معجزات شفاء الأمراض (تابع)
القينا الضوء في العدد السابق علي معجزات شفاء الأمراض، وأشرنا أن الكتاب سجل لنا 12 معجزة شفاء أجراها الرب، ثم تكلمنا عن ست منها، وفي هذا العدد نلقي الضوء علي الستة الأخري.
1– معجزة تطهير الأبرص (اقرأ متي 8 : 2، مرقس 1 : 40، لوقا 5 : 12) :
البرص مرض مكروه، يفصل الانسان عن الله والناس، فالأبرص يقيم وحده معزولا ومنبوذا، ويشق ثيابه ويغطي شاربه وينادي " نجس نجس " (لاويين 13، 14) انه العار والخزي والفضيحة. وهذا ما فعلته الخطية في الانسان، فقد فصلته عن الله يوم طرد من الجنة، وعن أخيه الانسان يوم قتل قايين أخاه، وأيضا صارالانسان نجسا " صرنا كلنا كنجس " (اشعياء 64 : 6). والرجل الأبرص في هذه المعجزة كان يعلم أنه لا شفاء من مرضه ولا دواء لأمثاله. ولكن عندما سمع عن المسيح ذهب اليه لاحتياجه " لا يحتاج الأصحاء الي طبيب بل المرضي " ولم تمنعه حالته الميئوس منها، ولا خوفه من رفض المسيح له، بل آمن بقدرة المسيح علي شفاءه " تقدر أن تطهرني " وان كان شك في ارادته " ان أردت " لاصابته بأردأ أنواع المرض.
* في هذه المعجزة نري : حنان المسيح وقداسته الانسانية، فان كانت الشريعة تمنع لمس الأبرص فالمسيح لم يتنجس من لمسه ، لكنه عالج نفسيته المحطمة ، وأظهرأيضا قدرته الالهية ومجده، فهذا المرض لا يشفيه الا الله (2 ملوك 5).
• الهدف من ذهاب الأبرص للكاهن كان : للحصول علي شهادة شفاء من البرص بها يعود للمجتمع الذي نبذه، وأيضا ليقدم ذبيحة شكر للرب علي شفاءه.وليتمم الكاهن، ولأول مرة شريعة تطهير الأبرص " شهادة لهم " أن عمانوئيل، والرب شافيهم هو بينهم.
• شفي المسيح عشرة برص آخرين (لوقا 17 : 12) :
معجزة نري فيها :
• كان المرضي تسعة يهود وواحد سامري، وان كان اليهود لا يعاملون السامريين، لكن أمام الخطية يتساوي الجميع. لأن الجميع أخطأوا (رومية 3 : 23) ، والكل في حاجة لرحمة المسيح " لأن ربا واحدا للجميع ".
• الايمان قبل الشفاء : لم يلمسهم، ولم يشفهم في الحال، ليظهر ايمانهم بكلمته " اذهبوا " فاعتمدوا علي كلمته قبل أن يحدث تغيير في أجسامهم، فالايمان يري ما لا يري. وان كنا نري في الابرص الاول (لوقا 5) الخلاص بالنعمة، فهنا نراه بالايمان " لأنكم بالنعمة مخلصون بالايمان " (أفسس 2 : 8)
• أين التسعة : انشغلوا بالعطية ونسوا المعطي، أما السامري – العاشر – فلم يشغله شفاءه، ولا الذهاب للكهنة بل عاد ليعطي المجد لمن شفاه ويسجد له.
2– مريض بركة بيت حسدا (يوحنا 5 : 1 – 18) : عند بيت الرحمة – بيت حسدا – انتظارا للملاك الذي يأتي أحيانا، ومعاونة الآخرين له، ومحاولته الشخصية – بينما أنا آت – انتظر هذا المريض 38 سنة. وأخيراعاد الأمل الذي فقده بمجيء الرب يسوع له. ان المحاولات مع استخدام كل الوسائل المنظورة – الناس – وغير المنظورة – الملائكة – لا تعطي الخلاص والشفاء،
بينما أنا آت : 38 سنة تحت الناموس الذي يفترض القوة في الانسان ولا يمنحه اياها، صورة لعجز الانسان عن عمل ما يرضي الله.
قم : قالها له المسيح ليظهر أنه مصدر الشفاء والقوة الوحيد. بركات ينالها من يؤمن بكلمته.
رسالة السرير : طريح الفراش 38 سنة ويقوم فجأة ويمشي بلا علاج طبيعي أو عكاز، بل ويحمل سريره، أي طبيب عظيم هذا؟! كانت رسالة لمرضي البركة الذين رأوا شفاء زعيمهم ولم يطلبوا الرب بل ظلوا منتظرين الملائكة والناس ولكن هيهات. رسالة لليهود الذين أعمت الطقوس عيونهم عن رؤية المخلص ورب السبت.
أخي القاريء : ليتك تسمع صوت الرب يسوع " أتريد أن تبرأ ". فلا تضيع عمرك في النظر لممارسات وطقوس – كالبركة – وانتظار الناس والملائكة. بل التفت للمسيح واخلص، وتأمل في من شفاهم وخلصهم لتري قدرته ولا تكن كباقي المرضي الذين أضاعوا فرصة عمرهم وظلوا منتظرين الملاك. فهل تريد؟ " من يرد فليأخذ " وطوبي للجياع والعطاش.
3 – المستسقي (لوقا 14 : 1-4) : الاستسقاء مرض داخلي يجعل الانسان شرها في شرب الماء دون أن يرتوي، وكأنه صار عبدا للماء، فهو لا يشرب بارادته بل مجبرا، وهذا يسبب له انتفاخا.صورة للخطية التي لا تشبع الانسان " كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضا " ويصير الانسان عبدا لها " من يفعل الخطية فهو عبد للخطية " ومع هذا يتكبر وينتفخ علي الآخرين . فان كنت عزيزي القاريء مستعبدا لعادة ما، وتفعلها مجبرا، فلن تحررك محاولات الاقلاع عنها، فقط تعال للمسيح الذي قال " لأنادي للمأسورين بالاطلاق " فيطلقك من عبوديتك. فتشفي وتغتني وتكتفي.
4 – الأصم الأعقد (مرقس 7 : 31-35) : صورة للانسان الذي لا يسمع ولا يتكلم جيدا، بدءا من آدم، والخطية جعلته لا يسمع " سمعت صوتك فخشيت.. فاختبأت " وعندما تكلم ألقي اللوم علي الله " المرأة التي أعطيتني ". والانسان يسمع كل شيء وأي شيء، يسمع ما لا يعنيه أو يفيده، الا كلام الرب، فلا يرغب أن يسمعه، وان أراد لا يقدر علي السمع. وأيضا يتكلم مع أي شخص في أي شيء، الا الرب فلا يريد أن يتحاجج معه، وان أراد يجد لسانه أعقد. فظاهريا له لسان وآذان لكنه لا يسمع ولا يتكلم، صورة للمتدينين الذين لهم صورة التقوي ولكنهم منكرون قوتها.
الصم يسمعون والخرس يتكلمون : هذا يحدث لمن يلتقي بالمسيح، يسمع أولا، ثم تنخس الكلمة قلبه فيتكلم متسائلا " ماذا أفعل " فيقوده الروح للتوبة والايمان. وهنا يصير له " آذان للسمع " ولسان كالقلم في يد كاتب ماهر.
5 – ابراء اذن ملخس (لوقا 22 : 51) : معجزة تختلف في زمانا ومكانها عن باقي المعجزات، انها آخر معجزة قبل الصليب أجراها المسيح وهو في أكثر مشاهد العداء الذي يضم يهوذا الخائن وموكب العبيد الأعداء وعلي رأسهم ملخس، الذي أتي ليمد يده للقبض علي المسيح، وأيضا جموع أبغضوه بلا سبب، لكن آلام الصليب المقبل عليها الرب، وكراهية الانسان له لم تمنع جريان محبته لأعدائه! ففي حماس بطرس الجسدى قابل العنف بالعنف وضرب ملخس بالسيف وقطع اذنه. وهنا نري آخر ما عملته يد المسيح قبل أن تثقب وتجرح علي الصليب، لقد امتدت بالشفاء لألد الأعداء!