قول إنجليزي شهير جدًا يعني أن ما يأتي بسهولة يضيع بسهولة. والغرض منه زرع فضيلة الاجتهاد في الإنسان وإقناعه أن الوصول لكل شيء بسهولة ما هو إلا حلم وخيال. وغالبًا كان يُقال لمرتادي صالات المقامرة الذين يبغون الثراء السريع، فربما أنهم يحصلون سريعًا وبسهولة على بعض الأموال ذات مرة، لكن بسهولة أيضًا يخسرونها في المرة الأخرى.
ورغم أنه من الممكن رصد استخدام هذا التعبير أدبيًا منذ أكثر من أربعة قرون، إلا أنه ما زال، بل وربما زادت أهميته، هذه الأيام. ففي أيامنا، التي سهلت فيها نسبيًا أشياء كالسفر والاتصالات والشراء وغيرها، إلا أنه يبقى أن كثير من الأشياء لا بد من الاجتهاد فيها كالنجاح والتفوق والفهم. والمشكلة أن كثير من الحالمين يعيشون وهم الحصول على كل الأشياء بسهولة. ومع توفر الميديا والتكنولوجيا، أصبح الوهم أكثر سهولة وانتشارًا. فترى واحد يعيش الوهم في ألعاب تحاكي الحياة العملية ليصل للبطولة والثراء وهو جالس أمام لوحة المفاتيح. وآخر ادعى الفهم لمجرد حصوله على بعض معلومات من محرك بحث على الإنترنت، ناسيًا أن هناك فرق كبير بين المعلومة والمعرفة والفهم. وغيره ينشد أمجادًا باطلة من بعض ضغطات الإعجاب (like) والكومنتات على مواقع التواصل الاجتماعي. وهناك من سمح لنفسه بتحقيق مكاسب غير مشروعة ليحقِّقها بسهولة. بينما يقول الكتاب «حَجَلَةٌ (أحد الطيور) تَحْضُنُ مَا لَمْ تَبِضْ (والنتيجة عندما يفقس البيض لن يكون لها شيء) مُحَصِّلُ الْغِنَى بِغَيْرِ حَقّ. فِي نِصْفِ أَيَّامِهِ يَتْرُكُهُ وَفِي آخِرَتِهِ يَكُونُ أَحْمَقَ!» (إرميا١٧: ١١).
ستبقى الأمور الهامة، وعلى رأسها النمو الروحي وخدمة الله، لا بديل عن الاجتهاد فيها. والكلمة “اجتهد” ومشتقاتها تتكرر في كلمة الله مرات يصعب حصرها، أكتفي بذكر التالي منها: «الرَّخَاوَةُ لاَ تَمْسِكُ صَيْدًا، أَمَّا ثَرْوَةُ الإِنْسَانِ الْكَرِيمَةُ فَهِيَ الاجْتِهَادُ... أَرَأَيْتَ رَجُلاً مُجْتَهِدًا فِي عَمَلِهِ؟ أَمَامَ الْمُلُوكِ يَقِفُ. لاَ يَقِفُ أَمَامَ الرَّعَاعِ!» (أمثال١٢: ٢٧؛ ٢٢: ٢٩).