صباح الخير..
من داخل خزائن الخير الذي لي فيك، امتنّ لك.
في رحاب الحرية، أتنفَّس نسمات حُبَّك الحَقَّة.
بمياه الراحة أنتَعِش، بعد عناء مُضنٍ في الطريق.
كل الفضل لك!
عشت سنين عديدة، كنت أظن فيها إنه بمقدار ما أعطيك من فروض الطاعة تعطيني من رضاك وغناك!!
تكبَّلت بقيود الذنب التي كانت الوقود المحرِّك الخفي لعلاقتي بك.
كلما شعرت بالذنب كلما دُفِعتُ دفعًا لالتصق بك، ولكن دون فائدة!
فبُرقع تقصيري الدائم منع قلبي من التمتع بنور حبك.
كنت أظنه حينها تبكيت الروح القدس!
فهو يبكتني على تقصيري وقلّة محبتي.. يبكتني على عدم اجتهادي ورخاوتي.. يبكتني على عدم نموي الروحي.. كما علَّموني!
كثيرًا ما نُحت وتمخّضت كي ما تخلصني من ضعفي، وتطلقني أهيم في حُبِّك. ولم أكن أدري حينها أن السبب الرئيسي لنوحي هو عدم استعلان حبّك الحقيقي لقلبي، وهذا سبب ضعفي..
هل أشتري حبَّك وإشراقة وجهك بقراءتي اليومية لكلمتك؟!
هل ثمن الكنوز الأبدية هو أن أخدم في بيتك، بغضّ النظر عن دوافعي المشحونة بالخزي من رخاوتي وما استشعره حقًا أثناء أدائي لتلك المهام الثمينة؟
هل حقًا لا مكان للمشاعر في علاقتنا؟ فكلما شعرت بالفتور لا بد لي أن أقاوم وأكمل المسير في صلواتي وابتهالاتي حتى لا أقع فريسة للشيطان؟!
هل ذاتي خبيثة ونجسة وعليَّ إماتتها، أم أنا على صورتك ومثالك فأحمدك لامتيازي عجبًا؟
هل تنتظر مني لهفة وشوق كي أستحق أن تأخذني لأعماق الشركة معك؟
ااااه.. كم عانيت سنين هذه عددها وأنا أحاول أن أخيّط رقعة جديدة على ثوب عتيق، فصار الخرق أردأ.. كنت مكبَّلة بناموس جديد في عهد نعمتك!
كم من مرة ترنَّمت بأثمن الصلوات والطلبات كي ترضى عني: أحبك من كل قلبي.. أنت أغلى ما في حياتي.. وغيرها من الترنيمات الجميلة.. كنت أرنمها كي تتنازل وتشرق عليّ لانتقل لبُعد آخر معك.. رنَّمتها لشعوري بالخجل من قِلّة حبي أمام حبك الذي أدركه بعقلي وليس بقلبي..
فالإيمان أهم مما أشعر به كما تعلمت أيضًا!
ااااه يا رب..
كم صبرتَ على جهلي وخداعي لذاتي؟
كم صبرت على تيهاني في بحور الذنب في ظلام وعبودية الناموس!
تركتني حتى خارت قواي واستسلمت...
وما أن مللت حقًا السباحة في تلك المياه الخانقة وهممت بالخروج؛ فإذ بي أجدني أمام مياه سباحة جديدة لم أعهدها من قبل! نهر لا يُعبَر.
مددت رجلي كي أتحسس مياهه فوجدتها - على الرغم من عمقها وغموضها - باردة منعشة.. تحملني بخفة بلا ثقل أو قيود..
ظللت أسبح في بطء بحذر وخفة..
أسمع المياه الأخرى تناديني.. ولكني قد أخذت قراري.. سأكمل السباحة في تلك المياه الجديدة وسأستند على نعمتك.
سأتكل عليك بالكامل.. لقد أرهقني حمل الناموس بما يكفي!
وما أن أبطلت ما للناموس حتى بدأت أشعة نور حبك الإلهي تخترقني...
من اليوم لن أفعل أي شيء بغرض نوال رضاك..
أضحى كل ما أفعله هو صدى لنغمات حبك التي تتردد في أحشائي..
لن أتفوَّه بما لا أشعر به أو أعنيه..
فأنت تحبني كما أنا..
وحبك أعطى المعنى لكل ما أتفوَّه به..
فها أنت تحبني حقًا بلا حدود دون أن أسترضيك بخدماتي وقراءاتي..
صارت خدماتي وقراءاتي معك وبك.. لأعرفك وأنا أتمتع حقًا برفقتك.. فأنت لا تفارقني أبدًا مهما كانت حالتي.. ولكني دائمًا معك، أمسكت بيدي اليمنى، برأيك تهديني وبعد إلى مجد تأخذني.
لم يهمَّك ما أعطيك بقدر أن أستشعر النعمة التي تعطيني..
فإدراكي المتجدِّد لك ولنعمتك ألقى بنوره على كل ما أفعله..
لم تحتقر إيماني وحبي البسيط بل اثنيت على أصالة ما أقدّمه..
دفعتني لأخلع كل أقنعة حاولت التجمُّل بها، وأثبت لي أنك تحبني كما أنا.
وجدتك دائم الحضور.. كلي الحب.. أكبر مما كنت أتخيل.
وها نحن نكمل المسير في تلك الرحلة.. رحلة الحياة..
أتمتع باحتوائك لي وتشكيلك فيَّ
أتمتع باستخدامك لي والعمل معك
أحبك..
وفي كل مرة تبدأ أناملك الدقيقة في العمل في أعماقي، أتعجَّب وأتيقَّن أنك أنت الله خالقي الوحيد القادر أن تشكَّل فيَّ ما هو أروع مما أتخيله لي..
أتشوق للمزيد من اكتشافك.. فمهما كان ما عرفته عنك “أنت أكبر”