ذات يوم كنت مستقلاً الحافلة رقم 28 من محطة قطار “تاونتون” إلى “ماينهيد” على ساحل “سومرسِت” بشمال إنجلترا. ومن المحطة التي ركبت منها، وفي التوقيت نفسه، صعدت إلى الحافلة سيدة وابنها، تصادًف أنها تقصد محطة الوصول التي أقصدها أيضًا. بمجرد صعودها إلى الحافلة أظهرت تذكرتها إلى السائق. لكنه، بعد أن ألقى عليها نظرة بعين المختصّ، قال لها: إن التذاكر التي اشترتها لن تصل بها إلى حيث أرادت، بل تصلح فقط إلى ثلثي المسافة.
أعقب ذلك مجادلة لم تطل طويلاُ، لكنها كانت حادة بشكل ملحوظ، حاولت فيها السيدة أن تحتج بأنها اشترت هذه التذاكر تحديدًا عن طريق الكمبيوتر، وأنه تأكَّد لديها هي شخصيًا من الإنترنت أنها دفعت ما يكفي لأن يصل بها إلى ماينهيد. بينما أصر السائق أن تذاكرها لا تكفي، وأنه لا بد لها أن تدفع 4 جنيهات إسترلينيه لطفلها، بالإضافة إلى 5,5 جنيهات لها إذا أرادت أن تصل إلى ماينهيد.
رفضت السيدة الأمر بغضب واضح. وعندما طلب منها السائق أن تغادر الحافلة هي وطفلها، طلبت منه أن تسافر إلى أبعد محطة يمكن أن تصلها بواسطة التذاكر التي لديها. اتفق الطرفان على ذلك، وانطلقت الحافلة أخيرًا.
عندما وصلنا إلى المحطة المقصودة، التي هي أقصي مسافة تسمح بها تذكرة المرأة، توقَّف السائق مناديًا: “وصلنا إلى المحطة”. فلم يتحرك أحد. فأوقف محرك الحافلة بانفعال وقال موجِّهًا حديثة إلى المرأة: “لن نتحرك من هنا سيدتي حتى تدفعي الثمن الإضافي، أو تُغادري الحافلة!”
بعد مجادلات أخرى، غادرت السيدة وابنها الحافلة وهي تدّعي أنها لم تخطئ. وقبل مغادرتها، تحققت من اسم السائق ورقم الحافلة لكي تتمكن – على حد قولها - من عمل شكوى رسمية لدى شركة الأتوبيس.
معاصرتي هذه الحادثة أجال بخاطري أفكار عن أهمية تأكَّدنا من أن رحلتنا إلى السماء قد دُفع ثمنها كاملاً قبل أن نبدأها. للأسف، لن يصل الكثيرون لأنهم يثقون في حقائق مضللة واعتقادات خادعة. ومهما كانت درجة إخلاصك، فإن اعتمادك على أنصاف الحقائق أو على أكاذيب صريحة لن يؤدي بك لنهاية جيدة. فأن تدفع نصف، أو ثلثي، أو حتى 90% من ثمن التذكرة لن يكون كافيًا في النهاية، لا بد أن يُدفع الثمن بالكامل.
قال الرب يسوع المسيح: «فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ... أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا». وهو قال أيضًا: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي» (يوحنا14: 2،3، 6). لقد دفع الرب يسوع المسيح الثمن كاملاً لكي تستطيع أن تصل إلى السماء؛ دفعه عندما سُفك دمه على صليب الجلجثة، دفعه لأنه ما كان بإمكانك أن تدفعه، وكل ما ينتظره الآن منك هو أن تقبل خلاصه الكامل، بالإيمان بعمله من أجلك على الصليب، فتنال هذا الخلاص العظيم بالمجان.
لا أستطيع أن أعرف إن كانت هذه السيدة قد قامت بعمل شكوى رسمية أم لا. ولن أستطيع أن أعرف بماذا أجابتها شركة الأتوبيس إذا كانت قد شكت. لكني أعرف أنه من المهم جدًا لكل إنسان أن يتأكد يقينًا أن تذكرته إلى السماء لا تخضع لأدنى شك أو جدال. اقبل كل ما عمله يسوع المسيح لأجلك، افعل ذلك الآن، قبل أن يفوت الأوان.
| وانت مسافر ع الأبدية |
| لا بد تكون ويَّاك |
| تذكرة السفر مختومة |
| بدم يسوع مولاك |
| خدها منه الآن |
| لَيفوت الأوان |
| ترجع تندم، وتضيع منك |
| فرصة الغفران |
كولن سالتر – عن الإنجليزية بتصرف