عزيزي القارئ يسعدني أن ألتقي بك للمرة الأولى عبر صفحات العزيزة "نحو الهدف" حيث سنتشارك سويًا في دراسة لموضوع "إنجيل الله" "إنجيل يسوع المسيح" بحسب ما أعلنه العهد الجديد وبالأخص في رسالة رومية التي تشرح كيف لإنسان عاصي متمرد تحت الغضب الإلهي أن يتبرر لدي الله!!
بِرّ الله
الحقيقة أن مشكلة الإنسان الرئيسية ليست في كونه مُستعبَدًا لكَمٍّ هائل من الخطايا والشرور، فهذه مشكلة الجميع، ولكن مشكلة الإنسان الحقيقة تكمن في أن الله إله بار لا يطيق الإثم والشر ونظرًا لقداسته المُطلَقة لا يقدر أن يساكن الإنسان الشرير. تترجم كلمة بار في العبرية צַדִּיק Saddiyq ويقابلها في اليونانية δίκαιος dikaios. ويشير كلا المصطلحين، أي صدقه وتميزه الأخلاقي؛ لبِرِّ الله، وهذا شيء جوهري في طبيعته إنه إله بار ولا يتغير ولا يغير كلامه! ومشكلة الإنسان الكبرى هي بر الله، لأن المنطق البسيط يقودنا إلى هذا الاستنتاج:
الحقيقة الأولى: الله خالق الكون وصاحب السيادة عليه هو إله بار وصالح.
الحقيقة الثانية: هذا الإله البار يقاوم ويدين كل ما هو آثم وشرير.
الحقيقة الثالثة: كل البشر خطاة ومذنبون.
الاستنتاج الطبيعي: الله سيقاوم كل البشر ويدينهم لسبب بره!!
إن بر الله هو خبر مفزع للآثمين، فتوقُّع دينونة الله البارة يجب أن يولِّد رعبًا شديدًا في كل إنسان ويدفعه للبحث عن محامٍ!! وإذا لم يفزع الإنسان لخبر دينونة الله القادمة فالاستنتاج الطبيعي أنه:
يكون ضميره موسومًا وفقد الحس (أفسس ٤: ١٨).
يعتقد نفسه بارًا (أنا كويس).
يعتقد أن الله أقل برًا مما هو عليه في الحقيقة.
ببساطة يجهل الموضوع وللمرة الأولى يسمعه ويفهمه فنادرًا ما يعلنها الواعظون بوضوح!
ولا يمكن لله أن يجعل الإنسان يساكنه أو يكون في شركة معه إلا إذا كان بلا عيب!
محبة الله
أنه من الأسهل على الإنسان أن يحصي كل نجوم السماء أو كل حبات الرمل على الأرض عن أن يقيس، أو حتى يسعى لوصف محبة الله، فارتفاعها، وعمقها واتساعها يفوق فهم أكثر المخلوقات إدراكاً!!
الحقيقة أن مشكلة الإنسان ستكون أكثر تعقيدًا إذا كان الله بار فقط، ولا إعلان لمحبة الله للإنسان؛ فكيف سيخلص؟ سيظل الإنسان فقط تحت الغضب الإلهي ولا علاج لحالته ولا حل لقضيته!!
ولكن شكرًا لله فلم يتركنا لضياعنا فقد أعلن الله أنه يحبنا (يوحنا ٣: ١٦)، وبيَّن هذه المحبة من خلال بذل ابنه الوحيد: «وَلكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا» (رومية٥: ٨)، وهذه المحبة بسبب نعمته الغنية «لأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَتْ نِعْمَةُ اللهِ الْمُخَلِّصَةُ، لِجَمِيعِ النَّاسِ» (تيطس٢: ١١)، فقد اجتمعت في صفات الله المحبة والنعمة والرأفة. فعندما وجد الله الإنسان في حالة يُرثى لها، وعندما يراك عزيزي القارئ وأنت في مستنقع الخطايا؛ يتحرك قلب الله المحب لك، وبعد أن «يَتَرَاَءَفُ عَلَيْهِ وَيَقُولُ: أُطْلِقُهُ عَنِ الْهُبُوطِ إِلَى الْحُفْرَةِ، قَدْ وَجَدْتُ فِدْيَةً» (أيوب ٣٣: ٢٤)، يمكنك أن تسمي هذه "رحمة الله" فبولس يعترف أنه بعد ما عاش سنوات كثيرة في خطاياه «تَفَاضَلَتْ نِعْمَةُ رَبِّنَا جِدًّا مَعَ الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (١تيموثاوس ١: ١٤)، فقد تفاضلت نعمة الله عليه لتخلصه من خطاياه، فـ «صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ وَمُسْتَحِقَّةٌ كُلَّ قُبُول: أَنَّ الْمَسِيحَ يَسُوعَ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ لِيُخَلِّصَ الْخُطَاةَ الَّذِينَ أَوَّلُهُمْ أَنَا لكِنَّنِي لِهذَا رُحِمْتُ: لِيُظْهِرَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ فيَّ أَنَا أَوَّلًا كُلَّ أَنَاةٍ، مِثَالًا لِلْعَتِيدِينَ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ.» (١تيموثاوس١: ١٥).
عزيزي القارئ أن الله يحبك ويبحث عنك مهما كانت خطاياك، ربما يحاول الشيطان الآن إقناعك أنك شرير للغاية ولا يمكن أن تخلص ولربما يذكرك بمرات عديدة حاولت فيها التوبة، ولكنك لم تصمد يومين وسقطت في الخطية ويخبرك أنه لا علاج لحالتك ولا غفران لخطاياك فحالتك ميؤوس منها!!
عزيزي أن المشكلة ليست في كثرة خطاياك أو في حالتك النفسية والجسدية، ولكن يجب أن تعرف أن نعمة الله ومحبته أكبر من شر الإنسان مهما كثر، أنظر إلى بولس لقد كان شرسًا عنيفًا مُفسِدًا للإيمان، عندما كان مؤمني الكنيسة الأولى يرونه كانوا يفرون من أمامه لعلمهم بقسوته، وفي أحاديثهم الجانبية أعتقد لم يفكر واحد فيهم مجرد تفكير أن شخص مثل شاول سيخلص ويصبح بولس المبشر والكارز بالإنجيل، في يوم من الأيام ولكن هذه هي نعمة الله ورحمته عزيزي القارئ، ونفس هذه النعمة ونفس الرحمة التي اتجهت إلى شاول تتجه إليك الآن بنفس النداء «فَاللهُ الآنَ يَأْمُرُ جَمِيعَ النَّاسِ فِي كُلِّ مَكَانٍ أَنْ يَتُوبُوا، مُتَغَاضِيًا عَنْ أَزْمِنَةِ الْجَهْلِ» (أعمال١٧: ٣٠)، ليتك يا عزيزي، قبل أن تكمل قراءة باقي العدد الجميل، تجثو معي على ركبتيك عند صليب المسيح طالبًا الصفح والغفران بدمه الكريم؛ وعندها ستتمتع بالسلام مع الله (رومية٥: ١) الذي كنت تبحث عنه طوال حياتك، وستقفز ترنمًا في كل مكان؛ فالله سيغير الحالة وستصبح إنسانًا جديدًا في المسيح يسوع.
وللحديث بقية.