عنوان المقالة غريب مش كدة؟ لكن خليني أوضح المقصود: فاكر زمان وأنت صغير، لما ماما كانت مبترضاش تديلك حلويات إلا لما تاكل الأكل المغذي الأول؟ هي كانت بتعمل كده لأنك لو قعدت تاكل حلويات، نِفسَك هتتسد، ومش هتفكر تاكل أي حاجة مغذية، وبالتالي جسمك هيفقد كتير من العناصر الغذائية اللي أنت محتاجها لنمو سليم ولجسم صحيح.
وده يدخلني على سؤال: ليه في أوقات، وعلى الرغم من معرفتي بأهمية قراية الكتاب المقدس والصلاة وحضور الاجتماعات لنموي الروحي، إلا أنه ممكن نفسي تتسد وتبقى الحاجات دي، بدل ما هي أكلي واللي نفسي بتشتاق ليها، تتحول لعبء، وأحس أني بأزق روحي عليها بالعافية؟ اقرأ يوم وعشرة لأ، ودايرة من الإحساس بالذنب، والطلوع والنزول في العلاقة مع الله. وكتير منا ممكن ينتهي بالاستسلام والبُعد، من كُتر التعب والفشل. والمُحبِط إنه حتى لو بعدت فأنت برضه تعبان! يعني لا كده نافع ولا كده نافع!
الإجابة ببساطة إنت مش جعان؛ لأنك بترمرم! وأنت تعبان وأنت بترمرم، لأن الرب خالقنا علشان نبقى في اتحاد معاه، وبدون الشركة دي مش هنشبع. وإصرارك على سد جوعك بأي حاجة تانية غيره ما هو إلا محاولات فاشلة لعيشة بطعم موت!
احتياجنا لله مش شرط نحسه بإننا مشتاقين للشركة معاه، لكن هو الاحساس بإن في حاجة معينة كده لو عملتها أو وصلتلها هأحس بسعادة وشبع! والغريبة إني لما بأعملها بأحس فعلًا بشبع لكن للأسف بيدوم لوقت قصير، وبعدها باحتاج الأقي لي هدف تاني، أو أكرر مرة تاني الحاجة اللي اشبعتني علشان قرصة الجوع العميقة اللي جوايا دي اللي مش راضية تتسد!
الكلام ده مفكركش بقصة السامرية؟ القصة موجودة في يوحنا ٤-أشجعك تفتحها من الكتاب المقدس وتصلي قبل ما تقراها أن الرب يفتح قلبك بالروح القدس على الرسالة اللي عاوز يقولها لك- الرب يسوع قال للمرأة السامرية: «كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضًا» (يوحنا٤: ١٣). وكان يقصد بيها أي حاجة الإنسان بيحاول يعملها علشان يسد الفراغ اللي موجود جواه والطرق اللي بنختار نسده بيها بتختلف من شخص للتاني ومش شرط خالص تكون إدمانات وشهوات جسدية، لكنها ممكن تكون تحقيق أهداف وانجازات زي الجيم مثلًا أو الاشتراك في كورس أو الدخول في علاقات عميقة ودافية؛ وفي بعض الأحيان الخدمة!
وعلى الرغم من إنها حاجات في حد ذاتها مش غلط، لكن لو كنا بنتعامل معاها على إنها هتسد الفراغ اللي جوانا، هنا فيه خطورة لأنها هتتحول إلى وثن!
الأوثان العصرية مش تماثيل، لكن تيموثي كيلر بيعرفها في واحد من كتبه على إنها «تلك الأشياء التي نعتمد عليها ونضع ثقتنا في إنها ستعطينا معنى للحياة».
وطول ما أنا حاطط أملي على أي حد تاني غير الرب، كل ما باجيب التعب لنفسي وبأعطل نموي الروحي وكل ما جوعي للرب بيتلغوش عليه!
الحقيقة هي إن الله واقف بينادي وبيدور عليك، وعمل روحه القدوس مش بيبطل. هو عاوز نوجد فيه ونتحد بيه عاوز يستردني من أي حاجة أخدتني منه وخلت العلاقة معاه تقيلة بالشكل ده!
وعلى الرغم من أن التوبة هي الخطوة الأولى للرجوع، لكن خليني أقول لك إن حتى عمل التوبة في القلب، الله هو اللي بيعمله جوايا، هو اللي بيخليني عاوز أتوب؛ لأني مش هأقدر أبطَّل أصلًا أي حاجة من اللي ساده نفسي عنه بدون قوة روحه. أنا كل اللي محتاجه إني أهيَّأ قلبي لطلب الرب. هو عاوزني بس أطلبه هو فقط بصدق، وأصلي واستنى أميِّز صوته وهو بينادي عليا في بعادي. لما باتجاوب مع صوته وعمله في قلبي هالاقيه بيكشف لي قد إيه أنا تعبان وأنا بعيد عنه بجد، مش عشان شعور بالذنب لكن كشف للجوع الحقيقي في البعاد عنه واشتياقات حقيقية للقرب منه.
تهيئة القلب بتيجي عن طريق أني بابعد عن أي تشويش ممكن يعطلني عن سماع صوت الله. ويبقى قلبي في حالة ترقب وانتظار لكلام الله. زمان كنت فاكرة إن الله مش بيتكلم كتير أو مستني مني أصلح حالي وانتظم في خلوتي عشان يرضى عليا ويكلمني، لكن المفاجأة إنه طلع العكس!!
أنا معرفتش انتظم في خلوتي إلا لما لقيته بيكلمني! واكتشفت انه كان بينادي عليا من بدري بس أنا ودني وقلبي مكانوش معاه! والعلاقة اتحولت من فروض إلى لقاء وشركة فيها باكلمه وبيكلمني، واللي بيحصل خلالها شبع مختبرتوش قبل كده في أي حاجة تانية في الدنيا! شبع بيخليني عاوزة من ده وبس، شهية روحية مفتوحة، ونبعه مبيوقفش! «وَلكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ، بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ». (يوحنا٤: ١٤).
لو شهيتك الروحية مسدودة، فده دلاله على إن في رمرمة في حتة غلط هيأ قلبك لطلب الرب، أمسك في كتابك المقدس واستناه يكلمك، وهايجيلك وينتشلك من اللي أنت فيه، ويرجعك تاني لحضنه أنت بس سيبله الفرصة يكشفلك جوعك علشان يشبعك بيه بجد!