يحكي أن رجلاً كان يمتلك قطعة أرض في منطقة نائية، وكان دائم التذمر والشكوي من عدم صلاحية أرضه لشيء، وكان حلم حياته أن يقتني أرضاً يجد بها منجماً للذهب لينقب عنه بنفسه ليكون في هو نصيبه من كل تعبه.
وفي سبيل تحقيق حلمه هذا باع الرجل أرضه واشتري قطعة أرض أخرى لعله يجد الذهب بها، فأقام فيها ونقّب ولم يجد شيئاً. وبعد فترة عاد وباع أرضه الجديدة ليشتري بثمنها قطعة أرض أخرى.. بحثاً عن الذهب ! وظل الرجل يعيش حياته علي هذا المنوال؛ يبيع الأرض التي يمتلكها ليشتري بثمنها أرضاً جديدة يبحث فيها عن الذهب، وفي النهاية إذ لايجد ذهباً يبيعها ليقتني غيرها.
شاخ الرجل وتقدم به العمر، وذات مرة سمع أن هناك قطعة أرض بها منجم حقيقي للذهب، لكن سعرها بالطبع كبير جداً. دفعه الفضول لأن يستفسر عن موقعها، وعن صاحبها. وكانت المفاجأة المذهلة ! لقد كانت «أرض الذهب» هذه هى ذات الأرض التي كان يمتلكها من البداية، وصاحبها كان هو أول مشترٍ لأرضه منذ سنوات !!
لقد كان مايبحث عنه (الذهب) موجوداً بالقرب منه، بل وفي دائرة مملتكاته بالفعل من البداية. ولكنه لم يكتشف ذلك ففرط فيما يمتلك وهو يظن أنه بلا قيمة. فأضاع فرصة عمره بيديه، وبعدها أضاع عمره ذاته لهثاً وراء حلم هو عين السراب الذي لايتحقق أبداً !!
وياله من درس بليغ يقودنا لأن يسأل كل منا نفسه الأسئلة التإلىة :
*هل ياتري نقنع بما قسمه إلهنا الحكيم لنا من ظروف، ونثق أنها هى الأفضل لنا حتى وإن لم نكن ندرك ذلك في حينه ؟ (انظر تكوين 50: 20؛ روميه 8: 28؛ يوحنا 13: 7).
*وهل ندرك كشباب امتىاز وبركة وجودنا في دائرة المسيحية، فنطلب الرب من القلب؛ ذاك الذي هو مصدر الغني الحقيقي والسعادة الأبدية، عوضاً عن الجري وراء غيره فلا نحصد في النهاية سوي العار والمرار؟ (مزمور 61: 4).
*وهل نقدّر كمؤمنين ماأغنانا به الله أبونا ؟ (أفسس 1: 3؛ روميه 8: 23).
*وهل عرفنا شيئاً - عملياً - عن غني المسيح الذي لايستقصي (أفسس 3: 8) ؟
* بل وهل نقدر كلمة الله التي بين أيدينا والتي هى بحق «أشهى من الذهب والإبريز الكثير» (مزمور 19: 10)؟ أم ترانا نلهث وراء كتب ومجلات بعضها يضرنا ضرراً شديداً ، والبعض الآخر ربما يبدو وكأنه لا غبار عليه، لكنه لايبنينا ولا ينمينا روحياً، ويضيع وقتنا الثمين ؟؟
الخلاصة :
قال الحكيم في معرض حديثه عن الحكمة (والتي تشير إلى الرب يسوع المسيح) : « طوبي للإنسان الذي يجد (أي يستخرج من منجم) الحكمة، وللرجل الذي ينال الفهم، لأن تجارتها خير من تجارة الفضة وربحها خير من الذهب الخالص، هى أثمن من اللآلئ وكل جواهرك لا تساويها» (أمثال 3: 13-15، 8: 11)