تمَّت في مستشفى بيت صيدا التخصصي للعيون، وقد قام بها طبيب يهودي. هذا الطبيب ولد في قرية فقيرة في فلسطين، وتربّى في أسرة فقيرة كانت تعيش على مهنة النجارة.
وفي يوم من الأيام زار هذا الطبيب تلك المستشفى، وقدموا إليه حالة مريض بالعمى لرجل يدعى أساف. وبعد الفحص الاكلينيكي، صَمَت الطبيب بُرهة، ونظر حوله، مما آثار دهشة المحيطين، مصحوبة بأسئلة فضولية، قائلين للطبيب: ماذا في الأمر يا دكتور؟
فأجاب الطبيب قائلاً: إن هذه حالة فريدة من نوعها، فالمرض مزدوج، وبالتالي لا بد أن يتم العلاج على مرحلتين:
المرحلة الأولى إعادة الإبصار
والمرحلة الثانية تصحيح الإبصار، وهي المشهورة عالميًا باسم “الليزك”.
وهنا أمسك الطبيب بيد الرجل الأعمى، وخرج خارج أسوار القرية على الطرق الرئيسية، وبدأ في إجراء المرحلة الأولى من العملية الخطيرة والصعبة جدًا. كانت في منتهى الغرابة، فقد تفل هذا الطبيب في عيني الأعمى ووضع يديه عليه. والناس ينظرون لبعضهم البعض مندهشين تعلو جباههم علامات الاندهاش، وفي عيونهم علامات الحيرة، وعلى ألسنتهم علامات استفهام أو استنكار. ولكن لم ينطق أحد ببنت شفة. ووسط دهشة الناس هذه، سأل الطبيب الرجل: هل أبصرت شيئا؟
وهنا كانت الدهشة الكبرى عندما أجاب الرجل قائلاً: نعم أبصر أيها الطبيب، ولكني أرى الناس طوال القامة وكأنهم اشجار يتمشون في الطرق المحيطة بالمستشفى. فقال له الطبيب: صف لنا على وجه الدِقَّة ما ترى الناس عليه. فقال الرجل: إني أرى سلامة الاشرار.
فسأل الطبيب ثانيةً، وماذا ترى أيضًا؟
فاجاب الرجل: «لَيْسَتْ فِي مَوْتِهِمْ شَدَائِدُ، وَجِسْمُهُمْ سَمِينٌ. لَيْسُوا فِي تَعَبِ النَّاسِ، وَمَعَ الْبَشَرِ لاَ يُصَابُونَ... جَحَظَتْ عُيُونُهُمْ مِنَ الشَّحْمِ. جَاوَزُوا تَصَوُّرَاتِ الْقَلْبِ. يَسْتَهْزِئُونَ وَيَتَكَلَّمُونَ بِالشَّرِّ ظُلْمًا... جَعَلُوا أَفْوَاهَهُمْ فِي السَّمَاءِ، وَأَلْسِنَتُهُمْ تَتَمَشَّى فِي الأَرْضِ... مُسْتَرِيحِينَ إِلَى الدَّهْرِ يُكْثِرُونَ ثَرْوَةً»
هذه كانت نظرة هذا الرجل للناس وهم كاشجار يتمشون.
ولكن الطبيب العظيم قال له: حسنًا، لقد عاد إليك البصر، وبذلك تمت العملية الأولى بنجاح، هيا معي لكي أجري لك العملية الثانية، وهي تصحيح الإبصار. هيا معي إلى غرفتي الخاصة التي تسمى «مقادس الله» وهي غرفة تصحيح الابصار.
فدخل الرجل مع الطبيب غرفة المقادس، وأجرى له عملية الليزك لتصحيح البصر.
وهنا هتف الرجل منتبها قائلاً: يا لي من الغباء والبلادة، كيف كنت أرى الأمور هكذا؟
فسأله الطبيب قائلاً: بأي صورة ترى الناس الآن؟
فقال الرجل إني أراهم على حقيقتهم.
فماذا رأى الرجل بعد تصحيح الأبصار؟ رأى الاشرار في مزالق وإلى البوار. رآهم كيف صاروا إلى الخراب بغتة. رآهم وهم قد اضمحلوا وقد فنوا من الدواهي. رآهم وقد ذهبت أحلامهم أدراج الرياح.
وهنا تبَّخَرَت علامات الاندهاش من الناس المحيطين، وزالت أسئلة الاستنكار من الرجل، وعَلَت صيحات التهليل وتسبيحات الحمد والشكر لله، وجعل يمسك قيثارته وينشد قصيدة كتبها خصيصا للطبيب العظيم قائلاً:
«وَلكِنِّي دَائِمًا مَعَكَ. أَمْسَكْتَ بِيَدِي الْيُمْنَى. بِرَأْيِكَ تَهْدِينِي، وَبَعْدُ إِلَى مَجْدٍ تَأْخُذُنِي. مَنْ لِي فِي السَّمَاءِ؟ وَمَعَكَ لاَ أُرِيدُ شَيْئًا فِي الأَرْضِ». أنت صخرة قلبي ونصيبي طول الأيام، انت ملجإي وسوف أخبر الكل بما صنعته معي. الاقتراب إليك حسن لي.
وجعل يواصل الرجل تسبيحاته قائلاً:
انا لي إله عظيم |
| انا لي إله عظيم |
ويغني بين الناس |
| أنا لي إله عظيم |
يسوع الهي بيقدر |
| وبيعمل معجزات |
ولا عنده حاجة صعبة |
| ولا عنده مستحيلات |
وللحصول على الملف العلاجي الكامل لهذه القصة المثيرة اقرأ إنجيل مرقس الإصحاح الثامن والإعداد من ٢٢ حتى ٢٦ مع المزمور الثالث والسبعين.
لكن، عزيزي القارئ، هذا الطبيب ليس متخصصًا في العيون فقط، بل في جميع الامراض. فتراه متخصِّصًا في الأمراض النفسية والعصبية والباطنة والحميات والنسا والأذن والحنجرة والعمود الفقري والعظام. وقد زار هذا الطبيب مستشفيات أخرى خلاف مستشفى بيت صيدا التخصصي للعيون، وعمل فيها عمليات مستعصية أيضًا، مثل مستشفى بيت حسدا لحالات الشلل المزمنة التي تصيب النخاع الشوكي، ومستشفى سلوام التخصصي لزراعة العيون.
والخبر العظيم أيضًا أنه قريب منك جدًا ويمكنك الاستفادة من خدماته.
هذا هو الطبيب العظيم له كل المجد يسوع المسبح ابن الله.