بحسب الموسوعة الحرة، ويكبيديا، الكلمة “عربيزي” تعني “أبجدية غير محدَّدة القواعد، مُستحدثة، غير رسمية. ظهرت منذ بضعة سنوات، ويستخدمها البعض للتواصل عبر الدردشة على الإنترنت أو رسائل المحمول باللغة العربية أو بلهجاتها. وتُنطق هذه اللغة مثل العربية، إلا أن الحروف المستخدمة في الكتابة هي الحروف والأرقام اللاتينية بطريقة تشبه الشيفرة”.
تقول بعض الإحصائيات أن ٨٤٪ من الشباب يستعملونها كلغة للتواصل. ويطلق عليها أيضًا “الأرابيش” أو “الفرنكو”.
وهي تُكتب إما بالأرقام، فيعطى رقم لكل حرف مثل "٢=همزة، ٧=ح، ٥=خ، ..الخ." فكلمة “سؤال” بالعربية تكتب “so٢al” بالعربيزي و“sa٧e٧” تعني “صحيح”، وهكذا. بالإضافة لبعض الاختصارات المعروفة من اللغة الإنجليزية مثل: See you=CU.
يصعب على البعض قراءتها، بينما البعض الآخر أصبح من الأسهل لهم الكتابة بها عن الكتابة بالعربية أو الإنجليزية.
لا تزال الكتابة بهذه الطريقة غير مسموح بها في أوساط العمل والأوساط الرسمية.
وأنا لست بصدد توضيح موقف من هذه “الأبجدية”، فهذا متروك لاستحسانك الشخصي، وإنما أود مشاركتك – عزيزي القارئ – ببعض الأفكار الكتابية بخصوص “اللغة”:
١- أصل اللغات
يخبرنا الكتاب، في تكوين١١: ١ ٩، أن البشر ظلوا لفترة طويلة يتكلمون لغة واحدة، حتى أرادوا بناء مدينة وبرجًا رأسه بالسماء، الغرض منه كما أوضحه الكتاب “نصنع لنفسنا اسمًا”. مما اعتبره الله تمرُّدًا صريحًا عليه؛ فبَلبَل لسانهم (أي جعلها لغاتهم غير مفهومة بعضهم لبعض)، ومن هنا نشأت اللغات المختلفة في الأرض، والتي أصبحت تُعَدُّ بالآلاف. ثم تبدَّد البشر على وجه الأرض وكان “اللسان”، أي اللغة، هو أساس التقسيم (تكوين١٠: ٥، ٢٠، ٣١). ومن هنا نفهم أن اللغات المختلفة كانت وصمة التمرد على الله. وأضحت اللغات عقبه في سبيل تواصل الناس واتحادهم.
أراد البشر الاتحاد معًا ضد الله؛ ففرَّقهم الله. لكنه عاد ليجمع المؤمنين الحقيقيين به في كيان جديد مجيد، هو الكنيسة، التي لا فرق فيها بين الناس على أساس اللغة أو على أي أساس آخر. وقريبًا سيكون المفديون في السماء حول المسيح من كل لسان (رؤيا٥: ٩). هذا هو عمل نعمة الله التي لا يقف أمامها مانع، حتى ولو كان شر الإنسان.
٢-اللغة والهوية
اللغة تسهم بشكل كبير في تحديد هُويّة الشخص. وهناك قول شهير لأحد الفلاسفة “تكلَّم فأرَاك” أي “أستطيع أن أعرف الكثير عنك إذا تكلمت كلمات قليلة”. هذا ما حدث مع بطرس، تلميذ المسيح، في وقت محاكمة المسيح، حيث كان يجب أن يكون بجوار سيده، لكنه جلس بين العبيد في دار رئيس الكهنة، وكانت النتيجة إنكاره للمسيح. «جلس بطرس بينهم» (لوقا٢٢: ٥٥). لكنهم بسهوله ميَّزوا تبعيته ليسوع فقالوا له «أنت منهم، فأن لغتك تُظهرك».
كان بطرس بينهم لكنه لم يكن منهم، وهكذا المؤمن الحقيقي فهو يعيش في العالم لكنه ليس من العالم (يوحنا١٧: ١٤)، وله مكانه الصحيح الذي يجب أن يكون فيه وهو أن يكون تابعًا للرب (لوقا٥: ١١). لكن بطرس وقت المحاكمة «تبعه (الرب) من بعيد» (لوقا٢٢: ٥٤).
وكذلك فكل تلميذ للمسيح ليس من العالم، ومن الطبيعي أن تكون له لغته التي تميِّزه عن لغة العالم. ففي الوقت الذي يصف فيه الكتاب الأشرار بالقول «حنجرتهم قبر مفتوح، بألسنتهم قد مكروا، سم الأصلال تحت شفاههم، وفمهم مملوء لعنة ومراره» (رومية٣: ١٣-١٤)؛ هذا ما تنتجه الخطية. لكن بالولادة الجديدة من الله ونوال الطبيعة الإلهية، يتغير الكيان؛ فيتغير اللسان. ويصبح الترنيم والصلاة والشهادة للرب هي لغة الإنسان الجديد (أعمال٣: ٨؛ ٩: ١١).
شهد أعداء المسيح عنه قائلين «لم يتكلم إنسان قط مثل هذا الإنسان» (يوحنا٧: ٤٦)، ومن سمعوه تعجِّبوا من «كلمات النعمة الخارجة من شفتيه» (لوقا٤: ٢٢). وهكذا، فكلما نمونا في معرفة المسيح ستتغير لغتنا لتشبه لغته.
٣-تُكتب ولا تُنطق!
تستطيع أن تكتب بـ“العربيزي” ولكن أن أردت نطقها فستنطقها بالعربية أو بالإنجليزية، أي بلغة الكلمة الأصلية. كذلك في حياتك، يمكن أن تكتب وتعبِّر كثيرًا دون أن تنطق بكلمة واحدة. هل تذكر مريم التي دهنت قدمي الرب بطيب ناردين خالص كثير الثمن ومسحت قدميه بشعرها، وكيف امتدح الرب عملها، وتكلم الملايين، بل وتعلموا، من تلك التي لم تنطق بكلمة واحدة (يوحنا١٢: ١ ١١).
٤-اكتب بوضوح
يقول الرسول بولس للمؤمنين في ٢كورنثوس٣:٣ «ظاهرين أنكم رسالة المسيح... مكتوبة لا بحبر بل بروح الله الحي، لا في ألواح حجرية بل في ألواح قلب لحمية».
إنه أمر خطير، نحن رسالة الله للعالم، والسؤال: ماذا يقرأ الناس من خلالنا عن الله؟ يا ليتنا نكون حريصين أن نوصل المعاني التي في الله للعالم من حولنا بكل وضوح.