ظهورات الرب يسوع للمؤمنين بعد القيامة من موت الصليب، هي البرهان الواضح على قيامته كالابن الأزلي الذي في مقدوره أن يقيم نفسه بسلطانه الذاتي. «لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضًا» (يوحنا ١٠: ١٨). وهو الإنسان الكامل الذي كان لا بد أن يقيمه الأب «وَتَعَيَّنَ ابْنَ اللهِ بِقُوَّةٍ مِنْ جِهَةِ رُوحِ الْقَدَاسَةِ، بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ» (رومية ١: ٤). وأيضًا البرهان الأكيد لكل ما امتلكناه من بركات روحية وسماوية أنعم الله علينا بها «فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قِيَامَةُ أَمْوَاتٍ فَلاَ يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ! فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضًا إِيمَانُكُمْ... وَلكِنِ الآنَ قَدْ قَامَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ» (١كورنثوس ١٥: ١٣، ١٤، ٢٠).
ظهورات الرب بعد القيامة: يمكن أن نقسمها إلى خمسة أقسام.
أولًا: ظهوره في اليوم الأول الذي قام فيه من الأموات:
١ – لمريم المجدلية بمفردها (مرقس ١٦: ٩؛ يوحنا ٢٠: ١٦).
٢ – لمريم المجدلية ومريم الأخرى (متى ٢٨: ١، ١٠).
٣ – لبطرس (لوقا ٢٤: ٣٤؛ ١ كورنثوس ١٥ ،٥).
٤ – لتلميذي عمواس (مرقس١٦: ١٢؛ لوقا ٢٤: ١٣–٣١)
٥ – للعشرة التلاميذ ولم يكن توما معهم (لوقا ٢٤: ٣٦–٤٩؛ يوحنا ٢٠: ١٩–٢٣).
ثانيًا: ظهوره في أول الأسبوع الثاني:
٦ - للتلاميذ ومعهم توما (يوحنا ٢٠: ٢٦).
ثالثًا: في الفترة بين ظهوره لتوما وقبل صعوده:
٧ – للسبعة التلاميذ على بحر طبرية (يوحنا ٢١: ١–٤).
٨ - للأحد عشر تلميذًا على جبل في الجليل (متى ٢٨: ١٦–٢٠).
٩ – لأكثر من خمسمئة أخ دفعة واحدة (١ كورنثوس ١٥: ٦).
١٠ – ليعقوب (١ كورنثوس ١٥: ٧).
١١ – للتلاميذ في بيت عنيا على جبل الزيتون عند صعوده (لوقا ٢٤: ٥٠؛ أعمال ١: ١١).
رابعًا: ظهوره وهو في المجد
١٢– ظهر لاستفانوس (أعمال ٧: ٥٥، ٦٥).
١٣ – لشاول الطرسوسي (أعمال ٩: ١–١٠).
١٤ – ظهور ليوحنا في جزيرة بطمس (رؤيا ١: ٩، ١٣).
خامسًا: ظهوره في المستقبل
١٥ – للمؤمنين عند الاختطاف (١ تسالونيكي ٤: ١٥–١٧).
١٦ – بالمجد والقوة لكل عين تراه في الملك (رؤيا ١: ٧).
ظهوره في الأناجيل
ظهوره في إنجيل متى مرتان على الجبل (متى٢٨). ومتى يكلمنا عن الرب كالملك في الجبل.
ظهوره في إنجيل لوقا ٤ مرات. ولوقا يكلمنا عن الرب كإنسان ما زال يعمل حتى الآن.
ظهوره في إنجيل مرقس ٣ مرات. ومرقس يكلمنا عن الرب كالخادم الدائم.
ظهوره في انجيل يوحنا ٣ مرات. ويوحنا يعملنا عن الرب كابن الله.
ولنبدأ الآن في تتبع ظهوره في اليوم الأول الذي قام فيه من الأموات:
ظهوره الأول لمريم المجدلية:
أخبر الرب تلاميذه أنه يقوم في عدة مناسبات، ولكن لم يفهموا، وتحطمت أمالهم عندما رأوه معلق على الصليب. ولكن:
«وَبَعْدَمَا قَامَ بَاكِرًا فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ ظَهَرَ أَوَّلاً لِمَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةِ، الَّتِي كَانَ قَدْ أَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِينَ» (مرقس ١٦: ٩). «وَفِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ جَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ إِلَى الْقَبْرِ بَاكِرًا، وَالظَّلاَمُ بَاق. فَنَظَرَتِ الْحَجَرَ مَرْفُوعًا أَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ وَاقِفَةً عِنْدَ الْقَبْرِ خَارِجًا تَبْكِي. وَفِيمَا هِيَ تَبْكِي انْحَنَتْ إِلَى الْقَبْرِ فَنَظَرَتْ مَلاَكَيْنِ بِثِيَابٍ بِيضٍ جَالِسَيْنِ وَاحِدًا عِنْدَ الرَّأْسِ وَالآخَرَ عِنْدَ الرِّجْلَيْنِ، حَيْثُ كَانَ جَسَدُ يَسُوعَ مَوْضُوعًا قَالَ لَهَا يَسُوعُ: يَا مَرْيَمُ. فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالَتْ لَهُ: رَبُّونِي! الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا مُعَلِّمُ. قَالَ لَهَا يَسُوعُ: لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلكِنِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلهِي وَإِلهِكُمْ» (يوحنا ٢٠: ١ – ١٨).
مريم لماذا الآن؟
لأنها أحبت الرب إذ كان قد أخرج منها سبعة شياطين، وكانت في حالة حرمان منه بسبب الظروف، ليس بسبب خطية؛ لذلك ذهبت إلى القبر والظلام معبِّرة عن محبتها له، حتى وإن كان قد مات. والرب لا ينسى تعب المحبة؛ فكان أول لقاء للرب مع مريم بعد القيامة.
في رقة قال لها يسوع: «يا مريم»: فالراعي الصالح يعرف خرافه الخاصة بأسماء. وكان لها أن تراه كالإنسان الممجَّد المُقام من الأموات وليس في اتضاع الجسد.
ثم أعطاها الرسالة العظيمة: «اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم: ...» لا يذكر في العهد القديم أن المؤمن تعامل مع الله كالأب، وذلك لأنه لم يمتلك روح التبني «إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضًا لِلْخَوْفِ، بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: يَا أَبَا الآبُ» (رومية ٨: ١٥). أما الآن فكل المؤمنين يخاطبون الآب كأبيهم.
«إخوتي»: قبل موت المسيح وقيامته ذكر عن التلاميذ أنهم إخوة «وأنتم جميعا إخوة» (متى ٢٣: ٨). أما بعد قيامة الرب أصبحنا لا إخوة فقط، بل إخوته هو؛ فهو «لاَ يَسْتَحِي أَنْ يَدْعُوَهُمْ (المؤمنين) إِخْوَةً قائلًا: أُخَبِّرُ بِاسْمِكَ إِخْوَتِي، وَفِي وَسَطِ الْكَنِيسَةِ أُسَبِّحُكَ» (عبرانيين ٢: ١١ - ١٢). فما أروع امتيازات المؤمنين في عهد النعمة.
صديقي: قام المسيح من الأموات. قام بانتصار عظيم على أعدائه. قام وهو الآن في المجد. فهل تؤمن به؟