في قصة الانسان الذي كان يعاني من شلل تام، مطروحا عند بِركة (بكسر الباء) بيت حِسدا، ينتظر الشفاء عن طريق ملاك يحرِّك ماء البركة، والواردة قصته في إنجيل يوحنا أصحاح ٥، نرى الروح القدس يصوِّر لنا الخطية بصورة مُجَسَّمة في ثلاثة أبعاد، ولا سيما في المدة الزمنية الطويلة للمرض التي عانى منها هذا الرجل وهي ٣٨ سنة.
ولكي نفهم هذه الصورة الثلاثية، نتأمل في ثلاث معجزات شفاء أُخَر لثلاثة أشخاص وردت قصصهم في العهد الجديد. وقد حدَّد الكتاب المدة الزمنية لكل مريض من هؤلاء المرضى، ونرى مجموع سنوات المرض لهؤلاء الأشخاص يساوي المدة الزمنية لمرض هذا الرجل المريض أي ٣٨ سنة.
فهيا بنا في زيارة سريعة “لمستشفى الدكتور لوقا” وهذه المستشفى تم علاج وشفاء كثير من المرضى فيها، وذلك بزيارة الطبيب العظيم الرب يسوع المسيح لهذه المستشفى. ولندخل ثلاثة أقسام فيها لنتعرف على ثلاث حالات من الأمراض، تعطينا صورة واضحة عن الحالة سابقة الذكر.
أولاً قسم النساء:
الحالة : امرأة يهودية في حالة إعياء شديد.
التشخيص الطبي: نزيف مزمن.
الملف العلاجي: مدة المرض ١٢ سنة، وقد تعبت من أطباء كثيرين وأنفقت كل معيشتها ولم تقدر أن تُشفى من أحد؛ وذلك بشهادة الدكتور لوقا (لو٨: ٤٣).
تقرير قسم الأحكام الشرعية: نجاسة.
ثانيا قسم العظام والعمود الفقري:
الحالة: امرأة يهودية تعاني من ألم شديد بالظهر.
التشخيص الطبي: تَقَوُّس وانحناء مزمن بالعمود الفقري.
الملف العلاجي: مدة المرض لهذه المرأة ١٨ سنة بشهادة الدكتور لوقا (لوقا١٣: ١١).
ثالثا قسم المخ والأعصاب
اسم المريض : إينياس
التشخيص الطبي: مرض الفالج (شلل رباعي) لمدة ٨ سنوات بشهادة الدكتور لوقا (أعمال٩: ٣٣).
ولكن تعالوا بنا أيها الأحباء نتأمل في مجموع المُدَد الزمنية لهؤلاء المرضى ونوعية مرضهم من الناحية الروحية.
مجموع المُدَد الزمنية هو ١٢+ ١٨+ ٨ = ٣٨ أي مجموع المدد الزمنية لهؤلاء الثلاثة أشخاص يساوي المدة الزمنية لهذا الرجل مريض البركة ٣٨ سنة.
وفي هذه الحالات الثلاث نرى الخطية في ثلاث صور.
في نازفة الدم نرى الخطية في صورة نجاسة؛ لأن الشريعة تصف نازفة الدم بالنجاسة كما هي واردة في لاويين١٥: ٢٥.
وفي المرأة المنحنية نرى الخطية في صورة عبودية؛ لأن الرب يقول عنها هذه قد ربطها الشيطان ثمانية عشر سنة (لوقا ١٣: ١٦).
وفي المفلوج نرى الخطية في صورة عجز كامل (أعمال ٩: ٣٣).
وبارتباط المدة الزمنية لهؤلاء الثلاثة مع المدة الزمنية لهذا الرجل نرى أن هذا الرجل تجمعت فيه هذه الصورة الثلاثية معاً وإن جاز أن يُسمى خاطي مركب أو خاطي ميكس ٣×١.
فالخطية نجاسة وعبودية وعجز كامل
فهي نجاسة وبالتالي تفصل الإنسان الخاطي عن الله القدوس، فيُمْسى الإنسان في حالة موت بانفصاله عن الله مصدر الحياة. وهذا ما وصفه الرسول بولس في رسالته إلى مؤمني أفسس قائلاً «وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا» (أفسس٢: ١). فالإنسان الخاطي في نظر الله نجس مهما عمل أعمالًا صالحة كما يقول النبي إشعياء «وَقَدْ صِرْنَا كُلُّنَا كَنَجِسٍ ، وَكَثَوْبِ عِدَّةٍ كُلُّ أَعْمَالِ بِرِّنَا» (إشعياء٦٤: ٦). وما أدَقّ هذا الوصف، أن حتى أعمال برنا والتي نظن أنها تشفع لنا، فهي في نظر الله عبارة عن خِرَق بالية نجسة.
لكن تعالوا بنا ننظر أيضًا للحالة الثانية فنرى فيها الخطية في صورة عبودية كما قال الرب يسوع عن المرأة المنحنية «قَدْ رَبَطَهَا الشَّيْطَانُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً» (لوقا١٣: ١٦). وهذه صورة أخرى للخطية تجعل الخاطي مستعبدًا للخطية كما يقول الرب يسوع «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ» (يوحنا٨: ٣٤). وكما يقول الرسول بولس بالروح القدس «لأَنَّهُ كَمَا قَدَّمْتُمْ أَعْضَاءَكُمْ عَبِيدًا لِلنَّجَاسَةِ وَالإِثْمِ لِلإِثْمِ، هكَذَا الآنَ قَدِّمُوا أَعْضَاءَكُمْ عَبِيدًا لِلْبِرِّ لِلْقَدَاسَةِ. لأَنَّكُمْ لَمَّا كُنْتُمْ عَبِيدَ الْخَطِيَّةِ، كُنْتُمْ أَحْرَارًا مِنَ الْبِرِّ» (رومية٦: ١٨، ٢٠).
نأتي الآن إلى الصورة الثالثة والأخيرة والتي رسمها الروح القدس للخطية وهي العجز الكامل الذي نراه في إينياس المفلوج الذي كان ساكنا في لُدًّة لا يستطيع أن يتحرك أو يعمل شيئا. وهذا ما عَبَّرَ عنه الرسول بولس في رسالة رومية أكثر من مرة قائلاً «لأَنَّهُ مَا كَانَ النَّامُوسُ عَاجِزًا عَنْهُ، فِي مَا كَانَ ضَعِيفًا بِالْجَسَدِ، فَاللهُ إِذْ أَرْسَلَ ابْنَهُ فِي شِبْهِ جَسَدِ الْخَطِيَّةِ، وَلأَجْلِ الْخَطِيَّةِ، دَانَ الْخَطِيَّةَ فِي الْجَسَدِ، لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ مَوْتٌ. إِذْ لَيْسَ هُوَ خَاضِعًا لِنَامُوسِ اللهِ، لأَنَّهُ أَيْضًا لاَ يَسْتَطِيعُ . فَالَّذِينَ هُمْ فِي الْجَسَدِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُرْضُوا اللهَ» (رومية٨ :٣، ٨). فالإنسان الخاطئ لا يستطيع أن يُرضي الله، وهذا ما عَبَّرَ عنه الرسول بولس أيضًا قائلاً: «لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ» (رومية٣: ١٢).
لذلك نجد هذه الصور الثلاث التي رسمها الروح القدس في هؤلاء الأشخاص الثلاثة: نازفة الدم (نجاسة) والمرأة المنحنية (عبودية) وإينياس المفلوج (عجز كامل) هذه الصور الثلاث، نراها مُجَمَّعة في هذا الرجل الذي كان مطروحًا على البِركة ينتظر تحريك الماء عن طريق الملاك.
هذا الرجل تجمَّعَت فيه كل صور الخطية من نجاسة وعبودية وعجز كامل، لذلك أطلقنا عليه هذا الاسم خاطي ميكس ٣×١ .
عزيزي القارئ إذا كنت تشعر في نفسك بهذه الصور الثلاث للخطية من نجاسة وعبودية وعجز كامل، فتعال للمسيح، هو الذي يطهرك من نجاستك وهو الذي يحرِّرك من كل عبودية بل يعطيك القوة فتقوم من سقطتك.
صدقني يسوع يطهرك ويحررك ويقويك. تعال إليه الآن.