بالكلام أم بالفعل؟!

تخيل حبلًا مشدودًا يمتد لقرابة نصف الكيلومتر على عرض شلالات نياجرا، وهي واحدة من أعتى شلالات العالم وأكبرها. الصوت المدوي للمياه المتدفقة يبتلع كل الأصوات الأخرى. وإذ بك تشاهد رجلاً يخطو على الحبل ويمشي عليه ثابتًا واثقًا! هذا العمل المذهل جعل من تشارلز بلوندين نجمًا مشهورًا، في صيف عام ١٨٥٩؛ إذ سار على ارتفاع ٥٠ مترًا فوق الشلالات عدة مرات ذهابًا وإيابًا بين كندا والولايات المتحدة، بينما كانت حشود ضخمة من كلا الجانبين تنظر إليه بصدمة ورهبة. عَبَر مرة في ”شوال“، ومرة على ركائز خشبية ”عكازات“، ومرة أخرى على دراجة، ومرة حمل موقدًا وطبخ عجة! في ١٥ يوليو، سار بلوندين إلى الوراء عبر الحبل المشدود إلى كندا وعاد، وهو يدفع عربة يدوية على الحبل، معصوب العينين.

تعالت صيحات الجمهور المندهشة ”أووه“. وقد أثبت أنه قادر على القيام بهذا العمل الخطير؛ وما عاد هناك شك في ذلك؛ سأل جمهوره أولاً: ”هل تعتقدون أنني أستطيع أن أحمل شخصًا في هذه العربة اليدوية وأدفعها على الحبل؟“ وبالطبع صاح الحشد قائلين: ”نعم“، لقد صدقوا! عندها طرح بلوندين السؤال: ”من يتطوع بركوب عربة اليد فآخذه معي رحلة عبر الشلالات؟!“

لم يفعل أحد!!

لقد شاهد الجمهور مآثره الجريئة، وقالوا إنهم يؤمنون بإمكانياته، لكن أفعالهم أثبتت أنهم لم يؤمنوا بذلك حقًا!!

بالكاد قد نجد عذرًا لهم إن شكّوا في إنسان أن قدراته قد تخونه مرة مع أنه نجح مرات، فهو في النهاية إنسان. لكن ماذا نقول نحن عن إيماننا بإلهنا؟ إن إلهنا لا يتغير، ولا يعتريه التعب، ولا تفلت الأمور من يده أبدًا. لقد أظهر مرارًا قدرته في تنفيذ المستحيل في عين البشر. وليس قدرته فقط، بل أظهر أيضًا حكمته غير المحدودة. وفوق ذلك أعلن محبته الفائقة لنا. لم يخلف وعدًا ولم يخيب ظن أحدٍ. فما بالنا نحجم عن خطوات الإيمان معه مفضلين ما نراه بأعيننا؟

من الإنترنت