نقدم إعتذارًا، يا مَن أحببتَ البشرْ
لم تمنعك الخطايا ولا القلوب الحجرْ
فقلبك الكبير، ربي، كم عفا وغفرْ
كم حملت السقام.. كم سترت الآثام
فماذا يا إلهى كان ردَّ البشرْ؟!
أهدوك في المهدِ ربي مزودًا للبقرْ
فهل هذا ما يليق بمسيحٍ منتَظَرْ؟!
فلأي حدٍّ كنتَ لديهم بمُحتَقَرْ؟!
ولأيِّ حدٍّ وصلَ الشرُّ بالبشرْ؟
رآك الناسُ، بجهلٍ، ابنًا للنجارْ
ولم يَرَوا سلطانَكَ في البَرِّ والبحارْ
رآوك سامريًا، قالوا: بكَ شيطانْ
ولم يعَلمَوا أنَّك خالقُ الأكوانْ
مَدَدَتَ ربي يديَك بالخيرِ والإحسانْ
ِشفيتَ كل المرضي، وأشبعتَ الجوعانْ
أقمتَ لهم الموتى، وأرحتَ التعبانْ
لكنْ قلوبَ البشرِ فاضتْ بالنُكرانْ
رفضوكَ طاردوكَ في كلِّ مكانْ
كم هاجوا ربي عليك؟! أرادوا يرجموكْ
لم يقبلوا كلامَك وبقسوةٍ طردوكْ
وبكلِّ غباءِ القلبِ، كم مَرَّة جرَّبوكْ؟!
فكم صنعوا فخاخًا لكي ما يُوقعوكْ؟!
وكم صَمّوا الآذانَ لكي لا يسمعوك؟!
وحتى الذين سمعوا قَطّ ما فهموكْ!
وبكلمات صعبة، ربي كم أهانوكْ؟!
هكذا هم عاملوك، يا ملكَ الملوكْ!!
لم يروا فيك الإلهَ، لم يروا فيك الحبيبْ
كان حبُّك للخطاةِ لهم شيئًا عجيبْ
أخذوك للقضاةِ، فكان الحكم غريبْ
لم يجدوا فيك عِلّة، كلا ولا حتى زَلَّة
فكان شهود الزورِ هُم مصدرُ الأدِلّة
فحكَمَتْ عدالةُ البشرِ أن تذهب للصليبْ
يا لقسوة البشرِ، ويا للشرِّ الرهيبْ!
هزأوا بربِّ المجدِ، وأكثروا له التعذيبْ
حتى ثيابه الفقيرة، لم تنجو من التخريبْ!
فضَّلوا عليكَ لصًّا سارقًا قاتلاً لئيمْ
رفضوا مُلكَكَ عليهم، قالوا بصوتٍ عظيمْ
لسنا نُريدُ هذا يملك ولا يسودْ
فليُصلبَ ويموت وذِكرُه لا يعودْ
علينا وأولادنا دمه. فكم كان الجحودْ!!
لم تجد إلهي قلبًا يحنو ويُشفق عليكَ
وفي حقدٍ شديدٍ، لطموكَ على خدَّيكَ
وفي شدة العطشِ، لم تَجِد من يرويكَ
جلدوك طعنوك، ثقبوا يديكَ ورجليكَ
لكنك، عجبًا، غفرت لمن أساء إليكَ!!
ونحن يا إلهى لسنا بأبرياءْ
فكلّنا اشتركنا في الجُرمِ والعداءْ
فكم عِشنا طويلاً غيرَ أمناءْ
ليس فينا حبَّك والبذلَ والعطاءْ
نسينا كم تعبتَ كي تصنعَ الفِداءْ
وكم شرِبتَ مُرًّا لنحيا في هناءْ
وكم ربي ضحيتَ لنضمن السماءْ
لهذا يا إلهي نقدِّم الاعتذارْ
ونرجو منكَ عونًا لتصحيح المسارْ
فلترضَ يا إلهي، ولتقبل الاعتذار
أحد المعتذرين
وليد قصدي