“يا رب أنا طالب منك تتدخل في المشكلة دي... يا رب محتاج تقف معايا في الامتحانات... يا رب أنا ظروفي المادية صعبة ومحتاجك تدبرها بطريقتك... يا رب فلان مريض تدخل في حالته ومد له يد الشفاء... يا رب...”
عزيزي القارئ هل سبق وطلبت من الرب في صلاتك طِلبة من الطلبات السابقة؟ في الحقيقة جميعُنا كَبشر طلبنا من الله طلبة من الطلبات السابقة أو طلبات شبيه لها. فنحن كبشر ضعفاء في ذواتنا، وأمام الظروف الصعبة – حتى والسهلة – ليس أمامُنا إلا اللجوء إلى الله وهو ملجأ أمن لنا في كل الظروف (مزمور٤٦: ١).
لكن هل سألت يومًا ما عزيزي القارئ ما هي الأمور التي يُحب الله أن نطلبها منهُ؟ هل دار في مخيلتك أن هناك أشياء يحبها الله ويريد من أولاده أن يطلبونها؟
في الحقيقة الله لديه طلبات مُفضَلة يُريدنا أن نضعها في اعتبارنا عندما نَطلب منهُ، وهي طِلبات عَزيزة على قلبه جدًا، وهذا موضوع مقالُنا، طِلبات الله المُفضلة! أرجو ألا يصل إليك أن الله لا يريد أن يسمع أي طلبات أخرى، لا، أنا لا أقصد هذا إطلاقًا؛ لأن الرب يسوع نفسه قال «اِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ، وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَه «(متى٧: ٦-٧)، كما يُشجعنا الرسول بولس على أن نضع كل شيء في صلاتنا ولا نقلق (فيليبي٤: ٦-٧).
ما يريده الله ويبغي مننا أن نطلبهُ في صلاتنا، ويكون في طليعة طلباتنا التي نطلبُها منه عدة أمور وسنذكرها في نقاطٍ محددة.
أولاً: اُطْلُبُوا الرَّبَّ
هذه يجب أن تكون أولى طلباتنا: أن نطلب الرب نفسه، قبل عطاياه وهباته.
نطلبه أن يكون مخلِّصًا لنفوسنا؛ وهي أول طلبة يطلبها الإنسان من الله. أرجوك عزيزي القارئ أن تكون فَعلت ذلك وقبلت الرب يسوع كمُخلص لحياتك. إن لم تكن قد فعلت ذلك، يمكنك فعله الآن. نعم الأمر ليس مُعقدًا كما يصورّه البعض، لكن اُطلب الرب من قلبك كما فعل من قبل العشار «وَقَفَ مِنْ بَعِيدٍ، لاَ يَشَاءُ أَنْ يَرْفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ، بَلْ قَرَعَ عَلَى صَدْرِهِ قَائِلاً: اللّهُمَّ ارْحَمْنِي، أَنَا الْخَاطِئَ. أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذَا نَزَلَ إِلَى بَيْتِهِ مُبَرَّرًا دُونَ ذَاكَ، لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ، وَمَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ» (لوقا١٨: ١٣ ١٩).
لكن هل طلب الرب أمر يحدث مرة واحدة فقط عند الخلاص؟!
بالطبع لا، وألف لا يا عزيزي. إن طلب الرب وطلب التلذذ بشخصه، أمر ينبغي أن يكون دائمًا ومستمرًا في حياة كل المؤمنين. وفي الحقيقة هي أرقى جميع الطلبات أن نطلب الرب نفسه قبل طلب عطاياه وهباته، كما قال أحد رجال الله “التقي يحب الله قبل عطاياه”. وإن وصلت علاقتنا بالرب إلى هذا المستوى من الشركة والتلذذ به سنختبر قول داود في مزمور٣٧ «وَتَلَذَّذْ بِالرَّبِّ فَيُعْطِيَكَ سُؤْلَ قَلْبِكَ». عندما نعرف الرب حق المعرفة، ونعرف قلبه وما يرضيه؛ فلن نطلب شيئًا عكس طبيعته، بل سنطلب ما يحبه.
أشجِّعك أن تطلب من الرب أن يفتح عينيك على جمال وروعة شخصه وتستمتع بعلاقتك معه.
ثانيًا: اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ.
قبل أن يوصي الرب الجموع بهذا في موعظته الشهيرة على الجبل، تحدث إليهم في إنجيل متى٦: ٢٤-٣٤ أن لا يقضوا حياتهم في خوفٍ وقلقٍ من المستقبل، خائفين من عدم توفر المأكل والملبس والمشرب، ودعاهم بالنظر إلى طيور السماء التي لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلى مخازن ولكن الله يقوتها. ونحن نحتاج أن نتعلم نفس الدرس وهو ألا نقلق أو نخاف بخصوص احتياجتنا في المستقبل؛ فكما يرعى الله في غناه الطيور، فهو يرعانا إلى النهاية. ثم يدعونا الله أن نهتم بعمله، وأن يكون أولوية عندنا ما يريده الرب من كل واحد منا أن يفعله، ونهتم بأمور الله، وسنرى حتمًا أن الله يهتم بأمورنا، ولا نقضي العمر في اللهث لتحقيق أشياء وعدنا الرب بأن «وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ»، ونترك الهدف النبيل الذي يستحق الحياة لأجله وهو أن نعمل ما يُرضي ويسُر الرب.
أُشجعك أن يكون للعمل الذي أعطاك إياه لتعمله لأجل مجده أولوية أولى في حياتك.
ثالثًا: فَاطْلُبُوا مِنْ رَبِّ الْحَصَادِ أَنْ يُرْسِلَ فَعَلَةً إِلَى حَصَادِهِ.
«وَكَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ الْمُدُنَ كُلَّهَا وَالْقُرَى يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهَا، وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ، وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْفٍ فِي الشَّعْبِ وَلَمَّا رَأَى الْجُمُوعَ تَحَنَّنَ عَلَيْهِمْ، إِذْ كَانُوا مُنْزَعِجِينَ وَمُنْطَرِحِينَ كَغَنَمٍ لاَ رَاعِيَ لَهَا حِينَئِذٍ قَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: الْحَصَادُ كَثِيرٌ وَلكِنَّ الْفَعَلَةَ قَلِيلُونَ فَاطْلُبُوا مِنْ رَبِّ الْحَصَادِ أَنْ يُرْسِلَ فَعَلَةً إِلَى حَصَادِهِ» (متى٩: ٣٥–٣٩).
أمام مشهد الاحتياج هذا أوصى الرب تلاميذه أن يطلبوا من رب الحصاد أن يرسل فعلة إلى الحصاد لأنه كثير، هل تَرى يا عزيزي فعلًا أن الحصاد كثير؟ أعتقد أن الحصاد كثير جدًا؛ فهناك نفوس بعيدة تحتاج إلى معرفة الرب يعوزنا الصلاة لأجلهم، وهناك مؤمنين يحتاجون إلى البنيان، وهناك أطفال صُغار يحتاجون من يرضعهم الكلمة الحية، وهناك شباب تائهين حائرين يحتاجون من يمسك بأيديهم ليقودهم إلى معرفة الله، وهناك من يئنون على فراش المرض يحتاجون إلى زيارة، وهناك المُتعثرين الذي يحتاجون إلى أبسط شيء ولو مكالمة تليفونية نخبرهم فيها إننا نشتاق إلى رؤياهم، وأيضًا نشر كلمة الله الذي يحتاج إلى الصلاة والدعم. كانت تلك الأمور على سبيل المثال لا الحصر ولكن تمركزنا حول نفوسنا واحتياجتنا ومشاريعنا الخاصة أنسانا أن هناك أمور كثيرة تحتاج من يُصلي لأجلها ويتحرك إذا وجَّهه الرب لفعل شيء ما.
أشجعك أن تُصلي لأجل الحصاد الكثير أن يرسل الرب فَعَلة بحسب فكرهُ، وستختبر أمور مُشجعة.
أخيرًا أُذكر ما سردته في المقدمة بأن الله يحب يسمع طلباتنا بخصوص إحتياجتنا، ولكنهُ يُسر عندما نشاركهُ إهتماماتهُ وما على قلبهِ، فهل تشارك الله ما على قلبه بأن تطلب ما يسره؟