الحى أم الميت ؟!

.كل ديانات العالم تُجِلُّ وتتبع قائدًا عظيمًا، أو فيلسوفًا كبيرًا، لكن ميتًا!  غير أن المسيحية وحدها تُعلن إيمانها بمُخلِّصٍ حيٍّ قام من الأموات.

مرة كان مُرسَل يُوضّح حقَّ قيامة المسيح لجماعة من الناس، فقال: “افترضوا أني مسافر، وقد وصلت إلى مكان تتشعَّب فيه الطريق طريقين، وأبحث عن دليل فأجدُ اثنين: أحدهما حيٌّ والآخر ميت.  فأيَّ الرَّجُلين ينبغي أن أسأل عن وِجهة سَيّري: الميتَ أم الحيَّ؟” وفي الحال قالوا: “الحيّ!” فَردَّ المُرسَل قائلاً: “إذًا، لماذا تتبَعون قائدًا ميتًا بدلاً من المسيح الحيّ؟!”

وإن كنا نؤمن بقيامة يسوع المسيح بجسده فعلاً، فلن نَلقى أية صعوبة في الإيمان بكل ما يتضمنه الكتاب المقدس.  أما إذا رفضنا هذه العقيدة الأساسية، فلا يُستغربُ أن نطرح جانبًا كلمة الله كلها.  فلو لم يقُمِ المسيح لكان نقض وعدَه وأخفق في نبواته، ولكُنّا ما نزال في خطايانا (1كورنثوس15: 12-21).

كانت فتاة صغيرة تسكن مع أهلها قُرب إحدى المقابر، وغالبًا ما تُضطَرُّ إلى المرور أمامها ليلاً.  ولما سألها أحدهم: “ألا تخافين أبدًا؟!” أجابت: “لا، أبدًا.  إن بيتي وراء القبر تمامًا!”

فإن كان لنا إيمانٌ بالمسيح الذي قام من القبر، فليس ما يدعونا نحن أيضًا إلى الخوف، إذ إن بيتَنا هو وراء القبر تمامًا!

وإننا لا نستغرب ما أحدثه الشيطان من ضجة في سفر الأعمال، عندما بَشَّر الرسُلُ وعلَّموا الناس الحق، لأنهم بماذا بشَّروا؟  «فِي يَسُوعَ بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ...  وَبِقُوَّةٍ عَظِيمَةٍ كَانَ الرُّسُلُ يُؤَدُّونَ الشَّهَادَةَ بِقِيَامَةِ الرَّبِّ يَسُوعَ» (أعمال4: 2، 33)، فلو كانوا قد بشَّروا بيسوع المسيح كمَن عاش على الأرض فقط، لما اهتم الشيطان بالأمر لأنه مات، وشخص ميت لا يُخلِّص ولا يمكن أن يهب حياة للموتى بالذنوب والخطايا.  ولكن الرُسُل نادوا بأن الله قد أقامه من الأموات.  لقد واجه الموت، ولم يكن للموت عليه حق، وأباده، وهو الآن حيٌّ مٌقام من الأموات بالبر عن يمين الله، وهو الحياة والبر والقداسة والفداء لكل نفس تؤمن به (1كورنثوس1: 30).  ولذلك لا عجب أن الشيطان حاول في ذلك اليوم أن يضع الرُّسُل في السجن، لأن القيامة التي كانوا ينادون بها هي البرهان القاطع على أن المسيح قد هزمه وألغى قوة الموت.  وإذ أُزيل الموت، الذي هو أجرة لخطية الإنسان، برهنت قيامة المسيح على أن الخطية قد أُزيلت.

ذكرت إحدى السيدات الأوربيات أنها أثناء إحدى رحلاتها السياحية، زارت أحد معابد بوذا، ووجدت على الجدران كتابات عن حياته وتعاليمه.  وكان الكاهن البوذي الخاص بهذا المعبد يشرح لها ويُكلمها عن أعمال بوذا.
وعندما عادت هذه السيدة إلى بلادها، قالت لأحد المؤمنين المسيحيين إنها وجدت أن أعمال وتعاليم بوذا مماثلة - إلى حدٍ ما - لما عمله وعلَّم به المسيح!  وقالت إنه لا يوجد فرق بين بوذا والمسيح في رأيها، وأن مَن يؤمنون ببوذا، إذا أطاعوا تعاليمه، فقد عملوا كل المطلوب منهم!
فقال لها المؤمن المسيحي: “لماذا لا تؤمنين أنتِ إذًا ببوذا ما دمتِ لا ترين فرقًا بينه وبين المسيح؟!”

فأجابته قائلة: “إني وُلدتُ في أسرة مسيحية، وفي بلاد مسيحية، ولذلك أؤمن بالمسيح، ولكني لا أجد فرقًا بين بوذا والمسيح!”
فأجابها: “هل رأيتِ بين الصور والكتابات التي تشرح حياة بوذا ما يدل على أن بوذا مات على الصليب لأجل الخطاة؟”
فقالت: “كلا، لا يوجد مثل ذلك”
فقال لها: “وطبعًا إذا لم تكن هناك صورة لموته فلا تكون هناك صورة لقيامته من الموت”.
فقالت: “كلا”
فقال لها المؤمن: “إذًا لا يمكن أن يكون بوذا مثل المسيح بسبب هاتين الحقيقتين العظيمتين وهما أن المسيح مات مِن أجل خطايانا حسب الكتب (أي كتب العهد القديم)، وأنه دُفن (برهانًا على أن موته كان موتًا حقيقيًا)، ولكنه أيضًا قام في اليوم الثالث حسب الكتب؛ أي حسب ما هو مرموز إليه ومُتنبأ عنه في كتابات العهد القديم (1كورنثوس15: 1-4)”.
وقد سُرَّ هذا المؤمن إذ رأى أن هذه السيدة قد اقتنعت أنه لا يمكن أن يُقارن بوذا أو غيره - من البشر أو من الملائكة - بالرب يسوع المسيح، وأيضًا سُرَّ جدًا بأنها قَبِلت المسيح مُخلّصًا شخصيًا لها، وخصصت عمله على الصليب لنفسها.

أيها الأحباء: إن مجد ابن الله الوحيد ليس له مثيل، لا في الزمان الحاضر ولا في الأبدية.  فلم يُعطَ اسم آخر بين الناس لخلاصهم غير اسمه العزيز (أعمال4: 12)، ذلك لأنه هو وحده الذي مات من أجل الخطاة، وقام أيضًا من الموت.

لقد قالها المسيح، وما أصدق قوله: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ.  لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي» (يوحنا14: 6).  فإذا شعرت - عزيزي القارئ - بأنك تائه وضائع ضللت الطريق، فإني أرجوك ألا تتبع عقيدة أو إنسانًا، مهما علا شأنه، بل تعال إلى المسيح لتعرف الطريق، وتنال الحياة الأبدية.
إن الرب يسوع المسيح هو «الطَّرِيقُ»؛ الطريق الوحيد إلى الآب «لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي» (يوحنا14: 6).
وهو - تبارك اسمه - «الْحَقُّ»؛ ويا له من ضمان لنا في هذا العالم، حيث إبليس، المُخادع الأكبر، ينسج حبائل الغش ليصيد بها الغافل.  فالرب، الذي هو الحق، هو كفايتنا لنفحص به فلسفات البشر واقتراحات العدو، التي تجد قبولاً ورواجًا بين الناس.

وهو - له كل المجد - «الْحَيَاةُ»؛ «الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا» (1يوحنا1: 2)، والتي هي هبة الله لكل مَن يؤمن بابنه.
عَمَن مِن عظماء هذا العالم يُمكن أن يُقال هكذا؟  إن بوذا ومعنى اسمه “الذي استنار”، وجميع مَن تبعوه هم الآن في ظلمة دامسة.  أما يسوع فهو نور العالم، وقد ظهر مرة عند انقضاء الدهور لكي يُبطل الخطية بذبيحة نفسه (عبرانيين9: 26)، ويُبدد الظلمة، ويُعلن الله في ملء محبته.  إنه المستحق الوحيد لأن يكون موضع ثقة كل خاطئ.

ليت الخطاة يقبلونه مُخلّصًا شخصيًا لهم، فينالون به غفرانًا أبديًا كاملاً لخطاياهم، ونصيبًا مع المقدسين.