الزفة” حيث أناس كثيرون يحتفلون بعروسين، والعطفة هي شارع صغير أصغر من الحارة. ويكون معنى هذا المثل المصري الشهير أن واحد يهينني علانية وعندما يعتذر يفعل ذلك في السر. وهذا بالطبع ليس من العدل ولا هو رد لكرامة المُهان.
ودعني أستبق المثل بخطوة وأسجل خطورة الشتم في ضوء الكتاب المقدس.
فقد قال الرب في موعظته على الجبل: «وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ ... مَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا (يا تافه)، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ، وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ» (متى٥: ٢٢).
يقول عن اللسان: «بِهِ نُبَارِكُ اللهَ الآبَ، وَبِهِ نَلْعَنُ النَّاسَ الَّذِينَ قَدْ تَكَوَّنُوا عَلَى شِبْهِ اللهِ (ويا للخطورة عندما نعيب من كوَّنه الله على شبهه). مِنَ الْفَمِ الْوَاحِدِ تَخْرُجُ بَرَكَةٌ وَلَعْنَةٌ! لاَ يَصْلُحُ يَا إِخْوَتِي أَنْ تَكُونَ هذِهِ الأُمُورُ هكَذَا!» (يعقوب٣: ٩-١٠).
وحين يقول: «لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ... (واحد من الدلائل أن) فَمُهُمْ مَمْلُوءٌ لَعْنَةً وَمَرَارَةً» (رومية٣: ١٢-١٥). ويبدو أننا جميعًا معرَّضون للسقوط في هذا الأمر فيقول الحكيم: «لأَنَّهُ لاَ إِنْسَانٌ صِدِّيقٌ فِي الأَرْضِ يَعْمَلُ صَلاَحًا وَلاَ يُخْطِئُ... لأَنَّ قَلْبَكَ أَيْضًا يَعْلَمُ أَنَّكَ أَنْتَ كَذلِكَ مِرَارًا كَثِيرَةً سَبَبْتَ آخَرِينَ» (جامعة٧: ٢٠-٢٢). فحتى بطرس، تلميذ المسيح، يومًا «ابْتَدَأَ حِينَئِذٍ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ: إِنِّي لاَ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» (متى٢٦: ٧٤).
ونتعجب عندما يقول الكتاب: «لاَ تَشْتِمِ الأَصَمَّ (مع أنه لن يسمعك، لكن شتمك له يضعك في مواجهة مع الله فيكمل بالقول:)... بَلِ اخْشَ إِلهَكَ» (لاويين١٩: ١٤).
على أن هناك نوع من الشتم أخطر وقضاؤه أعظم «وَمَنْ شَتَمَ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ يُقْتَلُ قَتْلاً» (خروج٢١: ١٧؛ متى١٥: ٤)؛ فليحذر من يتجرأ على ذلك.
فلنتبعد إذًا عن هذه الخطية المقيتة. أما إذا شُتمنا نحن فلنتذكر قدوتنا ربنا يسوع «الَّذِي إِذْ شُتِمَ لَمْ يَكُنْ يَشْتِمُ عِوَضًا... بَلْ كَانَ يُسَلِّمُ لِمَنْ يَقْضِي بِعَدْل» (١بطرس٢: ٢٣)، وليتم فينا القول: «نُشْتَمُ فَنُبَارِكُ» (١كورنثوس٤: ١٢).
عودة لمعنى المثل الأصلي، فإن أخطأت أبسط خطأ في حق واحد، حين يكشف لك الرب خطأك، فلا تكابر عندئذ، ولا تحاول تبرير خطئك أو تخفيفه؛ بل اذهب واصطلح مع أخيك (متى٥: ٢٣-٢٤). وتعلَّم أن ترد له كرامته بأكثر من قدر الإهانة التي ألحقتها به بخطئك. مبدأ أرساه الناموس أنّ من سلب صاحبه حقًا عليه أن يعوضه برد الحق مضافًا إليه الخُمس أي ٢٠٪ (لاويين٦: ١-٥)، فما بالك ما علينا أن نفعله نحن في عصر النعمة؟ اعلم أن هذا ما يرضي الرب؛ فهو وإن كان من الأساس لا يريدك أن تخطئ هذا الخطأ، فإن حدث وأخطأت فهو يريدك أن تصطلح مُكرمًا من أخطأت في حقه.