اللي درس درس


 شايفك يعني ماسك ورقة وقلم... إنت رجعت تاني للمذاكرة ولا إيه من ورايا؟!

 هو أنا المفروض أديلك تقرير عن كل خطوة بأعملها... أنا فعلاً هابتدي أذاكر وأدرس... بس هأدرس الكتاب المقدس.

 ياااه... دلوقتي افتكرت تدرس الكتاب... ده انت خلاص ذاكرتك راحت وعمرك جري ووقتك ازدحم... اللي درس درس من زمان...

 دايمًا إنت مُحبِط ومُفشِّل في كلامك... لكن أنا مش هاعتمد على قدرتي الخاصة ولكن على قدرة الله اللي هي لحسابي لأن «قُدْرَتَهُ الإِلهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَالتَّقْوَى» (٢بطرس١: ٣).

 ونعم بالله يا أخويا... طيب وإنت هاتدرس الكتاب ليه؟ ما كفاية الوعظات اللي بتحضرها والبرامج اللي بتشوفها...

 ما هي دي الخدعة بتاعتك لكتير من المؤمنين... وهي اختزال الحياة الروحية في علاقة جماعية أو مشاهدة بصرية... رغم أنها أساسًا علاقة فردية شخصية مع الله... صحيح البرامج رائعة، لكن أنا مش هافضل اتفرج من بعيد على ناس درست الكتاب واستمتعت بيه وأنا قاعد اتحسّر على نفسي... أنا نفسي أنزل الملعب واستمتع زييهم.

 وإيه اللي هاتعمله فيك دراسة الكتاب دي؟! أهي معلومات لا هاتقدِّم ولا هتأخَّر.

 رجعت لمهنتك يا كذاب... بالعكس دي هاتنقل حياتي بالكامل... ده كفاية إنها هاتحفظني من الشر «يَا ابْنِي، احْفَظْ كَلاَمِي وَاذْخَرْ وَصَايَايَ عِنْدَكَ. احْفَظْ وَصَايَايَ فَتَحْيَا، وَشَرِيعَتِي كَحَدَقَةِ عَيْنِكَ... لِتَحْفَظَكَ مِنَ الْمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ، مِنَ الْغَرِيبَةِ الْمَلِقَةِ بِكَلاَمِهَا» (أمثال٧: ١، ٢، ٥)، فأنا لما هاحفظها هي كمان هاتحفظني.

 ياه (ضحكة عالية) يعني كل الدوشة والدراسة دي علشان بس تحميك من الخطية والشهوة؟! ده انت طلعت غلبان قوي...

 طبعًا إنت شايفها حاجة قليلة... لكن ده أمر مهم جدًا في الأيام دي... لأن الشر سهل في كل مكان وزمان... ولعلمك، لو دخلت الكلمة حياتي وحمتني من جوة من الشهوة والخطية... دي بداية الطريق ومش نهايته، لإن ساعتها ربنا هايستأمني على أسرار كلمته لأن «سِرُّ الرَّبِّ لِخَائِفِيهِ، وَعَهْدُهُ لِتَعْلِيمِهِمْ» (مزمور٢٥: ١٤).

 طيب وهاتدرس إزاي بقى؟! ده انت ما عندكش ولا كتاب تفسير... استنى لما حد يوجِّهك ولا تاخد كورس من أي كلية.

 أنا هاتِكِل مباشرة على ربنا، وهاتواضع أمامه، وهو مش هايبخل عليَّ بالشرح والتفسير... صحيح كتب التفسير رائعة وكتبها ناس أمناء في أصعب ظروف وبأقل الإمكانيات، لكن عمرها ما كانت بديل عن النور الشخصي اللي يديه ربنا للمؤمن في خلوته ودراسته.

 وجبتها منين دي كمان؟!

 جبتها من كلام المسيح عن الروح القدس اللي ساكن جوة كل المؤمنين، اللي قال عنه: «رُوحُ الْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ» (يوحنا١٦: ١٣)، واللي قال عنه الرسول يوحنا «وَأَمَّا أَنْتُمْ فَالْمَسْحَةُ الَّتِي أَخَذْتُمُوهَا مِنْهُ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ، وَلاَ حَاجَةَ بِكُمْ إِلَى أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ، بَلْ كَمَا تُعَلِّمُكُمْ هذِهِ الْمَسْحَةُ عَيْنُهَا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ» (١يوحنا٢: ٢٧)، ولو وقْفِت قدّامي حاجة صعبة، ربنا أكيد هيوجد لي كتاب أو شخص يكون بيفهمني الحاجة اللي محتاجها.

 بس... كده ضمنت إنك تشطح في أفكارك... ومش هايبقى ليك أي مرجعية... وهاتتشكك في كل حاجة هاتقراها وتعرفها.

 بالعكس ده أنا هاكون فاحص بجد لكلمة إلهي مش مجرد ناقل ليها، زي ما الكتاب مدح أهل مدينة بيرية أنهم «قَبِلُوا الْكَلِمَةَ بِكُلِّ نَشَاطٍ فَاحِصِينَ الْكُتُبَ كُلَّ يَوْمٍ: هَلْ هذِهِ الأُمُورُ هكَذَا؟» (أعمال١٧: ١١)، رغم إن اللي كان بيوعظهم هو بولس الرسول نفسه بكل سلطانه وموهبته.

 بص من الآخر... انت بتاع كلام وعند التنفيذ بتنزل على مفيش... تقدر تقولي تفرق إيه المرة دي عن كل المرات اللي قررت فيها تدرس الكتاب وفشلت فيها؟! قوللي بس...

 أنا مش هابص على أي فشل في الماضي «لأَنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالنُّصْحِ» (٢تيموثاوس١: ٧).

 دي آية بتصبَّر نفسك بيها... وبتتحط على الشهادات وخلاص.

 لأ دي مش مجرد آية... دي مفتاح النجاح في الحياة الروحية... لإن فيها القوة اللي تضمن الاستمرار، والمحبة اللي تجدّد الدوافع وتطرد أي خوف، والنصح اللي يضبط النفس وكمان هو سلامة العقل sound mind، وأنا مش محتاج أكتر من كده.

وانصرف العدو إلى حين... وصرفت أنا وقتًا في دراسة كلمة إلهي... واعترفت له بقلة معرفتي وصعوبة إدراكي، ففاض عليَّ بغزارة أفكاره وجلال أنواره... وتأجل الحوار مع عدوي إلى جولة أخرى وأرض معركة أخرى