بيقول الكتاب عن الكنيسة إنها: “بيت الله الحي”، يا ترى بيقصد إيه؟ وإيه الفرق بين الكنيسة باعتبارها جسد المسيح وباعتبارها بيت الله؟

في المقال اللي فات اتكلمنا عن الكنيسة جسد المسيح، وهنحاول في المقال ده نفهم بعض الحاجات الخاصة بموضوع بيت الله، ونتعلم دروس مهمة.

فكرة إن الله يبقى له بيت وسط شعبه، اللي طلبها هو الله نفسه! فبعد خروج شعب إسرائيل من مصر وفي بداية رحلة البرية، أمر الرب موسى إنهم «َيَصْنَعُونَ لِي مَقْدِسًا لأَسْكُنَ فِي وَسَطِهِمْ» (خروج ٢٥: ٨). ولما نقرا نلاقي موضوع خيمة الاجتماع بياخد ١٦ أصحاح، في سفر الخروج، وكل حاجه فيها مذكورة بالتفاصيل. ده في حد ذاته دليل كبير على مدى أهمية الموضوع بالنسبة للرب ولشعبه!

لما نتتبع موضوع بيت الله في الكتاب، نلاقي قصة الخيمة مكمِّله، وبعدها اتبنى الهيكل في أرض كنعان. ولما جه المسيح بالجسد، وأتم العمل وصعد، ونزل الروح القدس وسكن في المؤمنين، ابتدا موضوع “بيت الله” ياخد مفهوم روحي جديد «كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مَبْنِيِّينَ ­كَحِجَارَةٍ حَيَّةٍ­ بَيْتًا رُوحِيًّا، كَهَنُوتًا مُقَدَّسًا، لِتَقْدِيمِ ذَبَائِحَ رُوحِيَّةٍ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ اللهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ» (١بطرس٢: ٥)، «الَّذِي فِيهِ أَنْتُمْ أَيْضًا مَبْنِيُّونَ مَعًا، مَسْكَنًا ِللهِ فِي الرُّوحِ» (أفسس٢: ٢٢).

لما نقرا الرسائل نلاقيها بتتكلم كتير عن الكنيسة؛ فنقرا عن المسيح والكنيسة (الرأس والجسد) في أفسس وكولوسي، والترتيب الكنسي في كورنثوس الأولى، والوظائف الكنسية (الأساقفة والشمامسة) في تيموثاوس الأولى وتيطس، وعن “البيت الكبير” في تيموثاوس التانية، وعن رجاء الكنيسة في رسالتي تسالونيكي، وفي آخر سفر، سفر الرؤيا، وفي بدايات الحالة الأبدية، نقرا عن الكنيسة إنها “مسكن الله” (رؤيا٢١: ٣)! يعني موضوع بيت الله موجود في كل الكتاب.

أول إشارة عنه نلاقيها في تكوين ٢٨: ١٧، ١٨ لما شاف يعقوب حُلم السلم المنصوبة؛ وبعد ما صحي قال: «مَا أَرْهَبَ هذَا الْمَكَانَ! مَا هذَا إِلاَّ بَيْتُ اللهِ، وَهذَا بَابُ السَّمَاءِ... وَبَكَّرَ يَعْقُوبُ فِي الصَّبَاحِ وَأَخَذَ الْحَجَرَ الَّذِي وَضَعَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ وَأَقَامَهُ عَمُودًا، وَصَبَّ زَيْتًا عَلَى رَأْسِهِ. وَدَعَا اسْمَ ذلِكَ الْمَكَانِ “بَيْتَ إِيلَ”». ومن الحادثة دي نتعلم إن بيت الله مرتبط بيه أمور مهمة وهي القداسة (ما أرهب هذا المكان!) الشركة والعبادة، والصلاة (باب السماء)، والشهادة (العمود)، والروح القدس(الزيت).

نفس المبادئ دي يؤكِّدها الكتاب بعد كده «بِبَيْتِكَ تَلِيقُ الْقَدَاسَةُ يَا رَبُّ إِلَى طُولِ الأَيَّامِ» (مزمور٩٣: ٥). في أثناء خدمته طهَّر الرب يسوع الهيكل مرتين (يوحنا٢؛ متى٢١؛ مرقس١١؛ لوقا ١٩)، لما شاف إزاي بقي بيت تجارة ومغارة لصوص، ولما حصل كده تذكر التلاميذ أنه مكتوب: «غَيْرَةُ بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي»( يوحنا٢: ١٧). قداسة بيت الله تستلزم إن كل حاجه فيه تكون متوافقة مع طبيعة الله، وتستلزم الحُكم على أي حاجه عكس كده «الْوَقْتُ لابْتِدَاءِ الْقَضَاءِ مِنْ بَيْتِ اللهِ» (١بطرس٤: ١٧). مكتوب برضه عن بيت الله إنه “بيت الصلاة” ٥ مرات في الكتاب، استخرج هذه الآيات واقرأها واتشجع تواظب على الصلاة مع إخوتك.

“باب السماء”تعني “بوابة السماء” أو مكان التقاء الأرض بالسماء، يعني في بيت الله هنستمتع بأمور سماوية وإعلانات إلهية.

وعن رغبة الرب في الشركة مع شعبه يقول في مزمور ١٣٢: ١٣، ١٤: «لأَنَّ الرَّبَّ قَدِ اخْتَارَ صِهْيَوْنَ. اشْتَهَاهَا مَسْكَنًا لَهُ: هذِهِ هِيَ رَاحَتِي إِلَى الأَبَدِ. ههُنَا أَسْكُنُ لأَنِّي اشْتَهَيْتُهَا»، أما رغبة المؤمن فعبَّر عنها داود «واحِدَةً سَأَلْتُ مِنَ الرَّبِّ وَإِيَّاهَا أَلْتَمِسُ: أَنْ أَسْكُنَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِي، لِكَيْ أَنْظُرَ إِلَى جَمَالِ الرَّبِّ، وَأَتَفَرَّسَ فِي هَيْكَلِهِ» (مزمور ٤:٢٧).

كمان بيت الله هو كيان يقدم عبادة لله، واجتماعات المؤمنين هي مكان ومجال أساسي لتقديم العبادة للرب. وبلغة سفر التثنية هي المكان الذي يختاره الرب إلهك والعبارة دي تتكرر ٢١مرة!

من بيت الله أيضاً تُقدم شهادة وهو بلغة ١تيموثاوس٣: ١٥ “عمود الحق وقاعدته” يعني مكان استقرار الحق وإعلانه. ولنفس السبب كان من أسماء خيمة الاجتماع “خيمة الشهادة” (عدد٩: ١٥). زي ما بيت الله هو “كهنوت مقدس” لتقديم الذبائح الروحية في العبادة، هو “كهنوت ملوكي” للإخبار بفضائل الرب في الشهادة (١بط٢: ٥، ٩).

لما كملت خيمة الاجتماع، ولما تم تدشين الهيكل، كان حضور الله ومجده واضحين جدًا والكنيسة تأسست بسكنى الروح القدس وبقي المؤمنين هيكل الله «أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ، وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟» (١كورنثوس٣: ١٦).

فيه درس أساسي نتعلمه من خيمة الاجتماع، إنه مكانش مسموح لإنسان يعمل حاجه في بيت الله من استحسانه الشخصي. موسى أخد التعليمات بالتفاصيل الدقيقة من الرب ونفذها زي ما الرب رسمها بالظبط. والرب إدى حكمة خاصة للقائمين على العمل عشان يتمموا الموضوع «كَمَا أُوحِيَ إِلَى مُوسَى... حَسَبَ الْمِثَالِ الَّذِي أُظْهِرَ لَكَ فِي الْجَبَلِ» (عبرانيين٨: ٥)، أو زي ما بيقول سفر الخروج في إتمام عمل الخيمة “كما أمر الرب موسى” وتتكرر العبارة حوالي ١٥مرة في خروج٣٩؛ ٤٠! ولما أعطى داود سليمان والشعب تعليمات الهيكل قال «قَدْ أَفْهَمَنِي الرَّبُّ كُلَّ ذلِكَ بِالْكِتَابَةِ بِيَدِهِ عَلَيَّ، أَيْ كُلَّ أَشْغَالِ الْمِثَالِ».(١أخبار٢٨: ١٩).

يعني كل شيء مُرَّتب في بيت الله من الرب نفسه ولأن ده بيته فمش من حق أي إنسان إنه يغير ترتيب هو حاطه. الترتيب بالنسبة لنا النهارده تعليمه ومبادئه وأمثلته موجودة في الكتاب، عايزين نعرف إزاي تكون العبادة والخدمة، دور الرجل ودور المرأة، إيه هو التأديب الكنسي وإيه أهميته، إيه دور الكنيسة في العالم، كل الحاجات دي وأكتر محتاجين نتعلمها من الكتاب. وهنا أنا بشجعك صديقي إنك تتعلم من الكتاب وتعيش وسط بيت الله وتكون فاعل في البناء العظيم ده ولما تعيش هتفهم أكتر!

قبل ما اختم، أحب أوضَّح يعني إيه تعبير “البيت الكبير” اللي ذكرته في بداية المقال؛ لأنه ممكن يكون جديد أو غريب بالنسبة لك. ده وصف الكتاب لحالة بيت الله في الأيام الأخيرة بحسب ٢تيموثاوس ٢: ٢٠ وقال إن الآنية الموجودة فيه: «لَيْسَ... مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ فَقَطْ، بَلْ مِنْ خَشَبٍ وَخَزَفٍ أَيْضًا، وَتِلْكَ لِلْكَرَامَةِ وَهذِهِ لِلْهَوَانِ».

يعني حصل خلط بين الصح والغلط، بين الحق والكذب، بين اللي من الله واللي من الإنسان.. إلخ، طيب إيه دور الشخص التقي؟ «فَإِنْ طَهَّرَ أَحَدٌ نَفْسَهُ مِنْ هذِهِ، يَكُونُ إِنَاءً لِلْكَرَامَةِ، مُقَدَّسًا، نَافِعًا لِلسَّيِّدِ، مُسْتَعَدًّا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ،َ اتْبَعِ الْبِرَّ وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالسَّلاَمَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ الرَّبَّ مِنْ قَلْبٍ نَقِيٍّ» (٢تيموثاوس٢: ٢٠)، يا ريت يكون تقديرنا لبيت الله، زي ما الآية بتقول مزمور٢٦: ٨: «يَا رَبُّ، أَحْبَبْتُ مَحَلَّ بَيْتِكَ وَمَوْضِعَ مَسْكَنِ مَجْدِكَ».