قصص قصيرة جدًا

الدهشة

ذهب الخادم الشاب لقرية بسيطة في صعيد مصر، كان يشعر في ذلك اليوم بإجهاد وتعب شديدين، بالإضافة لضغوط كثيرة تجمعت كلها أمامه في ذلك اليوم. شعر أن أفكاره مُشتتة جدًا قبل أن يعتلي المنبر. ملأه الخوف والتردد قبل أن يقف أمام الحاضرين المنتظرين سماع كلمة الله. وقف يُصلي، ثم بدأ بقراءة جزء من كلمة الله. وما أن بدأ يتكلم حتى شعر بقوة عجيبة تمتلك كيانه. والروح القدس يقود أفكاره بطريقة مُذهلة. وكان حضور الله عجيبًا في هذه الليلة.

انتهى الاجتماع، وظل السؤال يدور في ذهن الخادم الشاب: ما تفسير هذا؟ كيف فعل الله هذا الأمر؟ ظل يُفكر في الأمر حتى ذهب للإستراحة، وقبل أن ينام بدقائق سمع في البيت المُجاور للكنيسة صوت امرأة عجوز تصلي بلجاجة، ودموع لأجل عمل الله في النهضة. فعرف السبب، وفهم الأمر. ونام مبتسمًا.

الصدمة

في بيت قديم ذو سلالم خشبية. كان يقطن رجل وزوجته وأولاده الثلاثة، كان هذا الرجل عنيفًا مع أولاده عُنفًا شديدًا. فقد كان دائم الإهانة والضرب لهم لأتفه الأسباب. وفي يوم من الأيام كان ابنه الصغير عائدًا بعد منتصف الليل وهو لا يدري بنفسه بسبب جرعة كبيرة من المخدرات. ونشبت بينه وبين أبيه مشادة عنيفة جدًا. ولم يدرِ الولد بنفسه وهو ينهال على أبيه بالضرب. ثم يُمسكه من ياقة القميص ويجرجره إلى الخارج، ثم نزل به درجات السلم بذات الطريقة. وعند باب البيت وجد والده يصرخ بدموع: أرجوك لا تُلقيني في الشارع، يكفي ما حدث. تطلع إليه الولد بدهشة مستفسرًا فأكمل الوالد والدموع تنهمر من عينيه: منذ عشرين عامًا فعلت ذات الشيء بوالدي، وتركته عند الباب. اتركني هنا من فضلك!

دموع.. ولكن!

وقف مُتلهفًا، مضطربًا، ينتظر خروج زوجته من غرفة العمليات هي والمولود الثاني لهما. شعر أن هناك أمرًا غريبًا في الداخل. وبعد نصف ساعة علم أن زوجته بخير، لكن المولود ذهب للسماء قبل أن يراه.

في الأيام التالية تلقى مكالمات وزيارات من إخوته المؤمنون للتشجيع والتعزية. وفي يوم من الأيام رن جرس هاتفه المحمول، فاندهش من اسم المُتصل، فتح التليفون فلم يسمع شيئًا من الطرف الثاني. وبعد عدة ثوان سمعه يجهش بالبكاء. ثم أغلق التليفون. لقد كان صديقه الذي فقد ابنه في حادث أليم منذ عدة أسابيع. وقد كان هذا الاتصال سببًا لتعزيته.

حكايات قبل النوم

حكي لي أحد الخُدام أنه أصيب بُحمى شديدة وهو صغير السن، فجاءت جدته لتُقيم معهم في البيت حتى ترعاه وتهتم به أثناء غياب والده ووالدته. وقرَّرت الجدة التقية من اليوم الأول أن تحكي لحفيدها قصة كتابية كل يوم قبل أن ينام. طال وقت المرض، فكانت فرصة عظيمة للجدة والطفل الصغير أن يحفظ قصصًا أكثر من الكتاب المقدس. حتى صارت هذه الفترة هي السبب الرئيسي لتعلقه بكلمة الله. واللهج بها نهارًا وليلاً.

لقد حكي لي هذه القصة الرائعة عندما سألته: كيف تحفظ كلمة الله بهذه الطريقة المُذهلة؟

الزائر

ذهب ليُعاتب صديقه على بعض المواقف التي صدرت منه في الآونة الأخيرة، مُرتِّبًا أفكاره التي سوف يُناقشه فيها. واضعًا بعض التوقعات لإجابات صديقه، ومهيئًا نفسه للطريقة التي سيجاوبه بها حتى يخرج ظافرًا منتصرًا عليه. ومؤكدًا له أنه مُخطئ في حقه لا محالة.

ضغط على جرس الباب ثم ابتعد قليلاً، حتى فتح له شاب في العشرينات من عمره. فقال له: أهلا حبيبي، بابا موجود؟ أجابه الشاب على الفور: نعم يا عمي، لكنه يقضي اليوم في الصوم والصلاة في غرفة مكتبه. وغير مُصرَّح لنا بالدخول إليه! ابتسم الزائر ثم قال له: حسنًا، قل له أني سألت عليه. ثم عاد في طريقه، وقد اتخذ قراره بأن يقضي يومه في الصلاة كصديقه المحبوب.