في نهاية اجتماع تبشيري للمُبشِّر المعروف “مودي”، قام شاب نُرويجي ليشهد عن إيمانه بالرب يسوع.
أراد الشاب أن يعرِّف الحضور أنه حصل على الخلاص، لكنه واجه صعوبة في التكلُّم بالإنجليزية، إلا أنه تمكَّن من أن يقول: “أنا هنا لأن الرب يسوع يُريد مني أن أكون شاهدًا له. لقد وعد أنه إن أخبرت العالم عنه فهو سيُخبر الآب عني”. وقد قال “مودي” لاحقًا: “إن شهادة ذلك الشاب دخلت قلب كل مَن كان حاضرًا في الاجتماع.
“إن أخبرت العالم عني”... نعم، هذا ما يعنيه الكتاب المقدس بالضبط عندما يقول إن علينا أن نشهد للمسيح.
إن الرب يسوع لا يريد لنا أن نكون تلاميذ صامتين. إنه يُشجِّعنا على أن نشهد بجرأة لنعمته أمام الآخرين. ويُقدِّم الكتاب المقدس دليلاً بليغًا على وجوب المجاهرة بشأن علاقتنا مع المسيح، إذ يقول الرسول بولس: «لأَنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ، وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، خَلَصْتَ». ثم يسأل: «كَيْفَ يُؤْمِنُونَ بِمَنْ لَمْ يَسْمَعُوا بِهِ؟ وَكَيْفَ يَسْمَعُونَ بِلاَ كَارِزٍ؟» (رومية10: 9، 14).
إن كل مَن يؤمن عليه أن يعترف علنًا بالخلاص الذي قَبِله. والاعتراف ليس شرطًا للخلاص، ولكنه تعبير خارجي - لا بد منه - عما قد حدث؛ لأنك إن آمنت بالرب يسوع المسيح فعليك أن تتكلم عنه وتعترف به.
وكثيرون يرغبون أن يخلصوا بالمسيح، ولكنهم ينفرون من عار الاعتراف باسمه الثمين! وهم يودّون أن يذهبوا إلى السماء عندما يموتون، ولكنهم لا يرغبون في الاتحاد بالمسيح المرفوض وهم على قيد الحياة. ومما لا شك فيه أن الله لا يرضى بذلك قَطّ؛ لأنه يتطلع ويطلب اعترافًا صريحًا تامًا بالمسيح أمام العالم الذي أظهر له كل عداء. والمسيح ربنا، أيضًا، ينتظر هذا الاعتراف منا بكل شجاعة، فهو - له كل المجد - قال: «كُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضًا بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، وَلَكِنْ مَنْ يُنْكِرُنِي قُدَّامَ النَّاسِ أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضًا قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ» (متى10: 32،33؛ قارن من فضلك مرقس 8: 38؛ لوقا12: 8؛ 2تيموثاوس2: 12؛ 1يوحنا2: 23؛ رؤيا3: 8).
أَليس من المنطقي أن يعترف تلاميذ المسيح به قدام الناس بلا خوف؟! فكل عار وخزي واضطهاد وضيق يحتملونه، سيُكافأ بكثرة في السماء عندما يعترف الرب يسوع بهم أمام أبيه في السماوات.
والاعتراف بالمسيح هنا يتضمَّن الولاء له بوصفه الرب والمُخلِّص، والاعتراف به فعلاً وقولاً معًا؛ شهادة الحياة وشهادة الفم.
أما إنكار المسيح على الأرض فسيُقابَل بالإنكار قدام الله في السماوات. وإنكار المسيح بهذه الصورة يعني رفض الإقرار بمطالبه في حياة كل منا. فالذين عبَّرت حياتهم عن أنهم لا يعرفونه، سوف يسمعونه يقول لهم في النهاية: “لا أعرفكم”. وطبعًا لا يُشير الرب إلى إنكاره بشكل عابر أو كزلة، مثلما حدث مع بطرس، بل بالحري يُشير إلى إنكار يومي ودائم. فإنكار الرب الدائم لا يحدث سوى مِن غير المؤمنين.
لقد أظهر اللص التائب، وهو فوق الصليب، الفرعين الرئيسين للإيمان الحقيقي الذي يخلِّص، فآمن بقلبه واعترف بفمه (رومية10: 9). نعم، فهذا اللص استطاع - بنعمة الله - أن يخالف العالم بأسره مخالفة تامة في أهم موضوع حيوي عُرض أو يمكن أن يُعرض، ألا وهو المسيح. فقد كان هذا اللص تلميذًا مُخلصًا للمسيح، وقد جاهر واعترف بما يكنّه قلبه من إيمان صحيح وثقة وطيدة؛ فاعترف بلاهوت المسيح وربوبيته وآمن بقيامته من بين الأموات وبمجيئه ثانية ليؤسِّس مُلكه «ثُمَّ قَالَ لِيَسُوعَ: ﭐذْكُرْنِي يَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ» (لوقا23: 42).
هذا اللص يُخجِِل عشرات الآلاف من المؤمنين اليوم الذين يَخجلون من المجاهرة بالمسيح وسط عالَمٍ معادٍ له، ناكرٍ لصليبه، وناكرٍ لربوبيته. نعم، ألا نخجل كلنا من قوة شهادة ذلك اللص يوم أن كان المسيح على الصليب بالمقابلة مع شهادتنا الباهتة الضعيفة، مع أن المسيح اليوم مُمَجَّد في السماء، وجالس عن يمين الله وقد دُفِع إليه «كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ» (متى28: 18)؟
آه، يا ليت يوجد كثيرون بيننا من أمثال هذا اللص التائب!!
عزيزي: إن كنت تُحبّ الرب؛ فمن واجبك أن تشهد له أمام الآخرين. يمكن أن يكون كل ما يعوزك للقيام بذلك هو أن تقول لشخص ما: “الرب يسوع يعني لي الكثير... خطايايَّ هي التي أتت بالمسيح إلى الصليب، والمسيح هو الذي أتى بي إلى الله... أتمنى لك لو تعرفه أنت أيضًا!”. ولسوف يُفاجئك ما يُمكن أن تفعله مثل هذه الشهادة البسيطة الصريحة.
اخبر كل العالم أنك مؤمن بالرب يسوع المسيح! لا تستحِ أن تحمل اسم المسيح! إن معبودنا وسَيِّدنا يستحق كل الثناء والمديح. وإذا كان الإيمان بالمسيح جديرًا بالحصول عليه، فهو أيضًا جدير بأن يُهدى الناس إليه. النفوس من حولنا تهلك بدون المسيح؛ فعلى كل واحد منا مسؤولية أن نذهب ونخبرهم عن محبته وخلاصه الكامل. فهلا تذهب وتُخبر الآخرين «كَمْ صَنَعَ الرَّبُّ بِكَ وَرَحِمَكَ» (مرقس5: 19).