نعيش في زمن بائس، تحيط بنا محفزات الاكتئاب، فيما تتوق نفوسنا لسعادة حقيقية، فأين نجدها؟ وكيف تحدث في أذهاننا؟ وكيف نُحفِّز نخن نشاطها في أذهاننا وأرواحنا؟
من ضمن الجدالات القديمة هو جدال تعريف السعادة، لأنه احتياج بشري طبيعي؛ فالإنسان لا يكتفي بالأكل والشرب والتكاثر مثل الحيوانات، لكن بداخله مشاعر feelings وعواطف emotions، تجعله يتفاعل مع الأحداث ويرتبط بالأشخاص، بشكل يعطي للحياة رونقها وللإنسانية جمالها.
فبالنسبة لتعريف علماء النفس سنجد مثلاً العالم Robert Plutchik ، والذي وضع في عام ١٩٨٧م المشاعر الإنسانية فيما يعرف بعجلة بولتشيك، والتي تستخدم درجات الألوان لتصنيفها وتسهيل التعرف عليها، وبناءً عليه فإن السعادة هي واحدة من ٤ مشاعر رئيسية عند الإنسان، مع الخوف والغضب والحزن، وباقي المشاعر تتفرع من هذه اأربعة.
أما الفلاسفة والعلماء والشعراء فقد تباينت نظرتهم، بين المتشائم من إيجاد السعادة مثل إرنست همنجواي الذي قال: السعادة عند الأذكياء هي أندر شيء على الإطلاق، أو بيرتراند راسل الذي قال: سر السعادة هو أن تواجه حقيقة أن العالم مكان سيء جدًا!!
أو المتفائل منهم مثل جايمس أوبنهم الذي قال: الأحمق يبحث عن السعادة في الأماكن البعيدة، والحكيم يصنعها تحت أقدامه، أو تولستوي الذي قال: من يحصل على السعادة عليه أن يُشرِك آخرين فيها، فالسعادة ولدت توأمًا. أو منهم الساخر مثل ألبرت آينشتاين الذي يقول: طاولة وكرسي ووعاء من الفاكهة وكمان، ماذا يحتاج الرجل أن يكون سعيدًا أيضًا؟
وهذا الأمر مرتبط تحديدًا بـ٤ هرمونات سعادة موجودة داخل مخ الإنسان، وهي: دوبامين Dopamine واوكستوسين Oxytocin وسيريتونين Serotonin واندورفين Endorphin، أو تعرف اختصارًا باسم DOSE أو جرعة لأنها مأخوذة من أول حرف لكل هرمون.
ويبقى السؤال كيف تنشأ السعادة؟ وكيف تنشط هذه الهرومونات سعادتنا؟ وما علاقة حياتنا الروحية بها؟ وهل العالم يستطيع -بكل إنصاف وحيادية- أن يُسعدنا؟ وهل للكتاب المقدس دور أكبر من العِلم والفلسفة في توصيف السعادة التي نحتاجها؟
هذا ما سنعرفه بنعمة الرب في مقالات هذه السلسلة، فإلى لقاء سعيد والرب معك.