أين البيكولو؟


البيكولو piccolo هو آلة موسيقية صغيرة (كمعنى اسمه بالإيطالية) من آلات النفخ الخشبية، وهو كآلة الفلوت ولكن نصفها في الحجم، غير أنه متميز في الأصوات التي يصدرها فيُعرَف عنه أنه عندما يصاحب آلات الكمان أو باقي آلات النفخ، يضيف بريقًا وتألقًا للصوت العام.

كان السير مايكل كوستا يُجري بروفة لمقطوعة هامة ستعزفها الأوركسترا الكبيرة التي كان يقودها. في منتصف الجلسة تقريبًا، مع دوي الأبواق، وقرع الطبول، وغناء الكمان لحنها البديع، تمتم عازف البيكولو لنفسه: “ما الفائدة مما أفعله؟ إذا لم أعزف لن يلاحظني أحد، فلا أحد يستطيع سماعي على أيِّة حال.” فأبقى الآلة على فمه، لكنه لم يصدر أي صوت. وفي الحال، صاح قائد الأوركسترا: “توقف! توقف! أين البيكولو؟” لقد لاحظ غيابه أذن أهم شخص على الإطلاق، واعتبر أن شيئًا هامًا قد نقص، حتى أنه أوقف الجميع بحثًا عنه.

في أوقات معينة من الحياة قد نشعر بعدم الأهمية وعدم الفائدة، بصفة خاصة عندما نكون محاطين بأشخاص يتمتعون بإمكانات أكبر من إمكاناتنا. فنميل في لحظات ضعفنا إلى الانسحاب وترك آخر يقوم بالعمل، ونحن نعتقد أن ما لدينا لنقدمه لن يُحدث فَرْقًا كبيرًا على أيّة حال. وننسى يوم أن استخدام ربنا لخمسة أرغفة وسمكتين صغيرتين في يد غلام صغير لإطعام الجموع (يوحنا ١:٦-١٤).

كل واحد منا لديه شيء مهم ليقدِّمه في خدمته، سواء كانت موهبتنا كبيرة أو صغيرة، فإن الأداء لا يكتمل حتى نبذل قصارى جهدنا بما لدينا.

يطلب الرب ما لديك لتقدِّمه، بِغَضّ النظر عما إذا كنت تعتقد أنه صغير، فهو يُسَرّ بأن يتمم عمله على الأرض من خلال أحبائه. لذا أعطه أفضل ما لديك، أعط كل ما لديك.

واعلم أنه في نظر الله، هو أمر عظيم أن تفعل شيئًا صغيرًا بشكل جيد إذ تبذل كل طاقتك.