وهو النسخة العامية المصرية من المثل Do good and cast it into the sea، أي: اصنع الخير وألقه في البحر. وهو تحريض أن تفعل الخير وتنساه فلا تطالب بأجر أو مدح. وفي عالم نسي مثل هذه المبادئ، وفي نفس الوقت الحاجة للخير بلا حدود؛ نحتاج لمثل هذا التحريض.
والأهم أن كلمة الله تحرضنا على فعل الخير بل تعتبره من الذبائح التي يفرح بها الرب «وَلكِنْ لاَ تَنْسَوْا فِعْلَ الْخَيْرِ وَالتَّوْزِيعَ، لأَنَّهُ بِذَبَائِحَ مِثْلِ هذِهِ يُسَرُّ اللهُ» (عبرانيين١٣: ١٦).
وقدوتنا في ذلك هو «يَسُوعُ... الَّذِي جَالَ يَصْنَعُ خَيْرًا وَيَشْفِي جَمِيعَ الْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ» (أعمال١٠: ٣٨). لقد اهتم الرب – ولا يزال - بكل ما فيه فائدة الناس وسداد عوزهم الروحي والنفسي والجسدي. وأتباعه يجب أن يتمثلوا به. ويوضِّح يوحنا الحبيب منطق ذلك بقوله «لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ الْخَيْرَ هُوَ مِنَ اللهِ، وَمَنْ يَصْنَعُ الشَّرَّ، فَلَمْ يُبْصِرِ اللهَ» (٣يوحنا١١)؛ فالله هو مصدر كل خير ومن هم في علاقة حقيقية به يجب أن يوصلوا هذا الخير. وقد أضاف الحكيم في هذا الصدد بقوله «لاَ تَمْنَعِ الْخَيْرَ عَنْ أَهْلِهِ، حِينَ يَكُونُ فِي طَاقَةِ يَدِكَ أَنْ تَفْعَلَهُ. لاَ تَقُلْ لِصَاحِبِكَ: “اذْهَبْ وَعُدْ فَأُعْطِيَكَ غَدًا” وَمَوْجُودٌ عِنْدَكَ» (أمثال٣: ٢٧-٢٨).
والأمر المحفِّز لفعل الخير يذكره لنا بولس الرسول «عَالِمِينَ أَنْ مَهْمَا عَمِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْخَيْرِ فَذلِكَ يَنَالُهُ مِنَ الرَّبِّ» (أفسس٦: ٨). وفي شرحه للمبدأ الشهير «الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضًا» يوضح لنا أن «مَنْ يَزْرَعُ لِلرُّوحِ فَمِنَ الرُّوحِ يَحْصُدُ حَيَاةً أَبَدِيَّةً. (ويعقِّب بمثال عملي للزرع للروح بالقول) فَلاَ نَفْشَلْ فِي عَمَلِ الْخَيْرِ لأَنَّنَا سَنَحْصُدُ فِي وَقْتِهِ إِنْ كُنَّا لاَ نَكِلُّ. فَإِذًا حَسْبَمَا لَنَا فُرْصَةٌ فَلْنَعْمَلِ الْخَيْرَ لِلْجَمِيعِ، وَلاَ سِيَّمَا لأَهْلِ الإِيمَانِ» (غلاطية٦: ٧-١٠). علينا أن ننتهز الفرص لعمل الخير ونثابر في ذلك. ولأنه يعلم أن الأمر ليس سهلاً ويحتاج اجتهاد كبير وتواجهه محبطات كثيرة؛ يكرر التحريض «أَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَلاَ تَفْشَلُوا فِي عَمَلِ الْخَيْرِ» (٢تسالونيكي٣: ١٣).
وجدير بالذكر أننا أمام اختيار من اثنين يجملهما لنا حين يقول «انْظُرُوا أَنْ لاَ يُجَازِيَ أَحَدٌ أَحَدًا عَنْ شَرّ بِشَرّ، بَلْ كُلَّ حِينٍ اتَّبِعُوا الْخَيْرَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ وَلِلْجَمِيعِ» (١تسالونيكي٥: ١٥). ومن “بل” نفهم أننا مدعوون لأن نرد الإساءة بالخير والإحسان، مهما كان الوضع أو التكلفة وذلك «لأَنَّ هكَذَا هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ: أَنْ تَفْعَلُوا الْخَيْرَ فَتُسَكِّتُوا جَهَالَةَ النَّاسِ الأَغْبِيَاءِ... إِنْ كُنْتُمْ تَتَأَلَّمُونَ عَامِلِينَ الْخَيْرَ فَتَصْبِرُونَ، فَهذَا فَضْلٌ عِنْدَ اللهِ» (١بطرس٢: ١٥، ٢٠).
فليتنا نتمثل بسيدنا فاعلين الخير دائمًا.