جال بخاطري اليوم هذه الفكرة، وأنا مبتهج جدًا بمرور خمسة وعشرون عامًا على تأسيس مجلة نحو الهدف. الفكرة هي المشابهة القوية بين ما حدث في أيام أليشع؛ في قصة إنقاذ بنو الأنبياء من الطعام المسمم، وبين محاولة “نحو الهدف” من فعل ذات الشيء.
ففي أيام أليشع النبي حدث جوع في الأرض (٢ملوك٤: ٣٨-٤٣)، وكان هناك معه مجموعة من المؤمنين التلاميذ يطلق عليهم “بنو الأنبياء” وبينما يُعدّون الطعام في قدرٍ كبير، خرج واحد وأحضر نباتًا بريًا ليضعه في القدر، كمحاولة منه، لإشباع وإطعام أخوته! وعندما ابتدأوا يأكلون لم يستطيعوا حيث أن الطعام كان مسمَّمًا، وصرخوا بصوت واحد لأليشع «فِي الْقِدْرِ مَوْتٌ يَا رَجُلَ اللَّهِ! وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَأْكُلُوا»، لكن أليشع قال لهم «هَاتُوا دَقِيقًا. فَأَلْقَاهُ فِي الْقِدْرِ وَقَالَ: صُبَّ لِلْقَوْمِ فَيَأْكُلُوا. فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ رَدِيءٌ فِي الْقِدْرِ» وأكلوا جميعهم!!
إن مجلة “نحو الهدف” هي بصدق محاولة جادة لتعمل ما فعله أليشع طوال الأعوام الماضية... حاولت، رغم الإمكانيات البسيطة التي معها، أن تنقذ ما يمكن إنقاذه، من حالات التسمم الفكري المنتشرة في هذه الأيام، بسبب الأطعمة الفاسدة التي تُقدَّم في “القِدر” العالمي، أقصد عالم الفكر والروايات والميديا!
فهناك كَمٌّ كبير من الأطعمة الفاسدة والأفكار الهدَّامة والمشكِّكة، والتي تُقدَّم بطرق جذابة وبأعلى التقنيات... سواء في مجال الفكر الديني المشوَّه أو الفكر العالمي المسمَّم في معظم الأحيان.
حاولت “نحو الهدف” أن تلقي “بالدقيق النقي” وسط هذا التسمُّم المنتشر. فعلت ذلك من خلال مقالات بسيطة هادفة، عميقه متنوّعة، وجذّابة رائعة! قدَّمت قصصًا مشوقة نظيفة هادفة، ودراسات كتابية مُعلنة للحق الإلهي باستقامة. كما أنها لم تنسَ القيم الأدبية والسماوية الراقية.
ولم يكن هذا الدقيق إلا شخص المسيح الذي هو فحوى ومضمون كل مقالاتها الذي «فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ» (يوحنا١: ٤).
من كل قلبي أهنئ “نحو الهدف” والتاعبين فيها، على هذا المجهود المضني، الذي استمتع واستفاد به الكثيرين وأنا واحد منهم. إن تعبكم أخوتي وما تبذلونه من تضحيات لفائدة وإنقاذ الكثيرين لن يضيع هباءً، فحول العالم هناك الألاف بل الملايين الذين يتمتعون بهذا العمل الجليل، وفي الأبدية سوف تفاجئون بالأكثر! الرب يبارككم ويشجعكم لتكملوا المسيرة؛
فتعبكم ليس باطلًا في الرب.