تكوَّنت الكنيسة يوم الخمسين، بمجيء الروح القدس من السماء وسكناه في المؤمنين. وبعظة واحدة لبطرس، آمن ثلاثة آلاف شخص بالرب يسوع المسيح «وَصَعِدَ بُطْرُسُ وَيُوحَنَّا مَعًا إِلَى الْهَيْكَلِ فِي سَاعَةِ الصَّلاَةِ التَّاسِعَةِ».
كان هدفهما الشهادة عن الرب يسوع، في هذا التجمع الكبير من اليهود، وتقديم الدعوة لهم للتوبة وقبول يَسُوعَ الْمَسِيحَ الْمُبَشَّرَ بِهِ. «سَاعَةِ الصَّلاَةِ التَّاسِعَةِ» أي الثالثة عصرًا، بتوقيتنا الحالي: كان اليهود يواظبون على الصلاة ثلاث مرات في اليوم (مزمور٥٥: ١٧)، لكن في العهد الجديد لا توجد أوقات معينة للصلاة، لكن ينبغي أن يُصلى كل حين ولا يُمل (لوقا١٨: ١)، صلاة صادرة من القلب للرب، وليست صلوات محفوظة.
«وَكَانَ رَجُلٌ أَعْرَجُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يُحْمَلُ، كَانُوا يَضَعُونَهُ كُلَّ يَوْمٍ عِنْدَ بَابِ الْهَيْكَلِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ “الْجَمِيلُ” لِيَسْأَلَ صَدَقَةً مِنَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْهَيْكَلَ». هذا الرجل يمثِّل الإنسان الذي ليس له علاقة مع الله، وذلك لعدة أسباب:
١. أعرج: لا يقدر على السير أو العمل، وبالتالي بلا ثمر، ويشير العَرج إلى عدم القدرة على السلوك الصحيح الذي يمجد الله، ولا العبادة الصحيحة، وهذه حالتنا قبل إيماننا بالرب يسوع، مكتوب: «الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعًا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ... وَطَرِيقُ السَّلاَمِ لَمْ يَعْرِفُوهُ» (رومية٣: ١٢-١٧).
٢. مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ: فكل منا قد ورث الخطية من بطن أمه، «هأَنَذَا بِالإِثْمِ صُوِّرْتُ، وَبِالْخَطِيَّةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي» (مزمور٥١: ٥).
٣. يُحْمَلُ: ليس له إرادة، وهكذا الخاطئ مسلوب الإرادة، لأنه مستعبد للخطية (يوحنا٨: ٣٤)، وعبد للشيطان (يوحنا٨: ٤٤)، وميت يُحمل (أفسس٢: ١، ٢)، فالسمك الحي يستطيع أن يسير ضد تيار المياه، بينما السمك الميت يحمله تيار المياه.
٤. لِيَسْأَلَ صَدَقَةً: أي كان فقيرًا، وهكذا الإنسان بدون المسيح، وهذا ما قاله الرب يسوع لملاك كنيسة لاودكية: «وَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ أَنْتَ الشَّقِيُّ وَالْبَئِسُ وَفَقِيرٌ وَأَعْمَى وَعُرْيَانٌ» (رؤيا٣: ١٧).
٥. كَانُوا يَضَعُونَهُ كُلَّ يَوْمٍ عِنْدَ بَابِ الْهَيْكَلِ، لكنه بالأسف لم يدخل الهيكل ليطلب الله ويكون في علاقة حية معه، صورة للمسيحين بالاسم، الذين يذهبون إلى الكنائس دون أن يكونوا في علاقة حقيقية بالرب يسوع المسيح.
٦. عِنْدَ بَابِ الْهَيْكَلِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ «الْجَمِيلُ»: كان الباب جميلاً، لكن كان أمامه أعرج عاجز وفقير، رمز للذين يمارسون الطقوس والفرائض ويظنون أنهم بذلك يرضون الله، لكنهم ليسوا في علاقة حقيقية بالله (متى٢٣: ٢٧).
«فَهذَا لَمَّا رَأَى بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا مُزْمِعَيْنِ أَنْ يَدْخُلاَ الْهَيْكَلَ، سَأَلَ لِيَأْخُذَ صَدَقَةً». طلب الأعرج دعمًا ماديًا من الرسولين، كما طلب من غيرهما، وعلى الأرجح أنه لم يعرفهما، ولا توقع منهما الشفاء.
«فَتَفَرَّسَ فِيهِ بُطْرُسُ مَعَ يُوحَنَّا، وَقَالَ: انْظُرْ إِلَيْنَا! فَلاَحَظَهُمَا مُنْتَظِرًا أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمَا شَيْئًا». بدلاً من أن يرى بطرس هذا الرجل كعاجز ومسكين، رآه شخصًا يمكن أن تظهر فيه قوة الله العظيمة، ويكون بعد ذلك سببًا للشهادة عن الرب يسوع الذي قام من الأموات. عندما تفرس فيه بطرس ويوحنا، توقع أنه سيأخذ منهما شيئًا ماديًا، ولكنه لم يكن يتوقع الشفاء الجسدي. يجب أن نتوقع من الله أمورًا عظيمة، ونقبلها منه بالإيمان (أفسس٣: ٢٠).
«فَقَالَ بُطْرُسُ: لَيْسَ لِي فِضَّةٌ وَلاَ ذَهَبٌ». بلا شك أصيب الأعرج بخيبة الأمل والإحباط، لأنه أي نفع يأتي إليه من شخص مُفلس.
«وَلكِنِ الَّذِي لِي فَإِيَّاهُ أُعْطِيكَ: بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ قُمْ وَامْشِ!» كان بطرس يمتلك قوة اسم يسوع المسيح الناصري، وما ارتبط به من سلطان، وذلك لأنه ابن الله، وكان له أيضًا الإيمان بأن هذا الأعرج سيقوم ويمشي، لذلك أمره قائلاً: قُمْ وَامْشِ! لأنه قال بعد ذلك: «وَبِالإِيمَانِ بِاسْمِهِ، شَدَّدَ اسْمُهُ هذَا الَّذِي تَنْظُرُونَهُ وَتَعْرِفُونَهُ، وَالإِيمَانُ الَّذِي بِوَاسِطَتِهِ أَعْطَاهُ هذِهِ الصِّحَّةَ أَمَامَ جَمِيعِكُمْ».
«وَأَمْسَكَهُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَأَقَامَهُ، فَفِي الْحَالِ تَشَدَّدَتْ رِجْلاَهُ وَكَعْبَاهُ». أَمْسَكَهُ لتشجيعه ليأخذ خطوة بالإيمان، واثقًا في قوة اسم يسوع المسيح، وليساعده لكي يقوم، فَفِي الْحَالِ تَشَدَّدَتْ رِجْلاَهُ وَكَعْبَاهُ، لقد شعر بحياة جديدة، وقوة جديدة تسري في جسده المشلول.
«فَوَثَبَ وَوَقَفَ وَصَارَ يَمْشِي، وَدَخَلَ مَعَهُمَا إِلَى الْهَيْكَلِ وَهُوَ يَمْشِي وَيَطْفُرُ وَيُسَبِّحُ اللهَ». حدثت معجزة الشفاء في الحال، وليس بالتدريج، وفي هذا صورة للخلاص الذي يتم في الحال لكل من يؤمن بالمسيح، لاحظ تدرج الكلمات: وَثَبَ وَوَقَفَ وَصَارَ يَمْشِي، وَدَخَلَ... وَيَطْفُرُ، مع أنه طول حياته لم يتعلم المشي، وهذا إعلان عظيم عن قوة الرب يسوع وسلطانه.
كان شفاءه مجانيًا، صورة للخلاص المجاني الذي يهبه الرب يسوع لكل من يؤمن به، «عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ... بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ» (١بطرس١: ١٨، ١٩).
وَدَخَلَ مَعَهُمَا إِلَى الْهَيْكَلِ، لأنه لم يُرِد أن يفارق بطرس ويوحنا اللذان كانا سببًا في شفائه، وقد رافقهما في الهيكل (أعمال٣: ١١)، وأيضًا عند محاكمتهما (أعمال٤: ١٤).
الشي الرائع أن أول استخدام لرجليه أنه دخل بهما الهيكل، أي سلوك جديد وأيضًا سجود للرب، وهذا يحدث مع كل شخص يخلص، فيسلك لمجد الله وأيضًا يسبِّح الله (عبرانين١٠: ٢٥). كان يطفر أي يقفز لأعلى من شدة الفرح، وأيضًا يسبح الله تعبيرًا عن شكره العميق، كان قبلاً صوته عاليًا وهو يسأل صدقة، لكنه الآن صوته عالٍ وهو يسبح الله.
كانت كل توقعات هذا الأعرج من بطرس ويوحنا هو الفضة، لكن الله قصد له شيئَا أفضل، وهو الشفاء الجسدي، والله يريد لك شيئًا أفضل، وهو الحياة الأبدية.
كانت هذه المعجزة سبب لتعظيم اسم المسيح، وأيضًا شهادة أخرى لشعب إسرائيل، عن الرب يسوع الذي صلبوه، لكنه الآن حي في السماء وتُجرى باسمه المعجزات. إن قوة اسم يسوع المسيح الناصري التي عملت في هذا الأعرج الفقير، قادرة أن تعمل من أجل الشعب كله، لو كان لهم الإيمان باسمه.
إن أعظم معجزة الآن هي تغيير الخاطئ نتيجة إيمانه بالرب يسوع المسيح المخلص، فهل حصلت على معجزة التغيير هذه؟
وللحديث بقية