خبر طيب جدًا

دُعيت لحفل زفاف في مدينة الأقصر، ولأن البلاد لم تكن مستقرة وقتها، اجتهدت أن أصل إلى مطار القاهرة مبكرًا، ورغم ذلك فوجئت أنا وبعض الركاب بمنعنا من الصعود للطائرة، رغم أنه باقٍ أكثر من ساعة، والطائرة ما زالت على الأرض، ولم تُقلع بعد، فقيل لنا: لقد نشرنا إعلانا في التلفزيون على ضرورة الحضور قبل الميعاد بثلاثة ساعات، ولكننا لم نشاهده.

ترجّينا وتحدّثنا، فكل مسافر له ارتباطاته ومواعيده. ومن منطلق شعوري بضرورة وأهمية السفر، ذهبت للمسؤول وأخبرته بظروفي وبأني على موعد هام، إلا أن كل توسلاتنا لم تجدِ نفعًا، لقد أغلقوا البوابة. وبذلك ضاعت طائرة الثانية عشر ظهرًا، وحفل الزفاف في الثامنة مساءً، وليست هناك وسيلة أخرى للسفر، وذلك لقِصر الوقت، وأنا الخادم الوحيد، ولا يوجد بديل آخر. لكن لاحت فرصة ولو أنها شبه مستحيلة، عندما قال مدير صالة السفر: هناك طائرة متوجهة إلى الأقصر في السادسة مساءً، ولكنها كاملة العدد، لكن إن تخلف أحد عن السفر يسافر واحد منكم مكانه. كان الموظف قد جمع التذاكر ورتّبها بحسب أسبقية الحضور، فكنت السابع، وبعدي ما يقرب من العشرة، كان الجميع يترقب ويتعشم بالفوز بمقعد.

ولأن الأمل ضعيف، خيَّرتُ نفسي بين المكوث والانصراف، لكن قلت: ننتظر ونرى. كنت قلقًا ومحبَطًا للغاية، ماذا سأقول للعريس إن اتصل الآن؟ وماذا لو رنت زوجتي للاطمئنان؟ ومن حيرتي، وقلّة حيلتي، أغلقت موبيلي. واشتد عليّ الجوع والعطش، ورغم أن سندوتشاتي وزجاجة مائي معي، لكن لا قوة ولا شهية.

مرَّت الساعات ثقيلة! اقتربنا من الموعد، وهلّ ركاب طائرة السادسة زُرافات زُرافات، فقلت في نفسي: يبدو أنه لم يتخلف أحد، لكني سكتَّها وهدأَتها، بأنه يوجد رجاء. كان المنطق والعيان يقولان لي: لتذهب وتعُد إلى بيتك، فلا أمل، ولكن الإيمان يقول: يوجد رجاء في رب السماء. وأخيرًا نُودي: بأنه يوجد ثلاثة أماكن فقط في الطائرة، لثلاثة بحسب الترتيب، ولأن ترتيبي السابع، لذا فقد ضاع كل رجاء. حملت حقيبتي ودلفت نحو الباب للخروج، وكانت المفاجأة!! أن دوى صوت عالٍ ينادي اسمي ويعقبه بالقول: يوجد لك مكان! لم أصدق كيف يكون ذلك؟ يا له من خبر! ويا لها من بُشرى!! تسلمت الـboarding pass للصعود إلى الطائرة، وأنا غير مصدِّق كيف حدث ذلك؟ لكني عرفت فيما بعد، أن المكانيين الأولين ذهبا للأول والثاني في قائمة الانتظار، لكن المسافر الثالث حسب الترتيب مرتبط بالثلاثة التالين، لذلك ذهب المكان إلى المسافر السابع الذي هو أنا.

كم فرح قلبي، وانشرح صدري، فأخذت أركض كالأطفال، فتحت الموبيل، وتحدّثت، وطمأنت، وأكلت، وشربت، وسافرت، وفرحت مع الفرحين.

صديقي:

بصدق كان يومًا جميلاً ولا يُنسى بالنسبة لي، لكن هناك يوم أجمل بما لا يقاس عندما تسمع الخبر السار وهذا معنى صوت الإنجيل، وتلتقي بالمسيح الذي هو موضوع الإنجيل، بأنه يوجد لك مكان لا في طائرة أو في قطار بل مع المسيح البار في بيت الآب، في العلا، فهل سمعت هذا الصوت؟ وهل قبلت المسيح؟ هل حدث هذا اليوم في حياتك، وهل تمتعت به كما تمتع به الملايين.

سل السامرية عن هذا اليوم العظيم؟ تجيبك أنه اليوم الذي التقيت فيه بالمسيح عند بئر سوخار.

سل زكا؟ يقول لك: لا أنسى يوم أن دعاني الرب من فوق الشجرة ودخل المسيح قلبي وبيتي.

سل نثنائيل؟ ليخبرك بأنه يوم أن دعاني الرب يسوع وأنا تحت التينة.

وغيرهم كثيرين ينشدون:

ما أبهج اليوم الذي

آمنت فيه بالمسيح

أضحى سروري كاملاً

ورنَّ صوتي بالمديح

وإن كنا جميعًا كذلك راحلون ومسافرون، فهل ضمنت لك مقعدًا في السماء؟ وهل تمتلك تذكرة سماوية؟ وهل لك حياة الأبدية؟

إني بكل يقين أبشِّرك اليوم: أن الرب يحبك وينتظر توبتك ورجوعك إليه، أما عن خطاياك الكثيرة فالرب يسوع كفَّر عنها كلها. ثق فيه، لا تؤجل، ولا تقل إني تأخرت؛ فأن تصل متأخرًا خير من ألا تصل على الإطلاق. فالرب يسوع مات، ودفن، وقام. إنه «أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا وَأُقِيمَ لأَجْلِ تَبْرِيرِنَا» (رومية٤: ٢٥).. هذا هو الإنجيل إنه: «مِيَاهٌ بَارِدَةٌ لِنَفْسٍ عَطْشَانَةٍ، الْخَبَرُ الطَّيِّبُ مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَة» (أمثال٢٥:٢٥).

إن البوابة لم تُغلَق بعد، والفرصة ما زالت مواتية، والإنجيل ما زال ينادي وبصوت عال: يوجد لك مكان، فقط تعال إليه وليس لغيره، «وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ». فلن يحلو لك طعام إلا به، ولن تتمتع بشراب إلا معه، فالمسيح هو خبز الحياة، وماء الحياة، بل هو الحياة عينها، هذا هو: «الْخَبَرُ الطَّيِّبُ» الذي «يُسَمِّنُ الْعِظَامَ» (أمثال١٥: ٣٠).

إن الإنجيل يهَبْك فَرَحًا داخليًا، يبدأ ولا ينتهي، ويمنحك قوة روحية، ويعطيك بصيرة روحية، فتتمتع بالسلام وتهنأ بالحرية. ليتك تقبله ومن الآن.. آمين..