الجهاد: هو الاجتهاد والكفاح في العمل للنهاية في سبيل الوصول لهدف معين، مع إحتمال الآلام التابعة.
المثابرة: هي المواظبة والمداومة، وإن لم نصل لهدفنا علينا إعادة المحاولة مع بعض التغيير إذا لزم الأمر. مع ملاحظة شيء مهم أنه لا بد من وجود الإرادة أولاً، فهي التي تولّد فينا مثابرة. والمثابرة تلد النجاح.
قوانين تحكم الحياة: الإستمرار في المحاولة يؤدي إلى تحقيق ما نريد. ولأن الطبيعة نفسها تعلِّمنا، لذا يوجَّه سليمان الحكيم نظر الكسلان إلى النملة قائلاً «اِذْهَبْ إِلَى النَّمْلَةِ أَيُّهَا الْكَسْلاَنُ. تَأَمَّلْ طُرُقَهَا وَكُنْ حَكِيمًا... الَّتِي لَيْسَ لَهَا قَائِدٌ أَوْ عَرِيفٌ أَوْ مُتَسَلِّطٌ، وَتُعِدُّ فِي الصَّيْفِ طَعَامَهَا، وَتَجْمَعُ فِي الْحَصَادِ أُكْلَهَا» (أمثال٦: ٦-٨). وهنا نتعلم أن الفشل الحقيقي هو الكَفّ عن المحاولة والقبول بالفشل. لكن كُن كالنملة، فهي رغم أنها غير قوية وبلا قائد أو مرشد، ولكن لكي تجمع طعامها مثلاً، تصعد الشجرة وتسقط عشرات المرات، فتعود تصعد حتى تصل لغرضها. تأمل أيضًا الطفل كم مرة يسقط ويقوم ويعيد المحاولة حتى يتعلم المشي. وتأمل الرياضي وكم مرة يتدرب لشهور بل وسنين ليصل لهدفه. قيل عن العالم أديسون أنه جرَّب ما يقرب من ألف مادة حتى اهتدى للسلك المناسب لإشعال المصباح.
مجالات الجهاد
١- جهاد مع الله لنوال البركة: ويعقوب مثال لنا، فقد جاهد مع الله وقال له «لاَ أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي» فباركه الله هناك (تكوين٣٢: ٢٢-٢٩).
٢- جهاد في الصلاة: لأجل الخدام لينقذهم الرب من غير المؤمنين، ولكي تكون خدمتهم مقبولة عند القديسين (رومية١٥: ٣٠-٣٢). ولأجل المؤمنين لكي يثبتوا كاملين وممتلئين في كل مشيئة الله (كولوسي٤: ١٢).
٣- جهاد في الخدمة: فهي ليست درس تعوَّدنا تقديمه، بل كما قال بولس لأهل تسالونيكي «جَاهَرْنَا فِي إِلهِنَا أَنْ نُكَلِّمَكُمْ بِإِنْجِيلِ اللهِ، فِي جِهَادٍ كَثِيرٍ» (١تسالونيكي٢: ٢).
٤- جهاد في السلوك المسيحي: فلكي نهرب من الفساد الذي في العالم ونقدم مع إيماننا الفضائل المسيحية ونبرهن دعوتنا واختيارنا ولا نصير متكاسلين، علينا أن نبذل كل اجتهاد (٢بطرس١: ٤-١٠).
٥- جهاد ضد الخطية: يقول عنها الرسول أنها محيطة بنا بسهولة، وإن لم نجاهد ضدها ستدخل إلى حياتنا أيضًا بسهولة (عبرانيين١٢: ١).
٦- جهاد في افتقاد إخوتنا: كان الرسول بولس مقيَّدًا بالسلاسل وفي حاجة لمن يفتقده بعد أن ارتد عنه جميع الذين في آسيا. فقام أنيسيفورس بطلبه والعمل على راحته مرارًا كثيرة «طَلَبَنِي بِأَوْفَرِ اجْتِهَادٍ فَوَجَدَنِي» (٢تيموثاوس١: ١٥-١٧). وليتنا نتشبه بسيدنا الذي يبحث عن الضال حتى يجده.
أنواع الجهاد
١- جهاد الإيمان: «جَاهِدْ جِهَادَ الإِيمَانِ» (١تيموثاوس٦: ١٢). من يجاهد ويثابر يجب أن يتحلى بالإيمان الذي يرى ما لا يُرى، والذي يولِّد فينا الثقة بما يرجى.
٢- جهاد قانوني: «وَأَيْضًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُجَاهِدُ، لاَ يُكَلَّلُ إِنْ لَمْ يُجَاهِدْ قَانُونِيًّا» (٢تيموثاوس٢: ٥). المتسابق الذي يدخل المضمار إن لم يلتزم بالتعليمات من نقطة البداية لنهاية السباق سيخسر المكافئة وجهادنا القانوني هو أن نلتزم بما يقول الكتاب.
صفات من يجاهد
١- ضبط النفس: «وَكُلُّ مَنْ يُجَاهِدُ يَضْبُطُ نَفْسَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ» (١كورنثوس٩: ٢٥). يمثل العالم أرض المضمار الذي نسعى فيه، وكما عرَّفه لنا الكتاب: هو عبارة عن شهوة ترغبها النفس، فما على المجاهد إلا أن يضبط نفسه حتى لا ينغمس فيها وينسى هدفه.
٢- يتدرب كثيرًا: كتب الرسول بولس «لِذلِكَ أَنَا أَيْضًا أُدَرِّبُ نَفْسِي» (أعمال ٢٤: ١٦)، أيضًا «وَفِي جَمِيعِ الأَشْيَاءِ قَدْ تَدَرَّبْتُ» (فيلبي٤: ١٢). ليكون جهادنا قانوني علينا أن نتدرب كيف نمتنع عما يعطلنا، ونداوم على ما يساعدنا على إكمال سعينا.
٣- يطرح الأثقال: «لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْل، وَالْخَطِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ، وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا» (عبرانيين١٢: ١). الأثقال هنا قد تكون أشياء عادية للآخرين. فهل يجوز لمن دخل السباق أن يحمل شنطة تحوي احتياجات رحلته، أو يحمل ابنه في حضنه لأنه يحبّه؟ كل هذا يمثِّل ثِقل يعيقه عن ركضه.
٤- عينه على الهدف: «أَسْعَى نَحْوَ الْغَرَضِ لأَجْلِ جَعَالَةِ دَعْوَةِ اللهِ الْعُلْيَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (فيلبي٣: ١٤). قد يبدو الأمر غريبًا في البداية وتشعر بالارتباك والخوف من عدم النجاح. فلا تنظر لعثرات حدثت لك، ولا تنظر لإنجازات سابقة، وما مضى وكم تبقّى، ولا لمن حولك وكم وكيف أنجزوا. بل لتكن عيناك على ما دعاك الرب للقيام به.
مكافأة من يجاهد
كثيرون ممن يجاهدون لأغراض دينية أو زمنية يكتشفون أن جهادهم باطل. وقليلون ممن يجاهدون في أمور مشروعة يصلون للنهاية ويفوزون. أما نحن في جهادنا الروحي فالكل سيصل والكل سيكافأ. وإليك ولتشجيعك عزيزي القارئ أذكر بعض المكافآت، ومنها ما هو في الزمان، وما هو في الأبدية.
١- النصرة والامتلاك: «يَدُ الْمُجْتَهِدِينَ تَسُودُ» (أمثال١٢: ٢٤). ستكون سبب خلاص وإنقاذ نفوس كثيرة من يد إبليس، وستمتلك أرضًا كثيرة في حقل خدمتك وستتمتع ببركات وهبها الرب لك.
٢- الغنى الحقيقي: «اَلْعَامِلُ بِيَدٍ رَخْوَةٍ يَفْتَقِرُ، أَمَّا يَدُ الْمُجْتَهِدِينَ فَتُغْنِي» (أمثال١٠: ٤). لا تنسى أن الرب افتقر لكي نستغني نحن، وكلما اجتهدنا زاد غنانا. وهنا نقدر أن نُغني كثيرين.
٣- موضع احترام الآخرين: «أَرَأَيْتَ رَجُلاً مُجْتَهِدًا فِي عَمَلِهِ؟ أَمَامَ الْمُلُوكِ يَقِفُ. لاَ يَقِفُ أَمَامَ الرَّعَاعِ!» (أمثال٢٢: ٢٩). بلا شك سيحترمك ويقدرك استاذك في الدراسة ورئيسك في العمل والشيوخ والخدام في الكنيسة. ستأخذ مكانتك أمام الكبار.
٤- أخيرًا ستنال الأكاليل: «قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ» (٢تيموثاوس٤: ٧، ٨). يا له من امتياز ويا لها من نهاية سعيدة. فالرب الذي دعانا وفتح أعيننا على الهدف الموضوع أمامنا، وأعطانا كتابه المقدس والذي فيه نجد خط سيرنا، وأعطانا روحه القدوس ليرشدنا ويعلمنا كل الطريق. والرب الضامن لنا وصولنا بسلام سيعيطينا المكافأة على ما أتمه هو بنا. فيا للمجد.