استضافت بلدنا مصر، مؤتمرًا علميًا كبيرًا لإحدى أكبر شركات الدواء العالمية، عُقد في فندق شهير بمدينة الإسكندرية. ومع قرب نهاية المؤتمر اجتمع المدير الإقليمي للشركة بكل الأعضاء والعاملين فيها، لوضع خطة عمل وتسويق لدواء جديد سيُطرح في الأسواق. وفي نهاية الاجتماع، طرح المدير سؤالاً لم يخطر على بال أحد، بدأ حديثه قائلاً: ”أنا على يقين أن كل واحد منكم كان متحمسًا وكانت لديه استعدادات خاص للمؤتمر، ومما لا شك فيه أن كل منكم حرص على تحضير شنطة سفره ووضع ما يهمه فيها”. ثم توقف قائلاً: “أريد أن اسأل كل واحد منكم: ما هو أهم شيء في شنطة سفرك؟”
ساد صمت لثواني، ثم بدأ توجيه السؤال لكل من بالقاعة. تعددت الاجابات، وتنوعت الأولويات، حتى جاء الدور علي شاب اسمه (ب. ص) فأجاب المدير قائلاً: “إن أهم شيء في حقيبتي هو الكتاب المقدس”. فلم يعلق المدير ربما (لعدم أهمية الكتاب المقدس في نظره). واستمر في طرح سؤاله على الجميع، حتى جاء ميعاد العشاء وبعدها انطلق كل واحد إلى غرفة نومه.
لم تمض سوى دقائق قليلة حتى استقبل (ب. ص) تليفونًا من زميل له اسمه (م. س) وقال له: “أريد أن أحكي معك؛ لإن إجابتك وشجاعتك أمام الجميع في إعلان إيمانك بالمسيح وأهمية الكتاب المقدس في نظرك اخجلتني جدًا. فأنا أحمل اسم المسيح لأكثر من ٣٠ سنة ولم اهتم بقراءة الكتاب المقدس بل كنت أخجل من ذلك. فهل تسمح لي أن نتقابل لتحدثني عن يسوع؟! قَبِل (ب. ص) الدعوة وذهب إلى (م. س) الذي فتح قلبه للمسيح وصلى وقبله ربًا ومخلصًا لحياته. تغيرت حياة (م. س)، وحرص على اقتناء الكتاب المقدس من إحدى المكتبات المسيحية بالإسكندرية، عاد إلى بيته وشارك اختباره مع زوجته التي لاحظت التغيير في حياته. وبمرور الأيام حرصت أسرة (م. س) على قراءة الكتاب المقدس والعيش بموجبه، كل هذا بسبب شهادة شخص وبدون خجل أن أهم ما في شنطة سفره هو الكتاب المقدس.
صديقي: دعني اشاركك ببعض الأفكار التي لمعت أمامي من خلال هده القصة.
١- استعدادات صحيحة
مما لا شك فيه، إننا مثل كل العاملين في شركة الأدوية، نحرص على ترتيب شنطة سفرنا واحضار ما يلزمنا حتى نستعمله أثناء فترة سفرنا وابتعادنا عن بيوتنا، وعلى حسب استعدادك وترتيبك لشنطة سفرك تكون راحتك. وهنا أود أن أذكر عن استعداد من نوع آخر ولفترة أطول، ليس لمجرد مؤتمر أو رحلة مؤقتة، لكنه الاستعداد لرحلتك الأبدية «لِذلِكَ فَاسْتَعِدَّ لِلِقَاءِ إِلهِكَ» (عاموس٤: ١٢). يقول الكتاب: «فِي وَقْتٍ مَقْبُول سَمِعْتُكَ، وَفِي يَوْمِ خَلاَصٍ أَعَنْتُك هُوَذَا الآنَ وَقْتٌ مَقْبُولٌ. هُوَذَا الآنَ يَوْمُ خَلاَصٍ» (٢كورنثوس٦: ٢). فهل اعددت نفسك جيدًا لرحلة الأبدية؟ وهل أنت مستعد للقاء إلهك؟ وهل استعدادتك صحيحة ونقية أم خاطئة ومزيفة؟
٢- مشاركات صريحة
كانت مشاركة (ب. ص) لأهمية الكتاب المقدس في حياته واضحة وصريحة، لم يخجل أو يحرج من إعلان أهمية الكتاب المقدس بالنسبة له أمام الجميع. كما أنه لم يتردد في مشاركة خلاص المسيح وصليبه مع صديقه، فالصليب هو سر افتخارنا ومجدنا، «وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ» (غلاطية٦: ١٤). وما أجمل ما قيل عن تيموثاوس «الابْنِ الصَّرِيحِ فِي الإِيمَانِ» (١تيموثاوس١: ٢)، «فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ» (متى٥: ١٦)، فهل نشهد نحن عن المسيح أم نخجل منه؟
لقد شهد بولس عنه أثناء محاكمته، واستفانوس أثناء رجمه، وبطرس أثناء خدمته، والسامرية اخبرت كل مدينتها بالرغم من ماضيها الشرير، والمولود اعمي شهد أمام المجمع: «إني كنت أعمى والآن أبصر» فدعونا نذهب ونخبر بكم صنع الرب بنا ورحمنا، ولا نخجل من الشهادة عنه وله «لأَنَّهُ إِنْ كُنْتُ أُبَشِّرُ فَلَيْسَ لِي فَخْرٌ، إِذِ الضَّرُورَةُ مَوْضُوعَةٌ عَلَيَّ، فَوَيْلٌ لِي إِنْ كُنْتُ لاَ أُبَشِّرُ» (١كورنثوس٩: ١٦).
٣- أخبار مريحة
إن الكتاب المقدس لم يغيّر حياة (م. س) فقط، بل غيّر حياة الملايين حول العالم على مدار الأجيال، «لأَنِّي لَسْتُ أَسْتَحِي بِإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، لأَنَّهُ قُوَّةُ اللهِ لِلْخَلاَصِ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ: لِلْيَهُودِيِّ أَوَّلاً ثُمَّ لِلْيُونَانِيِّ... لأَنْ فِيهِ مُعْلَنٌ بِرُّ اللهِ بِإِيمَانٍ، لإِيمَانٍ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: أَمَّا الْبَارُّ فَبِالإِيمَانِ يَحْيَا» (رومية١: ١٦، ١٧).
كيف لا؟ وهو: «أَشْهَى مِنَ الذَّهَبِ وَالإِبْرِيزِ الْكَثِيرِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقَطْرِ الشِّهَادِ... أيْضًا عَبْدُكَ يُحَذَّرُ بِهَا، وَفِي حِفْظِهَا ثَوَابٌ عَظِيمٌ» (مزمور١٩: ١٠، ١١)، هو: «سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلاَمُكَ وَنُورٌ لِسَبِيلِي» (مزمور١١٩: ١٠٥)، كما أنه مصدر الفرح و البهجة: «وُجِدَ كَلاَمُكَ فَأَكَلْتُهُ، فَكَانَ كَلاَمُكَ لِي لِلْفَرَحِ وَلِبَهْجَةِ قَلْبِي، لأَنِّي دُعِيتُ بِاسْمِكَ يَا رَبُّ إِلهَ الْجُنُودِ» (إرميا١٥: ١٦).
إنه كتاب الكتب، وهو ما زال شامخًا بالرغم من كل المحاربات ضده، فهل تحرص يا صديقي على قرائته ودراسته، وهل تشارك الآخرين بأخباره الصريحة والمفرحة والمريحة؟
صلاة:
سيدي الغالي المسيح: أرجوك املأ قلبي بالحب لشخصك، فأشهد عنك في كل خطواتي، مهما كانت تحدياتي، فأنت سر نجاحي ونجاتي، ساعدني لكي ألهج في كلامك في صباحي وأمسياتي، وأكرمك يا سيدي في كل تفاصيل حياتي. آمين.