اتكلمنا المقالة اللي فاتت عن “السر المكتوم”، يعني الكنيسة اللي مكانتش مُعلَنة في العهد القديم لكن ظهرت بنزول الروح القدس، بعد صعود المسيح. وشوفنا قد إيه الكنيسة متميزة في مقاصد الله ومشوراته. قولنا كمان إن الكنيسة جسد واحد، ووضَّحت لك يا صديقي إيه المقصود بالتعبير ده ”جسد واحد“. والمرة دي هاتكلم عنه شويه أكتر بس من ناحية عملية تطبيقية.
عشان الفكرة تبقى واضحة، اقرا من فضلك ١كورنثوس١٢: ١٢-٣١. الجزء ده بيتكلم عن إن المؤمنين دول أعضاء في جسد المسيح، وبيقول في ع٢٧ «وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجَسَدُ الْمَسِيحِ، وَأَعْضَاؤُهُ أَفْرَادًا». يعني المؤمنين كلهم مع بعض بيكوَّنوا جسد المسيح، وكل مؤمن لوحده عضو في الجسد ده، حقيقه جميله مش كده!
جسمنا الطبيعي بيعلِّمنا إنه مش ممكن يستغنى عن أي عضو فيه؛ لأن كل عضو ليه دور، وصحة الجسد ككل متوقفة على صحة كل عضو.
فكر معايا، إنت وأنا أعضاء في الجسد الكبير ده، زي ما كان المؤمنين في الكنيسة الأولى أعضاء فيه، وبعدهم جم مؤمنين تانيين يكمِّلوا الجسد. وعلى مدى أكتر من ٢٠٠٠ سنة لحد دلوقتي، أعضاء جديدة بتنضم للجسد، بس كلهم من الأول متشافين على إنهم جسد واحد علشان كده “معمودية الروح القدس”، اللي اتكلم عنها في ع ١٣ من الجزء ده، حصلت مرة واحدة يوم الخمسين وكان المؤمنين الموجودين وقتها بيمثلوا كل جسد المسيح؛ وعشان كده بولس بيضم نفسه معاهم ويضم معاه مؤمني كورنثوس ويقول: “اعتمدنا” رغم إننا – زي ما احنا عارفين - إنه لا هو ولا مؤمني كورونثوس كانوا موجودين يوم الخمسين.
الفكرة الجميلة في موضوع “جسد المسيح” هي التنوُّع والوحدة. الجسد مش ممكن يبقى عضو واحد (ع١٤) والطبيعي والصحي والأفضل للجسد إنه يبقى فيه أعضاء متنوعة. عشان كده يتسائل بولس مستنكراً في ع ١٩ «وَلكِنْ لَوْ كَانَ جَمِيعُهَا عُضْوًا وَاحِدًا، أَيْنَ الْجَسَدُ؟»
ده يخليني أقبل الاختلافات الموجودة، وأبقى في ترابط مع اخواتي، بالرغم من اختلافنا عن بعض؛ أنا محتاجلهم وهما محتاجين ليَّ.
لأني عضو؛ فأنا ليَّ وظيفة، ومهم إني أكون عارفها وبعملها لفايدة الجسد. لو محتاج أعرف إيه دوري ممكن تشوف كده الكتاب بيقول إيه في رومية١٢: «فَإِنَّهُ كَمَا فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ لَنَا أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ، وَلكِنْ لَيْسَ جَمِيعُ الأَعْضَاءِ لَهَا عَمَلٌ وَاحِدٌ، هكَذَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ: جَسَدٌ وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ، وَأَعْضَاءٌ بَعْضًا لِبَعْضٍ، كُلُّ وَاحِدٍ لِلآخَرِ. وَلكِنْ لَنَا مَوَاهِبُ مُخْتَلِفَةٌ بِحَسَبِ النِّعْمَةِ الْمُعْطَاةِ لَنَا: أَنُبُوَّةٌ فَبِالنِّسْبَةِ إِلَى الإِيمَانِ، أَمْ خِدْمَةٌ فَفِي الْخِدْمَةِ، أَمِ الْمُعَلِّمُ فَفِي التَّعْلِيمِ، أَمِ الْوَاعِظُ فَفِي الْوَعْظِ، الْمُعْطِي فَبِسَخَاءٍ، الْمُدَبِّرُ فَبِاجْتِهَادٍ، الرَّاحِمُ فَبِسُرُورٍ». (رومية١٢: ٤-٨).
خد بالك هنا، بيسمي الموهبة “ نعمة”. وخد بالك كمان إنه قال من ضمن المواهب حاجه اسمها “خدمة”، ودي كلمة عامة ينفع تنطبق على أي عمل مفيد لجسد المسيح؛ علشان لو حسيت إنه معنديش الستة التانيين اللي هي النبوة، أو التعليم، أو الوعظ، أو العطاء، أو التدبير، أو الرحمةأ فده مش معناه إنه معنديش حاجه أعملها لفايدة الجسد، في حاجات كتير ممكن تتعمل والحاجة دي اسمها “خدمة”، ودي عطية بالنعمة من الرب ليَّ!
إيه اللي بيحصل لما أي عضو في جسدنا بيمارس وظيفته؟ متخيلك بتقول هيفيد ويستفيد، إجابتك صح! وده اللي هيحصل معاك ومعايا لما نقوم بدورنا وسط الكنيسة. الشغل دايمًا فيه تعب، بس تعرف لما نقوم بالدور ده هنختبر مشيئة الله لحياتنا مش بس في دايرة الكنيسة، لكن كمان في دايرة حياتنا الشخصية؛ لأنه قبل الجزء ده في رومية ١٢ قال «فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ، عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ. وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ» (رومية١٢: ١-٢).
مش بس فايده في تحقيق القصد من حياتي، لكن كمان إشباع للعلاقات الصحيحة بطريقة صحيحة. بص كده في ١كورنثوس١٢: «فَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يَتَأَلَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَتَأَلَّمُ مَعَهُ. وَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يُكَرَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَفْرَحُ مَعَهُ» (١كورنثوس١٢: ٢٦). يعني لما أكون وسط اخواتي، ألمي هيشاركوه معايا وبالتأكيد ده هيخليني متعزي ومرفوع، وفرحي كمان يكبر لما بشوفهم بيفرحوا معايا.
المناخ اللي بيضمن للأعضاء والجسد إنه يكون في صحة ونمو هو “المحبة”؛ عشان كده أكتر تحريض للمؤمنين دايمًا هو التحريض على المحبة ودي اللي سماها الرب يسوع “وصيتي” (يوحنا١٥: ١٢) و“الوصية الجديدة” (يوحنا١٣: ٣٤)، وهي التحريض المشترك في الـ٢١ رسالة اللي اتكتبوا في العهد الجديد.
وعشان كده في رومية ١٢ بعد ما يتكلم عن المواهب ييجي في عدد ٩ ويقول: «اَلْمَحَبَّةُ فَلْتَكُنْ بِلاَ رِيَاءٍ»، وكمان في ع١٠ «وَادِّينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِالْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ».
وبعد ما يتكلم في ١كورنثوس١٢ عن الأعضاء والمواهب، ييجي في أصحاح١٣ ويتكلم بأشهر أصحاح عن المحبة في الكتاب، واللي قال فيه إنه لو عندي كل المواهب ومعنديش محبة أنا مش هاكون مفيد ولا مستفيد. وكمان في أفسس ٤: ١-١٦ لما اتكلم برضه عن المواهب، قال في بداية الجزء «مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْمَحَبَّةِ» (ع٢)، وف نهايته قال :«صَادِقِينَ فِي الْمَحَبَّةِ» (ع١٥). محبة بدون مواهب أفضل بكتير من مواهب بدون محبة، وده الفرق مثلاً بين مؤمني تسالونيكي ومؤمني كورنثوس (اقرا ١كورنثوس١: ٤- ٧ ؛٣: ١- ٤ واقرأ ١تسالونيكي١: ٢-١٠؛٢: ١٣-١٤؛ ٣: ٩- ١٣؛ ٤: ٩-١٠).
متنساش تشكر لأنك عضو في جسد المسيح، مارس وفعَّل اتصالك باخواتك باقي الأعضاء، اعرف دورك وقوم بيه، هتفيد وهتستفيد!
النعمة معك