الخوف هو شعور داخلى غير محبب بعدم الإطمئنان على شئ محدد مثل البيت أو المال أو الصحة، أو شئ غير محدد. لسبب معلوم أو لسبب مجهول. وهو عاطفة أساسية فى جميع البشر بلا استثناء. وزيادة المنافسة وصراع الحياة جعلها حالياً ممتلئة من أسباب الخوف والهلع حتى أن أمراض الخوف تمثل أعلى نسبة أمراض نفسية فى كل دول العالم. وكلمة الخوف أو «لاتخف» من أكثر الكلمات التى تتكرر فى الكتاب المقدس وهذا يكشف إلى أى مدى يتعرض الانسان لاختبارات الخوف المتنوعة.

  حدود الخوف وأنواعه :
والخوف قد يكون نوعاً من عدم    الإطمئنان البسيط الذى يزول بزوال السبب أو قد يأخذ شكلاً مرضىاً ويصل إلى حد الرعب والهلع الذى يغطى كل مجالات الحياة ويخيم على النفس من الصباح إلى المساء. وهو يختلف أيضاً باختلاف المرحلة العمرية فمثلاً الطفل يخاف أكثر من الحيوانات، وفى سن المراهقة من مواجهة الآخرين أو عدم قبوله منهم، الطالب من الامتحانات، والعمر المتوسط من الأمراض والضغوط الاقتصادية وفى الشيخوخة من الموت، مع بقاء أن أى شخص فى أى سن معرض للخوف من أى شئ.

كما أن الخوف قد يكون  خوفاً منطقىاً وهذا النوع من الخوف هو رد فعل فسيولوجى مبدئى يأتى نتيجة إدراك لخطر معين، وهو متناسب مع درجة الخطورة ومفيد جداً للإنسان لأنه خط دفاع أعطاه الله للشخص لتجنب الخطر. وفى هذا الخوف لاينشغل الإنسان بمخاوفه بل ينشغل بالسبب المخيف فيقوده هذا الشعور للتحفز وتكريس الطاقة كلها للتغلب على سبب الخوف أو تجنبه مثلما قيل عن نوح «خاف فبنى فلكاً لخلاص بيته» (عبرانيين 11: 7). وقد يكون خوفاً غير منطقى وهو أكثر كثيراً من السبب وفيه ينشغل الشخص بنفسه وبمخاوفه فتتشتت طاقاته وعليه فهذا الخوف عائق نفسى.

بعض أسباب الخوف : 

      للخوف أسباب نفسية   كثيرة منها : التركيبة النفسية المولود بها الشخص (فهناك أناس بالفطرة أكثر خوفاً من غيرهم).  كثرة التعرض للمخاوف فى الطفولة، صدمات نفسية يتعرض لها الشخص فى مراحل حياته المختلفة« ضغوط نفسية فى الظروف المحيطة حالياً.   وروحياً أيضاً توجد أسباب كثيرة تساعد على زيادة  المخاوف فى نفوس المؤمنين مثل: 

تحويل  العين  عن  الرب  والمشغولية  بما حولنا مثل بطرس «»لكن لما رأى الريح شديدة خاف» (متى 14: 30) 
المشغولية  بنفوسنا  والتفكير فيها كثيراً  والاهتمام  بما يقوله الآخرون مثل إيليا «فلما رأى ذلك قام ومضى لأجل نفسه» (1ملوك 19: 3).
  الضعف الروحى العام مثل حالة الشعب قديماً فى أيام شاول عندما رأوا جليات «وجميع رجال إسرائيل لما رأوا الرجل هربوا منه وخافوا جداً» (1صموئيل 17: 24).

وسائل التعبير عن الخوف
:
الشعور بالخوف يعتبر نوعاً من عدم الكفاءة فى التركيب الإنسانى، والاعتراف به يعنى الاعتراف بالعجز، ولذلك غالباً ما ينكر الإنسان خوفه على مستوى العقل الباطن، وبالتالى يعبر الخوف عن نفسه فى كيان الإنسان بطرق غير مباشرة منها:

1-الادعاء الكاذب بالبطولة:
فعندما أتى الجند ورؤساء الكهنة ليقبضوا على الرب قال له التلاميذ «يارب أنضرب بالسيف. وضرب واحد منهم عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه» (لوقا 22: 49 ، 50)، ثم عندما ظهرت المخاوف على حقيقتها قيل عنهم فى نفس المشهد «حينئذ تركه تلاميذه كلهم وهربوا» (متى 26: 56)، والذى ضرب بالسيف تبعه من بعيد ثم أنكره. إنه رد فعل عكسى لإخفاء الخوف، والشخص الذى يعوض خوفه بتصنع القوة الزمنية معرض لأن يعيش غريباً عن نفسه ويحركه رأى الآخرين فيه، ولايشبع قط من تصنع القوة إلى أن يصدم فى نفسه يوماً ما مثلما حدث مع بطرس عندما «خرج إلى خارجٍ وبكى بكاء مراً» (لوقا 22: 62).

2 - ادعاء القداسة أو ادعاء الخضوع لمشيئة الله
: بما يقود إلى الانفصال عن الآخرين أو الامتناع عن فعل شئ ما مع أنه صحيح. مثلما حدث مع بطرس فى أنطاكية فكان يأكل مع الأمم «لكن لما أتوا (أناس يهود) كان يؤخر ويفرز نفسه خائفاً من الذين هم من الختان» (غلاطية 2: 21).

3 -  ادعاء المحبة للآخرين:
وبالتالى التقرب منهم خوفاً وتجنباً لايذائهم مثلما حدث مع يعقوب «فخاف يعقوب جداً وضاق به الأمر» (تكوين 32: 7)، ثم أرسل هدية كبيرة جداً لأخيه عيسو يعبر بها له عن محبته الزائفة التى تخفى خوفه منه «لأنه قال أستعطف وجهه بالهدية» (تكوين 32: 20) ثم عندما قابله قال له «لأنى رأيت وجهك كما يرى وجه الله فرضيت علىّ» (تكوين 33: 10).