لخص الرسول بطرس خدمة المسيح في هذه الآية «يسوع الذي من الناصرة كيف مسحه الله بالروح القدس والقوة الذي جال يصنع خيرًا ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس لأن الله كان معه» (أعمال10: 38).
في هذا العدد سنبدأ بتناول معجزات إخراج الشياطين وعددها سبع معجزات. فحقيقة الأرواح الشريرة وسكناها في كثير من أجساد الناس يؤكدها الكتاب المقدس، وليست وهم وخيال. والمسيح جاء ليحرر الانسان من تسلط إبليس.
1. شفاء الأخرس المجنون (متى9: 32-34)نرى هنا الروح الشرير وهو يتسبب في الخرس والجنون، ويا له من إنسان شقي. فمن بداية الخليقة نرى الشيطان يحرم أبانا آدم من الكلام مع الله. ألا نرى كثيرين اليوم يتكلمون مع أي أحد وفي كل شيء، «وأمام الرب كأن اللسان مربوط؟! فماذا نفعل عندما نراهم في عائلاتنا وأماكن سكنانا وأعمالنا؟ ليس مطلوب منا أن نضغط عليهم ليتكلموا، أو نعلمهم كيف يتكلموا مع الرب، بل نهتم بهم ونقدِّمهم إلى المسيح ونقدِّم المسيح لهم. فهذا الرجل لم يأت من نفسه، والمسيح لم يذهب إليه، بل آخرون أتوا به. وهل نشكر الله على نعمة البصر والنطق ونستخدمهم لمجد المسيح؟
نتيجة المعجزة: يتعجب الناس بالمعجزات، بل ويطلبون أن تحدث لهم، ولكن ما أقل من يؤمن بصاحب المعجزات.
2. شفاء المجنون الأعمى الأخرس (متى12: 22-24)في المعجزة السابقة ضرب الشيطان عقل ولسان الإنسان. وهنا ضرب عينيه أيضًا كي لا يبصر «إله هذا الدهر أعمى أذهان غير المؤمنين» (2كورنثوس4: 4). فهو لا يترك شيئًا للإنسان؛ فيسلبه عقله حتى لا يفكِّر في مصيره، ولا يرى الطريق للهروب منه ولا يطلب المساعدة من أحد. لقد صار الجنس البشري موضوعًا في الشرير، وتحت سلطانه. لكن المسيح الأقوى، دخل بيت القوي، ونهب أمتعته؛ وكل من يؤمن به يقول مع نبوخذنصر: «رفعت عيني إلى السماء (بعد أن كان أعمى)، فرجع إليَّ عقلي (بعد أن كان مجنونًا)، وباركت وسبحت وحمدت الحي إلى الأبد (بعد أن كان أخرس)» (دانيال4: 34).
نتيجة المعجزة: الجموع تعجَّبت، ثم بدأوا يعترفون به كابن داود. أما الفريسيون فقد احتقروا المسيح وجدَّفوا على معجزاته مدّعين أن خروج الشياطين هو بإرادتهم لا بقوة المسيح لتحالفه مع رئيسهم.
3. شفاء الذي به الروح النجس في المجمع: (مرقس1: 23-26؛ لوقا4: 33-35)تعتبر هذه المعجزة الأولى تاريخيًا في معجزات إخراج الشياطين، وفيها نرى شخص به روح نجس في المجمع مكان العبادة! ولا عجب إن كنا نرى أرواح نجسة شيطانية تعمل وسط الأماكن الدينية التي تتغطي بستار التقوى من الخارج، وفي الداخل موت وفساد كالقبور المبيضة. وهذه الضربة أصابت الأفراد والقرى والبلاد والأمم أيضًا (إشعياء1: 4-16). ومع هذا يوجد علاج وحيد وهو دخول المسيح ليأخذ مكانه في القلب، وفي مكان العبادة وفي البلاد، وهنا فقط تخرج الأرواح النجسة. وهذا ما جعل الروح النجس يصرخ «ما لنا ولك يا يسوع الناصري»، فلا توافق بين النور والظلمة، والمسيح وبليعال.
نتيجة المعجزة: الشياطين تعرف وتعترف بالمسيح وتشهد أنه «قدوس الله». والناس الذين جاء ليخلِّصهم ويصنع الخير لهم ويشفيهم من تسلط إبليس لم يعرفوه وقالوا عنه «به شيطان»! إن الشيطان هو أول من خاطب المسيح باسم «يسوع الناصري»، أما نحن فنتشؤف بأن ندعوه “الرب والسيد والمعلم” كما كان يفعل التلاميذ.
4. شفاء مجنون كورة الجدريين (متى8: 28-34؛ مرقس5: 1-20؛ لوقا8: 26-39)وقعت أحداث هذه المعجزة في بلدة جدرة بمنطقة جرجسة على بحر طبرية. وفيها نرى – كباقي المعجزات – صورة لكل إنسان لم يؤمن بالمسيح وما يفعله به الشيطان. وأيضًا نرى خلاص الرب الكامل لكل إنسان يأتي إليه.
حالة الإنسان:1– يسكن القبور: مكان الأموات، ولمسها بحسب الشريعة نجاسة. والإنسان ميت بالذنوب والخطايا، ويعيش في عالم محكوم عليه بالموت، وأموات روحيًا يدفنون أموات جسديًا كما قال الرب «دع الموتى يدفنون موتاهم».
2– على السلاسل والربط يثور: تجتهد الحكومات والمنظمات والمحاكم أن تضع قوانين وشرائع لمنع الجريمة أو الحد منها ويطالب الناس بتغليظ العقوبة. ولكن هيهات فالشر والسرقة والارهاب والبلطجة في ازدياد.
3– جسده مليء بالجروح: من يفعل الخطية يضرّ نفسه أولاً. فما أكثر جروح الرئة والشرايين والقلب بين المدخنين ومدمني الخمور. قال الرب «من يخطئ عني يضر نفسه» (أمثال8: 36).
4– لا يلبس ثوبًا: أول نتيجة للخطية أعترف بها آدم «لأني عريان فاختبأت»، فقد جرَّده الشيطان من ثوب البراءة، فلا يخدعك عزيزي القارئ بعدم احتياجك للمسيح وتقول «فلا حاجة لي إلى شيء» وأنت في الحقيقة «شقي وبائس وفقير وأعمى وعريان» (رؤيا3: 17).
5– ضار للآخرين: كم يتضرر اقتصاد البلاد بسبب البلطجة والارهاب، وكم من بيوت خربت بسبب فساد من فيها، وكم من أبناء تشردت بسبب شر والديهم؟!
نتيجة المعجزة:* جالسًا: يا لها من جلسة عند قدمي يسوع ليسمع كلامه. والجلوس أيضًا علامة الراحة.
* لابسًا: صار له ثياب الخلاص ورداء البر ومن يلبس المسيح لا يوجد بعد عريانا.
* عاقلاً: بعد التحرر من الشيطان يعود له عقله وللصورة التي خلقه عليها الرب.
* شاهدًا: قال له الرب «اذهب خبِّر»؛ إنها رسالة حية يراها الأهل والجيران: ماذا كان وكيف صار. فهل فيك يرون يسوع؟!
الشياطين والخنازير: الشياطين تعترف بسلطان المسيح عليهم، لذا طلبوا الإذن بالدخول في الخنازير. وتأمل كيف أحطّت الخطية من قدر الإنسان وصيَّرته أقل من الحيوان «اَلثَّوْرُ يَعْرِفُ قَانِيَهُ وَالْحِمَارُ مِعْلَفَ صَاحِبِهِ، أَمَّا إِسْرَائِيلُ فَلاَ يَعْرِفُ. شَعْبِي لاَ يَفْهَمُ» (إشعياء1: 3). فالخنازير – حيوان نجس بحسب الشريعة – لم تحتمل العيش مع الشياطين كإلانسان، ومن موتها في البحر نجد أن الشيطان لا يقدِّم للإنسان إلا الموت والهلاك.