراة بهزيمة فريقه.  ولكن بدلاً من ذلك رمى المدافع الكرة فوق رأس زميله بعيدًا عما يمكن أن يطوله أي من أعضاء فريقه.  وبدأ جميع المشجعين ولاعبي الفريقين يصيحون: “اجر يا... اجر إلى النقطة الأولى”.  وكانت هذه أبعد مسافة يجريها ابني، واستطاع بصعوبة أن يصل إليها.  فاستمر الجميع يشجِّعونه بحماسة شديدة، وهو بالكاد ينتقل من نقطة إلى نقطة، حتى وصل النقطة الرابعة التي بدأ منها، وداس على الموقع المحدَّد، وحياه كل الحضور باعتباره البطل الذي أحرز النقطة الكبرى وفاز لفريقه بالمباراة.

في ذلك اليوم، ساعد الفتيان من كلا الفريقين في إضافة قبسة نور من الحب الصادق والإنسانية إلى هذا العالم.  ولم يرَ ابني الصيف التالي، حيث وافاه الأجل في ذلك الشتاء، ولكنه لم ينسَ حتى آخر يوم في حياته فرحة أنه كان بطل المباراة!

هل أنت على استعداد أن تتكلف لترسم، مثل هؤلاء، ابتسامة على وجه محتاج؟!