عزيزي الله

تحية طيبة وبعد،
كيف حالك؟
أعلم إنك لا تَعيا.. لا شيء يقدر أن يصيبك وأنت من بيده كل الأمور..
أنت لا تنعس، ولا تنام أيضًا، بل تظل ساهرًا لحماية أولادك..
ولكني أسألك كيف حالك لأعرف بِمَ تشعر اليوم؟
هل أنت سعيد؟!
سعيد بأولادك وبالحياة التي يحيونها؟!
سعيد بعيشهم في مخافتك بالقدر وبالكيفية التي ترضيك؟!
سعيد لأنه اقترب موعد اللقاء بك؟!
دعني أسألك عني:
هل أنت سعيد بي؟!
هل ترضيك طرقي؟!
أنا أتنفّس السعادة كلّما ازدادت معرفتي بك..
عزيزي الله..
الأمور في هذا الكوكب الصغير تسوء كثيرًا..
لست أحدِّثك عمّا يجري في عالمنا وكأنك لا تدري، ولكني أريد أن أعرف مشاعرك حيال ما يجري من حولي..
ماذا عن:
الحروب والنزاعات؟!
القتل بدم بارد؟!
الوحشية وانعدام الإنسانية؟!
هؤلاء من يفترسون البشر؟!
هل أنت بغاضب؟
الحقد يشوب الأرجاء والخبث والكراهية يملآن النفوس ..
العبوسة على وجه الكثيرين..
المرض أصاب العديد؛ كبارًا وصغارًا دون تمييز!
بِمَ تشعر حيال كل هذه الأمور؟!
هل أنت غاضب؟ أم متألم؟ أم حزين؟
حزين من تشوّهات دخول الخطية إلى العالم؟
حزين لأنها ليست ما كنت تريده للمسكونة؟
أنا حزينة.. حزينة وأرتجف خوفًا ممّا وصل إليه حال البشر.. فكثيرًا ما يكون الحيوان أكثر رفقًا على الحيوان من الإنسان على أخيه الإنسان!
الأمهات الحنائن طبخن، ويطبخن، أولادهن!
أتألم لآلام المنسحقين تحت ثقل التجارب والأمراض والهموم.
ولكن.. عندي رجاء..
فأنت في الأبدية سوف تُنهي كل تلك الأحزان..
عندي رجاء لأنك وعدت بأن الأبدية معك ليس للحزن والدموع مكان فيها.. بل أفراح وسلام..
لا مكان فيها للمرض والألم.. بل كل الراحة والبهجة..
عندي إيمان بأنك عادل قدير، وأنك ترد حقَّ المظلومين.
وإلى أن يحين موعد اللقاء بك، تظلّ مَعيّة روحك القدوس المرافق طوال الطريق.. معتنٍ ومحبّ.. معزٍّ ومشجع.. مهذّب ومغيّر بلطف وحنو..
لم ولن تتركنا يتامى، كما وعدت..
اجتَزت الألم بكل مرارته قبلًا، تقدر أن تُعيِن المجرَّبين.
عزيزي الله...
هل أنت حزين مني؟
حزين لأني لست أجتهد بالقدر الكافي؟
حزين مني حين أشكو مصاعب الحياة؟
أنا حزينة من وقوفي كثيرًا في مكاني.. فالعمر يمضي هباءً..
لكني بداخلي أريدك.. وأريد أن أرضيك، وأن أعمل معك بكل ما عندي من قوة!
أثق إنك تشكِّل فيَّ.. وإن فشلت أنا في نفسي فأنت لست تراني فاشلة.
فروح الفشل ليست منك!
أنت من لا يقصف القصبة المرضوضة ولا يطفئ حتى الفتيلة المدخِّنة!
أثق إنك ستعمل فيَّ إلى أن أتغيَّر إلى تلك الصورة التي تبغيها لي..
عزيزي الله..
أنت تعلم ما أعانيه من تشتُّت أفكاري أثناء الاجتماعات..
تعلم أن الروتين الروحي يُفقدني لذة التمتع بك..
تعلم ما لا أعلمه أنا عن ذاتي وعن مقدار حبي لك.. هل هو كثير أم قليل!
ما هو شعورك حيال ما سردته لك عن حالي؟
عزيزي الله...
أنت تعلم إني أحب أن أصفك بأنك “كبير”..
فشؤونك كثيرة وقدرتك أيضًا خارقة..
أعتقد إني مهما حييت لن يستطيع عقلي استيعابك..
ولكنك..
ستظل كبيرًا عن تصوراتي..
فحنانك لا بد إنه أكثر مما أتصوَّر.
ومحبَّتك عميقه بما لا يستطيع قلبي وعقلي أن يتخيَّل.
وحكمتك عميقة؛ ليست سهلة الفهم...
فأنت لست بالعجوز الأشيب الساكن في قمة جبل بعيد، ويلزم كل من يطلب حكمته السفر لأيام معدودة!
ليس لتعاملاتك منهج معروف!
لكن تبقى أنت، خلال المحكَّات والتجارب، الإله المألوف؛ بل أروع..
كبير بما لا يعوق وصولك إليَّ في تيهاني.. تعرف دوامًا الطريق لملاقاتي..
الوحيد من يخترق حديثه عقلي وقلبي الصغير..
عزيزي الله..
أرسل إليك لأخبرك
بأني أستمتع بالنسمات العليلة التي ترسلها إليًّ صباحًا ومساءً؛ مخًّبره إياي إنك موجود.. أشعر بك.. وأحب ذلك كثيرًا..
يزداد إدراكي لمدى عظمتك كلّما تأمَّلت الشفق الأحمر وقت الغروب.. والسماء الداكنة متلألئة بالنجوم الفضية في الليل..
كلما تأملتهما، تسري في جسدي قشعريرة.. ليس خوفًا.. بل لتجلي شعوري بعظمتك.. يليها إحساسي بأني محفوظة بقوة إله عظيم..
أُحبّ الحديث معك، وأحب أن أستمع إليك، وأترقَّب إجاباتك على ما يشغلني في كل ما يدور من حولي...
سوف أستمر في مراسلتك لأني أعلم أيضًا أنك تحب ذلك جدًا..
مع حبي