إختبار المصفاة المثلث

جاء رجل لسقراط الفيلسوف، بحماس شديد قائلاً له: هل سمعت ما حدث لأحد تلاميذك؟ فقال له: قبل أن تتحدث، أريد أن أجري اختبار المصفاة. فسأله: وما هو؟ فقال: هو اختبار يجب أن نجريه قبل أن نتكلم، فهيا نبدأ في تصفية ما تقول.

أولاً: مصفاة الحقيقة

هل ما ستخبرني به صحيح، أم غير صحيح؟

فقال الرجل: “الحقيقة لا أعرف، أنا فقط سمعت من فلان عن فلان”.

فقال: إذن أنت غير متأكد، فلنجري الاختبار الثاني وهو:

مصفاة الخير

هل ما ستحدثني به عن تلميذي يحمل خيرًا أم شرًا؟

فقال الرجل: “الحقيقة مش خير”.

فقال سقراط: إذن تريد أن تخبرني بحديث غير مؤكد، ولا يحمل خيرًا. دعنا نذهب للاختبار الثالث وهو:

مصفاة الفائدة

هل حديثك يحمل فائدة؟ فأجاب الرجل في خجل: “الحقيقة ليس فيه فائدة”.

وبأدب ختم سقراط حديثه قائلاً: تريد أن تروي لي حديثًا لست متأكدًا منه، ولا يحمل خيرًا، وليس فيه فائدة.. فلماذا تريدني أن اسمع؟

أصدقائي: لدي حديث حقيقي، ويقيني ويحمل لك كل خيرات كثيرة، وفوائد عديدة.

الحقيقة

في العالم ضلال كثير وكذب كبير، لأن رئيسه هو إبليس الكذاب والمُضل الذي سيضل العالم كله (رؤيا١٢: ٩). وإن كان الخط المستقيم يكشف الخط الأعوج، فالحق يكشف الضلال، والمسيح هو الوحيد الذي أعلن عن نفسه قائلاً: «أَنَا هُوَ الْحَقُّ» (يوحنا١٤: ٦)، كما أن الروح القدس هو الحق (١يوحنا٥: ٦)، وكلمة الله هي أيضًا الحق (يوحنا١٧:١٧). وعلينا نحن المؤمنون أن نسلك ونعيش طبقا لهذا الحق (غلاطية٢: ١٤).

كتب لوقا عن “الأمور المتيقِّنة” عندنا، لقد عرف قصّة المسيح بكل يقين الإيمان، فلم يتردّد في تصديقها. والمؤمن الذي يبني بيته على المسيح، لا يمكن أن ينهدم بيته أو يسقط، حتى إن هبَّت العواصف وهاجت الرياح ونزلت الأمطار كالسيول عليه، لأنه مؤسَّس على المسيح صخر الدهور، كما يقول المرنم:

مسيحي صخري لا يزالوغيره الكل رمال

يقول الرسول بولس: «وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ»، ولكنه يختم بالقول: «فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ (إلى آخر اللاءات العشرة)... تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا» (رومية٨: ٢٨-٣٩). هل لاحظت الكلمتين: نعلم، متيقن؟ نعم، العلم حلو، ولكن اليقين أحلى.

الخير

عندما يقبل الإنسان المسيح في حياته يقدر أن يقول بلغة الواثق: «الرَّبُّ رَاعِيَّ فَلاَ يُعْوِزُنِي شَيْءٌ» بل ويقول أيضًا: «إِنَّمَا خَيْرٌ وَرَحْمَةٌ يَتْبَعَانِنِي كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِي» (مزمور٢٣). وفي الوقت الذي يصرخ فيه الكثيرون قائلين:«مَنْ يُرِينَا خَيْرًا؟؟» (مزمور٤: ٦)، يقول الوحي: «قُولُوا لِلصِّدِّيقِ خَيْرٌ!» (إشعياء٣: ١٠). إن أفكار الله من نحونا هي: «أَفْكَارَ سَلاَمٍ لاَ شَرّ» (إرميا٢٩: ١١).

وربما يسأل مُخلِص: وكيف أحصل على هذا الخير؟ يقول الكتاب: «تَعَرَّفْ بِهِ وَاسْلَمْ. بِذلِكَ يَأْتِيكَ خَيْرٌ» (أيوب٢٢: ٢١)، فعندما تقبل الرب في قلبك وحياتك تعيش في سلام وتتمتع بالخير.

وعلى المؤمن أن يصنع الخير. يقول الرسول يوحنا «أَيُّهَا الْحَبِيبُ، لاَ تَتَمَثَّلْ بِالشَّرِّ بَلْ بِالْخَيْرِ، لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ الْخَيْرَ هُوَ مِنَ اللهِ، وَمَنْ يَصْنَعُ الشَّرَّ، فَلَمْ يُبْصِرِ اللهَ» (٣يوحنا١١).

وأيضًا لا يغلبه الشر: «لا يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ» (رومية١٢: ٢١).

الفائدة

الإنسان المتألم والمتوجِّع من فعل الخطية ومن شر هذا العالم، يشعر بالذنب ويحتاج راحة لضميره بأن تُغفَر خطاياه، فيجد في المسيح الغفران: «لَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ بِدَمِهِ، غُفْرَانُ الْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ» (أفسس١: ٧).

والخطية لها عقاب ودينونة قدام الله، والإنسان في حاجة ماسة للتبرير، فيجده في المسيح: «مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ» (رومية٣: ٢٤).

والخطية عبودية تحتاج إلى تحرير «فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا» (يوحنا٨: ٣٦). وهي عداوة وتغرُّب عن الله والمسيح صنع المصالحة (كولوسي١: ٢٠). وهي أفسدت الكيان البشري ويحتاج أن يولد من جديد (٢كورنثوس٥: ١٧)، والخطية قذارة ونجاسة يلزمها التطهير (١يوحنا١: ٧) بل الخطية أجرتها الموت ويحتاج الإنسان للحياة (رومية٦: ٢٣).

فقل لي يا صديقي: أين تجد الغفران، والتبرير والتحرير والمصالحة والسلام والخلاص والحياة، بعيدًا عن المسيح ابن الله؟!

فحسنًا قيل: “المسيح يغنيك عن كل شيء، وعن كل شخص، لكن لا شيء ولا شخص يغنيك عن المسيح”.

إن المسيح حقيقة واضحة كالنور وهل ترانا محتاجين لمصباح لكي نبحث عن الشمس؟!

إن من ينكر المسيح ينكر التاريخ، ومن يرفضه يرفض الحياة. فالحقيقة الدامغة التي لا تقبل الشك هي: أن المسيح ابن الله يحبك، مات ليغفر ذنبك، ويفرح ويسعد قلبك، ويضمن لك كل الخير. فهل تطلبه الآن؟!

وإن قبلته وتمتعت به أرجو ألاّ تنسى أن تشكره، وتخدمه، وتسجد له، وتتحدث عنه، حديث الحق والخير والفائدة؟!