دخلت ريهام الفصل مكشَّرة ووشّها مقلوب.. بصّت لندى بصة صعبة، وقالتلها: أنا مش قاعده جنبك تاني، وأظن انتي عارفة ليه.
استغربت ندى جدًا وقالت لها: بس أنا عملت إيه؟
قاطعتها ريهام في الكلام وقالت: مش عاوزة اتكلم معاكي تاني من فضلك.
عدَّى اليوم الدراسي ببطء.. يوم كئيب.. حزين.. روَّحوا اصحابنا مهمومين.. أصل الخصام طعمه مُر!!
حاولت ريهام تركز.. بكرة فيه امتحان.. لكن تذاكر إزاي وهي شايلة الهم؟!
حاولت تصلي قبل ما تفتح كتاب. اتنهدت وبكلمات متقطعة قالت له: ساعدني يا رب عشان أعرف اذاكر.
فتحت كُتبها وقعدت تقلِّب فيهم.. بس السرحان كان أقوى:
يا ترى ليه ندى قالت لماما؟! أكيد عاوزة تهز ثقتها فيا بعد ما شافت قد إيه أنا وماما أصحاب! أو عاوزة تشوِّه صورتي قدامها!
صوت جوا ريهام قعد يقول لها: بس ندى مش كده! متظلميهاش!!
قطع تفكير صاحبتنا صوت خبط الباب.. دخلت ماماتها ومعاها الشاي والكيك.. لكن الغريب إنها حطّت الصينية وقعدت!!
* إيه يا ماما؟؟ هتذاكريلي النهاردة؟!
ابتسمت ماماتها وبصتّلها بصة حب بعمق.. احمَّر وشّ ريهام، وعرفت إن مامتها هتحكي معاها في الموضوع اللي كانوا بيتكلموا فيه هي وبابا امبارح.
قالت لها مامتها: ندى اتصلت بيا من شوية ومنهارة عشان انتي مخاصماها من غير سبب!!
اتغاظت ريهام وقالت لها: يا ماما آخر حاجه كنت اتوقعها إن ندى تحكي أسراري لحد.. وده للأسف حصل.
استغربت ماما وقالت لها: قالت أسرارك لمين؟!
اتكسفت ريهام وقالت لها: أنا سمعتك وانتي بتحكي مع بابا امبارح.
ضحكت ماما وقالت: إنتي فاكرة إن ندى هي اللي قالت لي إن انتي معجبة بمايكل؟!
احمَرّ وشّ صاحبتنا وقالت: امال عرفتي منين؟! أنا كنت هحكيلك بنفسي. هو مفيش حاجة أكتر من إن شخصيته عجبتني.
حضنتها مامتها وقالت لها: إنتي بنتي، أنا حاسة بيكي من غير ما تتكلمي. مش غريب واحدة في سنك تحس بانجذاب ناحية الجنس الآخر، لكن اللي لازم تخافي منه هو إنك تتجاوبي معاها غلط.
* ازاي؟
** إنك تدخلي في علاقة عاطفية مش في وقتها.
* بس يا ماما ده مجرد إعجاب ومن ناحيتي أنا بس، إيه اللي فيها؟! ده انتي متعرفيش البنات اللي عندنا في المدرسة بيعملوا إيه.
** أكيد عارفة يا حبيبتي إن اللي بيتعمل منهم مش مظبوط، بس إنتي مختلفة، إنتي ملك ربنا، وعشان كدة عاوزة احذرك من خطورة إنك تسترسلي في الأفكار، حتى لو دي مُجرد أفكار ومن ناحيتك انتي بس. الأفكار دي هتستنزف طاقة رهيبة، وهتعيّشك في عذاب لأنها مش هتقف عند حد كدة، هتنقل معاكي لمشاعر وتتعذبي من إنه إعجاب من طرف واحد. حاجة تانية مهمة جدًا وهي إن الكتاب المقدس بيسمي أي عواطف برة الجواز بالهوى، ودي خطية، وهتعطل علاقتك بالرب. واللي بيتساهل وبيفتح المجال لأن عواطفه تكون بتتحرك، هيلاقي نفسه بيستثار من أبسط حاجة، ويدخل في علاقات كتير، ومشاعره تتبهدل. لكن اللي بيتعلم يضبطها ويلجمها، هيعرف يتحكم فيها بسهوله، لحد ما يقابل الشخص المعين من الله ليه للجواز في الوقت المناسب والسن المناسب.
* يعني الواحد يعمل إيه في عواطفه دي، وفي وسط ما زمايل كتير حواليا داخلين في علاقات بجد مش مجرد أفكار؟!
** لازم ترتبي أولوياتك، الرب هو الأهم هو اللي يستاهل إني أعيش له، والرب هيقدَّر أمانتك في عواطفك دي في وقتها.
* ولحد ما يجي وقتها ما اتعاملش مع ولاد خالص؟ طب ازاي؟!
** لا طبعًا تتعاملي لكن كإخوة بكل طهارة، زي ما بولس الرسول قال لتيموثاوس. تتعاملي معاهم في مجموعات مش علاقات فردية. كلامك يكون في حاجات عامة مش في حاجات شخصية. كل ده هيضمن ليكي إنك تكوني مؤمنة مُتزنة؛ مش متزمتة لكن عايشة بالقداسة.
* وعواطفي دي؟ إزاي اتعامل معاها لحد ما يجي الوقت المناسب؟ بتطلع غصب عني!
** المشاعر يا حبيبتي هتطلع، لكن اللي هيحميكي من الغلط هو إنك دايمًا تشبعي بالرب؛ لأن النفس الشبعانة تدوس العسل وللنفس الجائعة كل مُر حلو. اللي يحميكي إنك تحطي عينك في وسط راسك، وتبعدي عن أي مصادر إنتي عارفة إنها بتثير العواطف عندك، زي السمع أو النظر أو الخيال والأفكار. خلي بالك في الاوقات اللي بتنضغطي فيها نفسيًا إن الشيطان بيحب دايمًا يلعب لعبته ويوقّعك؛ عشان كدة دايمًا اترمي على الرب، واشكيله واحكيله كل حاجة، ومتسمحيش لأي خطية تعطل شركتك بيه لأن هو اللي هيديكي القوة إنك تعيشي بالأمانة والقداسة في وسط العالم الشرير. وممكن طبعًا تحكيلي أو تحكي لندى واحنا بدورنا هنصليلك.
* فكرّتينى بندى يا ماما.. أنا لازم أكلمها اتأسف لها وأصالحها. أنا ظنيت فيها السوء وده مش صح خالص!
ريهام: الو ازيك يا ندى.
ندى: مش كويسة.
ريهام: أنا فعلاً متأسفة جدًا يا ندى، سامحيني.
ندى: ليه يا ريهام تعملي كدة؟
ريهام: أنا وحشة، وقلبي مش مليان محبة، وعشان كدة ظنيت فيكي سوء. سامحيني عشان خاطري، انتي صاحبتي اللي بعتز بيها ومش هلاقي زيها.
ندى: أنا طبعًا مسامحاكي لاني بقدَّر صداقتنا جدًا، وبشكر ربنا لأجلها. لكن أنا عاوزة أفهم هو إيه اللي حصل؟
ريهام: بكرة في المدرسة هحكيلك كل حاجة بالتفصيل الممل.
وإلى اللقاء مع مواقف تانية لهذا الثنائي اللطيف اللي جمعته الدِكة.