مثل منتشر في عِدّة لغات فيُقال مثلاً بالإنجليزية “We are all like the bright moon, we still have our darker side”. ويُقصد به أن ليس مَنْ هو كامل، وليس مَنْ كل ما لديه لامع وحسن، لا بد وأن هناك شيء سلبي. وفي الغالب يُقال المثل لصاحب الشأن إما لإثنائه عن افتخار باطل، أو لتشجيعه ليعمل على تَقَبُّل نقصه وسداده. فلا داعٍ إذًا لإنكار سلبياتنا أو محاولة تجميلها! بل علينا مواجهتها والبحث عن علاج لها.
كما قد يُقال للآخرين حتى لا يبالغوا في ملامة شخص على سلبياته، بل لنعلم جميعًا أننا جميعًا إذا وُزنا بموازين الله سنوجد ناقصين (مزمور٦٢: ٩؛ دانيال٥: ٢٧)، فلا ندين القذى في عين إخوتنا والخشبة في أعيينا (متى٧: ١-٥).
والحقيقة أن القمر كله مظلم في طبيعته! هذا ما أثبتته رحلات مركبات الفضاء التي نُظِّمت إليه في منتصف القرن الماضي. لكنه يعكس أشعة الشمس، فنراه على الأرض مضيئًا. وكلما كانت المنطقة المواجهة منه للشمس أكبر، كلما قَلَّ الجزء المظلم فيه.
وجدير بنا أن نعي ذلك تمامًا. فليس فقط أنه ليس شيء فينا مضيء في حد ذاته، بل حريّ بنا أن نقول مع مَنْ اكتشف هذه الحقيقة «فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ سَاكِنٌ فِيَّ، أَيْ فِي جَسَدِي، شَيْءٌ صَالِحٌ. لأَنَّ الإِرَادَةَ حَاضِرَةٌ عِنْدِي، وَأَمَّا أَنْ أَفْعَلَ الْحُسْنَى فَلَسْتُ أَجِدُ» (رومية٧: ١٨). لكننا نضيء عندما نرى النور ونعرف شمس البر، ربنا يسوع المسيح، فيبدأ النور في حياتنا ويتم قوله «أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ» (يوحنا٨: ١٢).
وكلّما كنّا في شركة معه أكثر وقضينا معه وقتًا أطول، تم فينا «وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ... نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ» (٢كورنثوس٣: ١٨)، وغُمِرَت طبيعتنا المظلمة فعكست نور المسيح.
وقد يبدو القمر مظلمًا إذا حدث له “كسوف”. ويحدث هذا عندما تقع الأرض بينه وبين الشمس، فتحجب نوره. والمؤمنون يُشار إليهم بالقمر (مزمور٨٩: ٣٧؛ نشيد٦: ١٠)، وهم يظلمون عندما تحجب نورَهم أمور الأرض أو «كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ: شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الآبِ بَلْ مِنَ الْعَالَمِ» (١يوحنا٢: ١٦).
كما أن هناك إظلامًا آخر يحدث عندما يقع القمر نفسه بين الشمس والأرض؛ فلا يضيء بل ويحجب ضوء الشمس نفسها عن الأرض. وليرحمنا الرب من أن نكون عثرة تُظلم الطريق للآخرين (لوقا١٧: ١، ٢). لذا علينا أن نستمع للقول «فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ» (متى٥: ١٦).