لعبة الحوت الأزرق من الألعاب التي خطفت عقول الكثيرين من الأطفال والمراهقين، وجعلتهم يعيشون عالمًا افتراضيًّا بعيدًا عن الواقع، حيث المجهول واللا معقول. اللعبة تبدو في ظاهرها سهلة وبسيطة، لكنها بعد ذلك تستخدِم أساليبًا نفسيةً معقَّدةً تقود لاعبيها في النهاية إلى الاكتئاب لدرجة الانتحار، والذي سُجِّلت أعلى حالاته في “روسيا”، بلد المنشأ لهذه اللعبة، إذ جرى تسجيل ما يقرب من ١٣٠ حالة. لكن لماذا يدخل الشباب هذه اللعبة الكئيبة؟ لقد تبين بالبحث والدراسة أن من بين أسباب دخول الشباب لهذه اللعبة القاتلة الآتي:
١- الفضول وحب الاستطلاع ومعرفة كل جديد.
٢- وجود وقت فراغ غير مستثمر، فلا عمل ولا ممارسة للرياضة...
٣- عدم الشعور بالأمان داخل الأسرة الواحدة.
٤- التهديد المستمر من الأهل وسوء التربية.
٥- عدم وجود حوار يومي داخل الأسرة.
٦- التربية القائمة على الإجبار وليس على الاختيار.
٧- التقليد الأعمى للأصدقاء الذين يلعبون تلك اللعبة وغيرها، وذلك لإبراز عضلاتهم في المعرفة والتباهي بها.
ولكن لكل شبابنا المخلص العاقل والواعي نقول:
١- أنت لست نفاية بيولوجية كما قال صاحب اللعبة، بل أنت في نظر الرب يسوع لؤلؤة غالية، كثيرة الثمن، بل وقال الرب: «لذاتي مع بني آدم» (أمثال٨: ٣١)، فالرب يحبك لأن لك قيمة، وهو يبحث عنك لأنك لذته وفرحته.
٢- وقتك غالٍ وثمين: «فانظروا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ، لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ، مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ» (أفسس٥: ١٥، ١٦). وهناك أمور نافعة علينا ممارستها يقول الرسول بولس للشاب تيموثاوس: «رَوِّضْ نَفْسَكَ لِلتَّقْوَى. لأَنَّ الرِّيَاضَةَ الْجَسَدِيَّةَ نَافِعَةٌ لِقَلِيلٍ، وَلَكِنَّ التَّقْوَى نَافِعَةٌ لِكُلِّ شَيْءٍ» (١تيموثاوس٤: ٧-٩).
٣- نمِّ مهاراتك ووظفها فيما ينفع. لا سيما المواهب الروحية، وهذا ما يقوله الرسول «أذكرك أن تضرم أيضًا موهبة الله التي فيك» (٢تيموثاوس١: ٦).
٤- تخيَّر الرفيق قبل الطريق، الصديق الصالح والأمين وتذكَّر أن: «الْمُسَايِرُ الْحُكَمَاءَ يَصِيرُ حَكِيمًا، وَرَفِيقُ الْجُهَّالِ يُضَرُّ» (أمثال١٣: ٢٠).
٥- جسدك أمانة من الرب، فحافظ عليه ولا تؤذِه أو تجرحه: «أَنْتُمْ أَوْلادٌ لِلرَّبِّ إِلهِكُمْ. لا تَخْمِشُوا أَجْسَامَكُمْ» (تثنية١٤: ١)، كان الوثنيون يجرحون ويشوهون أجسادهم حزنًا على موتاهم لأنه لا رجاء لهم، وهم يفعلون ذلك إرضاءً لآلهتهم الوثنية وعبادتهم الشيطانية، أما أولاد الله فهم شعب مقدس وله رجاء حي.
٦- تذكَّر أن العدو غدار ومكار، لقد ذهبت الحية القديمة بمكرها وشرها، وأغوت حواء في جنة عدن؛ فأكلت حواء من الشجرة، وأعطت آدم، فأكل معها، وكسر الوصية الإلهية. وما زالت الحية تُغوي وتُغري الكثيرين، يومًا بعد يوم، فإبليس قتَّال للناس منذ البدء. وفي لعبة الحوت الأزرق لا يقتل إبليس ضحاياه من الخطوة الأولى، بل في الخطوة الخمسين، وهذا مبدأ العالم الذي يرأسه إبليس، يضع الخمر الجيدة أولاً، ولكن متى سكروا حينئذ يقدم لهم الدون أي الرديء (يوحنا٢). فغالبًا تكون السيجارة الأولى للمدخن هدية، وكأس الخمر الأولى مجانية، وكذلك يقدم إبليس تذكرة الهيروين الأولى بلا نقدية، ومتى جعل الشخص مدمنًا، يمتلكه، ويجعله يبيع بيته، وأثاثه، بل وحتى نفسه أيضًا، هذه هي مبادئ العالم يُعطي باليمين، ويأخذ باليسار، بل وبكل الطرق الممكنة وغير الممكنة.
٧- اللعبة متدرجة ويومية كلعب دليلة مع شمشون، يقول الكتاب: «ولما كانت تضايقه بكلامها كل يوم وألحت عليه ضاقت نفسه إلى الموت، فكشف لها كل قلبه» (قضاة١٦: ١٦). يقول الرسول بولس: «ولكنني أخاف أنه كما خدعت الحية حواء بمكرها هكذا تفسد أذهانكم عن البساطة التي في المسيح يسوع» (٢كورنثوس١١: ٣).
صديقي وصديقتي: لن تجد في كل الكون من يحبك ويخاف عليك، ولن تجد محبًا ألزق من الأخ، سوى الرب يسوع المسيح؛ فهو الوحيد الذي سحق رأس الحية، ودفع ثمن الخطية، وهو اليوم مستعد أن يمنحك الحرية، ويحميك من كل ذل وعار وعبودية. يطهر قلبك، ويرفع رأسك، ويريح ضميرك، بل ويمنحك حياة أبدية؛ عندئذ لن يرهبك أو يخيفك حوتًا أزرق أو تنينًا أحمر. «فإن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحرارًا» (يوحنا٨: ٣١).