مثل شهير بالعامية المصرية، يُقصد به أن الحذر واجب عن طريق الهروب مما هو خطر. ومن باب الفكاهة قد يضيف البعض إليه كلمات مثل “والجري نص المجدعة”.
الخوف غريزة وضعها الله في الكائنات الحية عمومًا، وهي غريزة لازمة لحفظ الحياة. فإذا لم تَخَف من النار فألقيت نفسك فيها ستحترق، وإن لم تخف من أن تصدمك سيارة وأنت تعبر الطريق ستكون النتيجة مؤسفة. وأحد النتائج التلقائية للخوف هي الهرب من مصدر الخطر. وليس من الطبيعي أن نخاف من كل شيء، ولا أن نخاف كل الوقت؛ فغريزة الخوف مصمَّمة على أن تعمل عند الخطر. والخوف في غير وقته معطّل للحياة، وقد يتدهور الأمر إلى وضع مرضي من الهلع أو ما يسمونه علميًا “الرهاب (الفوبيا)”.
وبالنسبة لموقف الكتاب المقدس من الخوف، يمكننا أن نجمله في ثلاثة أفكار:
١. خَفْ من الدينونة إن كنت لم تتعرف بالمسيح مخلصًا
كانت الدينونة وشيكة الوقوع على سدوم وعمورة – فأمر الملاكان لوط قائلين: «اهْرُبْ لِحَيَاتِكَ. لاَ تَنْظُرْ إِلَى وَرَائِكَ.. اهْرُبْ إِلَى الْجَبَلِ لِئَلاَّ تَهْلِكَ» (تكوين١٩: ١٧). والحقيقة أن الدينونة وشيكة على هذا العالم المليء بالشر والذي كاد يستنزف كل أناة الله بلا توبة واقترب من يوم الغضب واستعلان دينونة الله (رومية٢: ٤، ٥). لذا فلتخف. وليقودك هذا الخوف إلى الحمى والملاذ من الغضب، بالإيمان بالمسيح الذي احتمل الدينونة لتنجو أنت إن قبلته بالإيمان.
٢. خَفْ من الخطية حتى بعد الإيمان
عندما حاولت امرأة فوطيفار إيقاع يوسف في الشر، يخبرنا الكتاب أنه «تَرَكَ ثَوْبَهُ فِي يَدِهَا وَهَرَبَ وَخَرَجَ إِلَى خَارِجٍ» (تكوين٣٩: ١٢). وهذا هو الحل أمام فخاخ الخطية. لذا ينصح بولس تيموثاوس الشاب «وَأَمَّا أَنْتَ يَا إِنْسَانَ اللهِ فَاهْرُبْ مِنْ هذَا (كان قد سبق وذكر مجموعة من الشرور» (١تيموثاوس٦: ١١). ويضيف أن نهرب من «الشَّهَوَاتُ الشَّبَابِيَّةُ» (٢تيموثاوس٢: ٢٢)، و«الزنا» (١كورنثوس٦: ١٨).
٣. لا تخَفْ بعد ذلك من ظروف الزمان
إن هربت لحياتك إلى المسيح، وتعلمت أن يكون منهج حياتك الهروب من الخطية؛ فلا تخف من شيء إذن. إن الوعد «لا تخف»، «لا ترهب»، «لا ترتعب»، هو أكثر وعود الله ترديدًا في الكتاب، يُحسب بالمئات. أكتفي بجزء صغير منها لكنه كافٍ لأن يملأ القلب بطمأنينة تفوق كل ما يأتي به الزمان. ردِّد معي واطمئن: «وَالآنَ هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ، خَالِقُكَ..: لاَ تَخَفْ لأَنِّي فَدَيْتُكَ. دَعَوْتُكَ بِاسْمِكَ. أَنْتَ لِي. إِذَا اجْتَزْتَ فِي الْمِيَاهِ فَأَنَا مَعَكَ، وَفِي الأَنْهَارِ فَلاَ تَغْمُرُكَ. إِذَا مَشَيْتَ فِي النَّارِ فَلاَ تُلْذَعُ، وَاللَّهِيبُ لاَ يُحْرِقُكَ. لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ... مُخَلِّصُكَ.. إِذْ صِرْتَ عَزِيزًا فِي عَيْنَيَّ مُكَرَّمًا، وَأَنَا قَدْ أَحْبَبْتُكَ... لاَ تَخَفْ لأَنِّي مَعَكَ. لاَ تَتَلَفَّتْ لأَنِّي إِلهُكَ. قَدْ أَيَّدْتُكَ وَأَعَنْتُكَ وَعَضَدْتُكَ بِيَمِينِ بِرِّي.. لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ الْمُمْسِكُ بِيَمِينِكَ، الْقَائِلُ لَكَ: لاَ تَخَفْ. أَنَا أُعِينُكَ» (إشعياء٤٣: ١-٤؛ ٤١: ١٠-١٣).