اتنين أصحاب ساكنين في بيت واحد، في نفس السن والمستوى الدراسي. متفقين في أغلب الحاجات، يفكروا ويخططوا سوا، يشيروا على بعض. بس بالأسف، أغلب الأحيان مكانتش مشورتهم لبعض صالحة. كانوا مضيّعين بعض، متعرفش مين فيهم اللي جايب صاحبه ورا وبيشده لتحت.
وفي يوم من الأيام، الرب الحلو افتقدهم بنعمته وغيّرهم هما الاتنين في يوم واحد. بس بقيت مشكلة إن واحد فيهم ابتدأ يأخذ خطوات جدّية ويقفز قفزات روحية بينما التاني بطيء وبليد.
معادتش صحبتهم مريحة زي الأول. زمان لما كان الأولاني بيقول، التاني وراه علطول ينفذ. لأن الشورة كانت بتيجي على كيفه. لكن النهاردة الحال غير: الأولاني يقول ويقول والتاني مع إنه عرف الصح لكنه بطيء فبيتلكع.
النهاردة تبص عليهم وهما ماشيين في الطريق، تلاقي واحد فيهم سخن وسابق بكام خطوة والتاني بيمشي برضه بس ماشي على أقل من مهله. واحد فوق والتاني وراه بشوية سلالم كتيرة. تقعدهم في اجتماع، الأولاني منسجم ومتعزي، وصاحبه من وقت للتاني يهز راسه بس بتُقل كده.
وإن كنا مننكرش إنه في تحسُّن. كنا فين وبقينا فين. لكنه لسه بعيد بالمشوار عن صاحبه، متحسش فيهم التناغم والتوافق بتاع زمان.
والاثنين دول كلنا عارفينهم من صغرهم. لا قصدي من صغرنا. عارفينهم وحافظينهم. ما هما الاثنين جوه كياننا!
الاثنين دول هما: العقل والقلب!
الاثنين حصلت ليهم المعجزة. معجزة التغيير. بقي عندنا ذهن جديد، وقلب جديد. لكن تحس أن التغيير مش حاصل بنفس الكيفية. تحسهم طول الوقت في صراع. العقل عايز يعمل الصح اللي عرفه، والقلب لسة بارد وبيتلكع. فمثلاً، العقل عارف الوصية: أحبوا أعدائكم. والقلب مش عارف يحب حتى القريب!
لكن الخبر المطمئن هو أن القلب تابع للعقل. مش العكس. يعني الذهن يصدّر الأفكار، وبناءً عليها القلب يحس ويصدر المشاعر.
لكن امتى بقى؟ امتى المشاعر هتتوافق مع الأفكار؟ امتى الكيان ده هيتسق ويتناسق؟
امتى حياتنا توافق أفكارنا؟! أفكارنا اللي عرفناها عن الرب! عشان تقدر توافق أفكاره.
الفرق بين العقل والقلب تقريبًا زي الفرق بين المعرفة والحكمة. فالعقل هو اللي بيشيل جواه المعرفة والفهم، ويبعتها على القلب اللي بيشعر، فيوجِّه السلوك.
والقلب الحكيم هو القلب اللي بيعيش صح بناء على الصح اللي عرفه العقل.
والحكمة هي: إني أعيش باللي عرفته وأطبَّق اللي فهمته في نطاق الحياة العملية. وبالتالي فالسالك بحكمة هو شخص كيانه متسق مع بعضيه، أفكاره مع مشاعره وسلوكياته. تلاقيه عايش باللي بيقوله. ولأن رأس الحكمة مخافة الرب (في السر)، فالسالك بحكمة (في العلن) هو ينجو. تلاقيه شخص ناجح في حياته، معندوش حاجة يخبيها أو يخاف الناس تعرفها عنه، تلاقيه شخص سَوي محترم، كيانه متناسق. فالرجل الحكيم في عز!
«حَكِيمُ ٱلْقَلْبِ يَقْبَلُ ٱلْوَصَايَا (يعني ينفذ ويطيع الوصايا)» (أمثال١٠: ٨).
«مَنْ هُوَ حَكِيمٌ وَعَالِمٌ بَيْنَكُمْ، فَلْيُرِ أَعْمَالَهُ بِٱلتَّصَرُّفِ ٱلْحَسَنِ فِي وَدَاعَةِ ٱلْحِكْمَةِ» (يعقوب٣: ١٣).
لما الله سأل سليمان: اسأل ماذا أعطيك؟ يا ترى طلب إيه؟ “قلبًا فهيمًا” ولا “قلبًا حكيمًا”؟
في الحقيقة هو طلب “قلبًا فهيمًا”، ومع إنه حسن في عيني الله إنه مطلبش غنى ولا كرامة. لكن كأن الله يقوله: حلو يا سليمان! أنت قربت من الصح. هو “القلب” فعلاً، بس هصحح ليك الطلبة. هديك اللي أحلى من القلب الفهيم، هديك “قلبًا حكيمًا”! ناس كتير عندها فهم بس مش مفعلاه، عشان كده ههديك قلب حكيم يشغّل المعرفة الصح، فتعيش صح.
«فَأَعْطِ عَبْدَكَ قَلْبًا فَهِيمًا لِأَحْكُمَ عَلَى شَعْبِكَ وَأُمَيِّزَ بَيْنَ ٱلْخَيْرِ وَٱلشَّرِّ، لِأَنَّهُ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى شَعْبِكَ لعظيم هَذَا؟ فَحَسُنَ ٱلْكَلَامُ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ، لِأَنَّ سُلَيْمَانَ سَأَلَ هَذَا ٱلْأَمْرَ. هُوَذَا قَدْ فَعَلْتُ حَسَبَ كَلَامِكَ. هُوَذَا أَعْطَيْتُكَ قَلْبًا حَكِيمًا وَمُمَيِّزًا حَتَّى إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِثْلُكَ قَبْلَكَ وَلَا يَقُومُ بَعْدَكَ نَظِيرُكَ» (١ملوك٣: ٤–١٥).
يا إلهي ذا دعائي
|
| أن تعرفني المزيد
|
عن حياتي كيف تنمو
|
| في المسيح وتزيد
|
أعطني قلبًا حكيمًا،
|
| نعمة طول الحياة،
|
نعمة تزداد عمقًا
|
| في محبة الإله
|
|
|
|
ربي ثبتني وزدني
|
| حكمة بين الأنام،
|
علمني كيف أنمو
|
| كيف أخطو للأمام
|
كيف أسمو كيف أغدو
|
| سالكًا طرق السلام،
|
باذلاً كل اجتهاد
|
| خادمًا على الدوام
|