يُعَدّ لاعب التنس الأمريكي ”أرثر آش“ المولود في ١٠ يوليو ١٩٤٣ واحدًا من أشهر من لعب كرة التنس في أمريكا، لكونه أول لاعب أسمر البشرة يتم اختياره ضمن فريق الولايات المتحدة المشارك في كأس ديفيز للتنس، وكان الأسمر الوحيد على الإطلاق الذي يفوز بألقاب فردية في بطولات ويمبلدون، وأمريكا المفتوحة، وأستراليا المفتوحة. وقد توَّج مهارته في التنس بالحصول على المركز الأول عالميًا في التنس الأرضي وفاز بثلاثة القاب في البطولات الكبرى مما وضعه بين الأفضل من الولايات المتحدة حتى أعتزل اللعب في عام ١٩٨٠.
بعد الاعتزال، تعرض لأزمة قلبية استدعت لنقل الدم إليه، لكن للأسف تم نقل دم ملوث إليه مما أدى إلى إصابته بمرض نقص المناعة؛ الإيدز . لكنه لم ييأس، بل أعلن للجميع إصابته بالمرض. وبسبب شهرته الواسعة استُغل الموقف للتوعية بخطورة مرض الإيدز، وهو عادة ينتقل بسبب تعدد العلاقات الجنسية أو نقل الدم المصاب بالمرض.
في أحد اللقاءات الصحفية تم توجيه سؤال إليه: لماذا أنت يختارك الله لهذا المرض اللعين؟ فكان رد أرثر ”من هذا العالم بدأ ٥٠٠ مليون طفل ممارسة لعبة التنس. منهم ٥٠ مليون تعلموا قواعد لعبة التنس. من هؤلاء ٥ مليون أصبحوا لاعبين محترفين. وصل ٥٠ ألف إلى محيط ملاعب المحترفين، وصل منهم ٥ آلاف للمنافسة على بطولة ”الجراند سلام“ بفرنسا. من هؤلاء وصل ٥٠ للمنافسة على بطولة ويمبلدون ببريطانيا، ليصل ٤ إلى دور ما قبل النهائي،ثم ٢ إلى الدور النهائي. وأخيرًا فاز منافس واحد فقط. وكنت أنا هذا الفائز بهذه المنافسة. وعندما تسلمت كأس البطولة ورفعته في فرحة لم أسأل ربي: لماذا أنا؟ فلماذا نسأل ”لماذا أنا؟“ حين نُصاب بالأذى ولا نسأل عندما يأتينا النجاح. لتعيش سعيدًا لا بد أن تتعلم الرضا“.
لم تستمر حياة آش طويلاً إذ فارقها في ٦ فبراير ١٩٩٣، لكنه أعطى درسًا للكثيرين في كيفية الشكر بالرغم من المشاكل والتحديات.
نحن أمام نموذج محترم للنجاح وأيضًا للشكر ”بالرغم من الظروف“ وليس فقط ”لأجل الظروف“. الشكر درس قيّم أصلي أن نتعلمه جميعًا، حرضنا عليه الرسول بولس «شَاكِرِينَ كُلَّ حِينٍ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فِي اسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (أفسس٥: ٢٠)، وهو إستجابة وطاعة لمشيئة الله الصالحة والحكيمة لنا فهو العليم الحكيم «اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ، لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَتِكُم» (١تسالونيكي٥: ١٨). أُدرك جيدًا، إننا كثيرًا ما نتسائل متحيريين: لماذا أنا أعاني من ذلك؟ لا أملك ذاك؟ لا أحقق هذا؟ لا أحصل على ذلك؟ وغيرها الكثير من الأسئلة العميقة والمُحيِّرة في داخلنا، ومعها تزداد وتيرة التذمر والتملل وتقلّ جدًا نغمة الشكر والحمد للرب على عطاياه الصالحة تجاهنا. لذا دعني أشاركك قارئي العزيز ببعض الأفكار والبركات التي لنا عندما نتعلم ونتدرب على الشكر:
تعريف الشكر
هو التعبير عن الحمد والثناء والاعتراف بالجميل لله، ورد بمرادفاته مرات عديدة في طول الكتاب وعرضه. عكسه ”التذمر“ وهو خطية يمقتها الله وتجلب الإدانة على صاحبها ولنا في الشعب قديمًا درسًا عمليًا في ذلك.
الشكر ذبيحة
فبشكرنا للرب في كل حين وعلى كل الظروف نحن بذلك نمجِّد الله ونقدِّم له ذبائح شفاهنا الشاكرة دائمًا له «فَلْنُقَدِّمْ بِهِ فِي كُلِّ حِينٍ للهِ ذَبِيحَةَ التَّسْبِيحِ، أَيْ ثَمَرَ شِفَاهٍ مُعْتَرِفَةٍ بِاسْمِهِ» (عبرانيين١٣: ١٥)، «ذَابحُ الْحَمْدِ يُمَجِّدُنِي» (مزمور٥٠: ٢٣).
الرب يسوع يمتدح الشكر ويقدره جدًا
هذا ما نراه بوضوح في قصة العشرة البرص «فَوَاحِدٌ مِنْهُمْ لَمَّا رَأَى أَنَّهُ شُفِيَ، رَجَعَ يُمَجِّدُ اللهَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ شَاكِرًا لَهُ... فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: أَلَيْسَ الْعَشَرَةُ قَدْ طَهَرُوا؟ فَأَيْنَ التِّسْعَةُ؟ أَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَرْجِعُ لِيُعْطِيَ مَجْدًا ِللهِ غَيْرُ هذَا الْغَرِيبِ الْجِنْسِ؟» (لوقا١٧: ١٥-١٩).
الشكر تدريب للصلاة
«لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ» (فيلبي٤: ٦)، فكم هو غالٍ جدًا على قلب الرب أن نشكره في كل صلواتنا بانتظام »واظِبُوا عَلَى الصَّلاَةِ سَاهِرِينَ فِيهَا بِالشُّكْرِ» (كولوسي٤: ٢).
الشكر مرتبط بالنصرة
يربط الكتاب المقدس الشكر بالحياة المنتصرة: «وَلكِنْ شُكْرًا ِللهِ الَّذِي يَقُودُنَا فِي مَوْكِبِ نُصْرَتِهِ فِي الْمَسِيحِ كُلَّ حِينٍ» (٢كورنثوس٢: ١٤)؛ «وَلكِنْ شُكْرًا ِللهِ الَّذِي يُعْطِينَا الْغَلَبَةَ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (١كورنثوس١٥: ٥٧).
الشكر يملأ القلب بالفرح بالرغم من الأحزان
«فَمَعَ أَنَّهُ لاَ يُزْهِرُ التِّينُ، وَلاَ يَكُونُ حَمْلٌ فِي الْكُرُومِ. يَكْذِبُ عَمَلُ الزَّيْتُونَةِ، وَالْحُقُولُ لاَ تَصْنَعُ طَعَامًا. يَنْقَطِعُ الْغَنَمُ مِنَ الْحَظِيرَةِ، وَلاَ بَقَرَ فِي الْمَذَاوِدِ، فَإِنِّي أَبْتَهِجُ بِالرَّبِّ وَأَفْرَحُ بِإِلهِ خَلاَصِي» (حبقوق٣: ١٧-١٨).
الرب يسوع نموذج الشكر
فقد ترك لنا الرب مثالاً لنتبع خطواته ومن ضمن هذه الأمثلة الرائعة في شخصة الكريم هو حياة الشكر الدائم «أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ، رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ... لأَنْ هكَذَا صَارَتِ الْمَسَرَّةُ أَمَامَكَ «(لوقا١٠: ٢١). وعندما أشبع الجموع شكر الآب على الطعام المقدم «وَأَخَذَ يَسُوعُ الأَرْغِفَةَ وَشَكَرَ، وَوَزَّعَ عَلَى التَّلاَمِيذِ» (يوحنا٦: ١٠-١٣).
مجالات الشكر
هناك مجالات كثيرة تستحق أن نشكر الرب عليها، فهل نشكره على: نعمة الإيمان المسيحي، الفداء وغفران الخطايا، الكتاب المقدس، الصحة والحياة، العمل، الأسرة، الأمان والسلام، الطعام؟ إذا تأملت عميقـــًــا في داخلك ستجد العديد من الدوائر لتشكر الرب عليها «وَكُلُّ مَا عَمِلْتُمْ بِقَوْل أَوْ فِعْل، فَاعْمَلُوا الْكُلَّ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ، شَاكِرِينَ اللهَ وَالآبَ بِهِ» (كولوسي٣: ١٧).
| الشكر مش كفاية
|
| على الحب والرعاية
|
| وعدك بيكفي قلبي
|
| إنك دايمًا معايا
|
صلاة: سيدي الغالي المسيح، قلبي وعقلي لك في امتنان، أنت من أتيت إليً بالرحمة والإحسان، فحررتني من الخطية والذل والهوان، شكرًا لك يا مخلصي المنان، سأعيش شاهدًا لمراحمك بطول الزمان.