مثل عربي شهير مرادفه بالعامية المصرية “مفيش حلاوة من غير نار”. والمثل يُقال ليقرَّر إحدى حقيقتين، الأولى أن أي شيء جميل له كلفته أو يصاحبه الألم. وهذا موجَّه بالأساس لمن يريدون كل شيء بسهولة دون أي تكلفة أو تعب.
والحقيقة أن تحقيق الأغراض الجميلة، كالنجاح والإنجاز والفوز، لا يتأتّى بسهولة إلا في الألعاب الإلكترونية، حيث وهم تحقيق الإنجازات الكبيرة والفوز في المباريات على أعظم الفرق يتحقق بضغطة زر!! أما الواقع فغير ذلك تمامًا؛ فلكي تُحقِّق مستويات رياضية عالية لا بد من أن تتعب في التدريب، يقولون في هذا المضمار No pain, no gain أي: لا ألم لا مكاسب. ولكي تتفوق في الدراسة لا بد أن تجتهد. ولتنجح في حرفة أو هواية لا بد أن تثابر. وهكذا...
هذا المبدأ ينطبق بالأولى على الحياة الروحية. فلكي تتعرف بالرب أكثر لا بد أن تواظب على دراسة الكتاب وإن كان ذلك عكس طبيعتك وإن كنت لا تميل للقراءة، وأن تقضي وقتًا في الصلاة حتى ولو كان الوقت يمضي ثقيلاً فيها أحيانًا. ولكي تخدم الرب لا بد أن تجتهد وتتعب في خدمتك مهمًا كانت بسيطة، لا تسلك الطريق الأسهل للخدمة؛ فالخدمة إما تتعب أو تلعب! واللعب لا ينشئ شيئًا مفيدًا. ولكي ينشئ فيك الرب شخصية متميّزة ومؤثِّرة ونامية فلا بد أن تتسلح بنية قبول الحرمان والألم في بعض الأحيان. فالله مع أنه يحب أن يعطينا، لكنه يهتم أكثر بأن يطوِّر شخصياتنا لنكون شبهه. هذا ما قصده بولس بكلمة “الخير” في رومية٨: ٢٨. فكل الأشياء، بما في ذلك الألم والحرمان، تعمل معًا لتشكيلنا لنكون حسب قلبه. أَعلَم أن هذا الكلام ليس سهلاً، لكنه الطريق الأكيد للتشكيل الإلهي، تذكَّر يوسف ودانيآل وأستير وراعوث وغيرهم حتى من الشخصيات المعاصرة الناجحة روحيًا.
أما الحقيقة الثانية التي يقرِّرها المثل، فهي أنه لا شخص كامل، حتى إن كان جميلاً كالوردة، إذا اقتربت منه ستجد أن له عيوبًا كالشوك. لذلك لا تتوقع الكثير من الناس، ولا تعقد آمالك على مَن قد يخيّبها. هناك واحد فقط يمكن أن يُقال عنه «كله مشتهيات» (نشيد٥: ١٦)، هو الرب الرفيق الصديق، الذي كلما اقتربت منه ستكتشف ما هو أجمل، ولن يخذلك أبدًا.