الحَمَل المُخلِّص ... والأَسَد القاضي
روى أحد المُبشِّرين هذه القصة:
جَمَحَ حصان وانطلق راكضًا وهو يَجُرّ عربة بها طفل صغير. ورأى شابٌ الطفلَ في العربة، فأسرع لمنع الخطر المُحدق به. وجازف الشاب بحياته ليُمسك بالحصان الجامح ويُوّقفه.
وكبر هذا الطفل الذي تمَّ إنقاذه، لكنه صار رجلاً خارجًا على القانون. وفي أحد الأيام مَثُل أمام القضاء منتظرًا الحكم عليه في جريمة خطيرة. وتعرَّف السجين على القاضي؛ لقد كان هو بعينه الشاب الذي سبق وأنقذ حياته وهو طفل صغير، منذ سنوات خلت.
حاول الرجل استعطاف القاضي، مُذكّرًا إياه بشهامته التي أنقذته في الماضي وهو صغير. لكنَّ الكلمات التي خرجت من منصة القضاء أسكتت كل محاولات الاستعطاف. قال القاضي: “أيها الرجل.. آنذاك كنت مُخلِّصك. أما اليوم فأنا قاضيك. ولا بد أن أحكم عليك بالموت شنقًا.”
وهكذا فإن الناس يتوسمون العطف والرحمة في محبة الله ورحمته وغفرانه، وينسون أنه عادل وبار وقدوس أيضًا. والإنجيل لا يُخبرنا عن إله يتغاضى بسبب محبته عن الخطايا، بل يُكلّمنا عن إله يُحب الخطاة، وقد ظهرت محبته لهم في مواجهة مطاليب عدله ضد خطاياهم، لأن المسيح؛ حَمَل الله الوديع، قد احتمل كل عقوبة خطايانا بكل هديرها وعجيجها. لقد جاء - له كل المجد - إلى هذا العالم ليموت عن خطايانا، وليُخلّص كل مَنْ يؤمن به. وهذا عرض قائمٌ اليوم. لكن سيأتي يوم ما، ينتهي فيه هذا العرض، لأن حَمَل الله المذبوح لأجل خطايانا سيُصبح الأسد الذي سيدين كل مَن رفضه.
لقد رآه يوحنا الرائي في الأصحاح الخامس من سفر الرؤيا «خَرُوفٌ قَائِمٌ كَأَنَّهُ مَذْبُوحٌ» (رؤيا5: 6)؛ هو قائمٌ في عرش القضاء، حامل في جسده سمات تعدّي البشر عليه، وناهضٌ للانتقام لدمه منهم ما داموا لم يحتموا فيه كقولهم: «دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا» (متى27: 25). ولكنه سُمي «الأَسَدُ الَّذِي مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا» (رؤيا5: 5)، لأن الذي كشاة سيق إلى الذبح، ها هو كالأسد ينهض لافتراس ذابيحه ورافضيه، مُنهيًا عرض كفارته على رافضي شخصه، ناهضًا كَالأَسَدُ الخارج مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا – ابن داود – الوارث الشرعي والأبدي لعرشه ومُلكِه، ليؤسِّس ملكوته على الأرض، دائسًا أعداءه تحت قدميه، ومُلاشيًا من طريقه كل رافضي شخصه وكفارته.
ولا توجد طريقة للخلاص من الوقوع في يدي الديان العادل – ومخيف هو الوقوع في يديه – إلا طريقة واحدة أشار إليها المسيح بالقول: «هَكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ» (يوحنا3: 16). وأكد الرسول بولس بقوله: «آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ» (أعمال16: 31). فكيف تنجو أيها العزيز بغير هذه الطريقة؟
أيها الأحباء: يُمكننا اليوم أن نتقابل مع الرب يسوع باعتباره حَمَل الله المذبوح لأجل خطايانا، فننال منه الخلاص. لكن إذا لم نرجع إليه بالإيمان، فسنقف أمامه في يوم من الأيام باعتباره قاضٍ عادل، لننال منه القصاص. وعندئذٍ سيقول لنا: “على الأرض كنت مُخلّصكم، لكنَّكم لم تؤمنوا. واليوم أنا قاضيكم، فلتذهبوا عني بعيدًا إلى الهلاك الأبدي.” ولكن هؤلاء الذين يؤمنون بالحمل المذبوح، لن يضطروا لمواجهة الأسد في يوم الدينونة.
إن ما نفعله بالمسيح اليوم، سيُحدِّد ما سيفعله المسيح بنا لاحقًا. فاسمعوا أيها الخطاة؛ فالرحمة تناديكم بأعذب الأصوات، تدعوكم أن تسرعوا في طلب المُخلّص، لئلا تسقطوا في يد العدالة. فيا قارئي العزيز: إن كنت لم تُسلِّم قلبك للمسيح للآن، ليتك تهرب من الغضب الآتي بقبولك – من كل قلبك – خلاص الله الكامل بعمل ابنه المحبوب على الصليب.
| سُفِكَ الدَّمُ الْمُطَهِّر |
| وَالْعَدْلُ قَدِ اكْتَفَى |
| لا تُؤَخِّرْ لا تُؤَخِّرْ |
| لا تُهِنْ مَنْ قَدْ وَفَى |
| فَتَعَالَ لا تُؤَخِّرْ |
| لا تُؤَجِّلِ الدُّخُولْ |
| عَنْ قَرِيبٍ تَتَحَسَّرْ |
| فَتَبْكِي وَلا قَبُولْ |