تحت شجرة الكريسماس كانت الهدايا مترصصة بشكل عشوائي يفتح النفس ويثير الفضول يا ترى السنة دي هايجيلي ايه؟ بس مش ده كان حال الكل، فيه اللي كان ولا على باله من كتر ما اللي جاله مكانش زي اللي كان نفسه فيه! وفيه اللي كان خجلان من نفسه علشان محققش ولا حاجة من اللي وعد بيها؛ فمش متوقِّع تجيله هدية حلوة من الأصل! وفيه اللي كان بيقرب بحرص لما جاله قبل كده هدايا متغلفِّة في قلب بلايا، وفيه منهم دول اللي رفض يقرَّب من الشجرة أصلاً وقرّر يتبرع بهديته لأي حد، حتى لو كانت هدية حلوة من كُتر ما اتلسع، بس على مين؟ الهدايا تحت الشجرة إجباري سواء شئت أم أبيت
أكيد خمنتوا أنا أقصد إيه بالهدايا مش كده؟ ايوة صحيح أنا أقصد السنة الجديدة واحنا في أولها وبنحاول نفك غلافها وبنقول يا هادي. صحيح تختلف مشاعرنا واحنا بنستقبلها بس ده مش هايمنع إننا لازم ناخدها أو نخوضها بمعنى أدق إن كان لسه فاضل لينا عمر!
السنة الجديدة فرصة تانية جديدة للي ضاعت منه السنين اللي قبلها، فيها أمل انه ممكن تكون المرة دي مختلفة «اتركها هذه السنة أيضًا»، فيها لطف وصبر من ذاك الذي معه أمرنا، اللي لو احنا فشلنا في روحنا هو «قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يُطفئ». هو اللي واقف على الباب وبيخبط، عاوز يِدّي، لا يملّ من اظهار محبته. لكن هل أنا بافتح عيون قلبي لاستقبال كل الحب ده؟
لكن برضة الفرصة التانية لبعض الناس مش مبهجة ولا بيشوفوها فرصة، بل ممكن يعتبروها ذكرى للخيبة التقيلة من كتر الوعود اللي وعدوا بيها نفوسهم واتعهدوا بيها بصدق قدام ربنا لكن فشلوا في تحقيقها! يأس من كتر ما مفيش تغيير زي ما بتقول الترنيمة “حتى متى سأظل واقفا أسير في مكاني؟”.
والحقيقة أنا كنت من الناس دي، عندي أشواق حقيقية للتغيير، لكنها بتبقى زي حالة من فرحة البدايات اللي ممكن تستمر شهر أو شهرين بالكتير؛ ولما حماسة المشاعر تروح للأسف بأقف ومبكملش!
في آية في المزامير بتقول «إحصاء أيامنا هكذا علمنا فنؤتى قلب حكمة»، واللي يركز إيه اللي بيحصل في أيامه - مش مجرد عايش وخلاص - ها يتعلم. تكرار خيبات الأمل علمني إن الاتكال بالكامل على المشاعر لتحقيق الأهداف مش مضمون، أكيد هايجي وقت والحماسة هاتروح وده مش معناه إني خلاص مش هأقدر أوصل فأوقّف أو أبطّل!! لما الحماس بيختفي - وده طبيعي - بيجي وقت الالتزام، وده بيحتاج مني إني أعمل زي ما بيقول بولس الرسول أقمع جسدي واستعبده، في عادة هتفرق في حياتي أو غاية الرب حاططها على قلبي ومش. هاستسلم لكن هاعمل كل اللي عليا علشان أتعلم وأوصل. واللي يشجَّع إن السكة مش هامشيها لوحدي، لكن معية الروح القدس بتسند وتشجع وتشدد، وبتبقى رحلة غنية من اختبار الرب في حياتي بشكل شخصي وأنا بأشوفه بيكلمني في أموري الشخصية، فاهمني في عز ما محدش ممكن يكون فاهمني ولا حاسس بيا وبيوصلني بنعمته لحتت مكنتش هاعرف أوصلها بمجهودي الشخصي.
“الله بيتكلم ليا وليك.. قوله يعطيك قلب حساس”.
السنة الجديدة لونها بيبقى أغمق، ووقعها على القلب بيبقى ليه رهبته؛ لما نفكَّر في المجهول، لما نشوفه وهو شايل على ضهره شوال كبير ونقلق ونفكر: “يا عالِم بكرة ها يكون جايب إيه؟”. والقائمة تطول بمتاعب وأوجاع الحياة، لكن اللي بيشجع هو الوعود بالمعية الإلهية في اجتياز وادي ظل الموت، اللي بتتشاف ويتبرهن عليها لما نتأمل في كلام الكتاب، وكمان بشكل ملموس لما نشوف شهادة اللي مشيوا الوادي المرعب مع الراعي ونلاقيه بيحقق معاهم وعوده فلم يعوزهم شيء، دول اللي شهدوا عنه إنه عَدّى بيهم وشالهم على الاكتاف، عزاهم زي ما الأم بتهدي ولادها، حفظ أرواحهم مرفوعة حتى لو انكسرت أجسادهم أو نفوسهم تحت ألم المرض أوالظلم أو غيره، دول اللي بنتشجع بيهم لما صوت المخاوف يعلى، الاختبار العملي إننا فعلاً مش متروكين، مكتئبين في كل شيء لكن غير متضايقين، متحيرين لكن غير يائسين، مضطهَدين، لكن غير متروكين، مطروحين لكن غير هالكين (٢كورنثوس٤: ٨، ٩).
السنة الجديدة مُحبِطة لما الرجاء المماطل هو اللي يملا المشهد، يمرض القلب بأوجاع ويأس الانتظار اللي ملوش ملامح، لما العمر يتسرسب من بين الإيدين لكن لسه مفيش جديد، وعلشان كده باصلي ليك وليّ إن الرب ياخد عنينا لنظرة أبعد، نظرة من فوق، نعرف نشوف الأمور بمنظوره والقلب يستجيب لمعاملاته وتشكيله، وداننا تتفتح على صوته اللي يطمن وسط أشباح العبثية وقلوبنا ترتاح إنه «فيه لله مشيئة»، نميِّز طرق مستنقعات الرثاء للنفس اللي عاوز يجرجرنا ليها إبليس فمنستسلمش ليه، ونبعد ونجري نرتمي عند اللي حبنا ومات لأجلنا.
وأخيرًا، عشان ما طولش عليك، أشجعك إنه مهما كانت مشاعرك وأنت بتستقبل السنة الجديدة، عنده ها تلاقي اللي أنت محتاجه، اللي ممكن بالمناسبة ما تبقاش أنت نفسك عارف إيه هو! أيوه إحنا مساكين بنغلب في نفسنا ونلف في دواير مفرغة ونكتئب، لكن هو اللي جابلنا وعارفنا ومتكفل بينا، كراع يرعى قطيعه، عنده الاجابات والأسئلة الصح في بعض الأحيان! يحفظنا الرب عنينا مرفوعه ومتثبته عليه، نختبره بشكل أعمق في حياتنا ويتمم فينا وبينا غرضه. آمين.