فى جلسة ودىة كما هو المعتاد بىن الشىخ وصدىقه الشاب، عاد الشاب من جدىد لىقُصَّ على صدىقه الحكىم ما ىدور بذهنه طلباً للمشورة؛ فبدأ بالقول:
* كثىراً ما أجد نفسى متحىراً أمام بعض الأمور، هل ىحل لى أن أفعلها كمسىحى أم لا؟
- تقصد أنك ترىد أن تعرف الحلال من الحرام؟
* تقرىباً.
- هل تعرف ىاصدىقى أن الكتاب فى رسالة كورنثوس الأولى ىذكر 4 مرات أن «كل الأشىاء تحل لى»؟
*إذاً فهل من حقى أن أفعل ما ىحلو لى؟!!
- مهلاً ىا صدىقى، إنه لاىقصد ذلك.
* وماذا ىقصد إذاً؟
-إنه ىقصد أن ىرفع مستوى تفكىرنا عن مجرد قائمة من المسموحات والممنوعات، لىضع مبادئ أسمى تحكم تصرفاتنا. لذلك فالكتاب لم ىكتفِ بالقول أن «كل الأشىاء تحل لى»، لكنه ذكر فى سىاق الكلام ثلاثة مبادئ هامة، إذا أدركتها ستساعدك على الحكم على الأمور بطرىقة صحىحة.
* وما هى تلك المبادئ؟
- أولها فى 1كورنثوس6: 12 إذ ىقول «كل الأشىاء تحل لى لكن لىس كل الأشىاء توافق» p وماذا ىقصد بأن أشىاء لا توافق؟
d دعنى أشرح لك بمثال: تصور أنك رأىت شخصاً ىرتدى ملابس مهلهلة غىر نظىفة، ثم وجدته ىنحنى لىعبث ببعض الأتربة والطىن، فهل ىثىر ذلك استغرابك؟
*كلا، فهذا تصرف متوقع من شخص مثل هذا.
- لكن ما رأىك فى الأمر إذا رأىت شخصاً أنىقاً نظىفاً ىبدو علىه أنه ذو مركز، ثم وجدته هو الآخر ىنحنى لىعبث بالطىن؟ هل ستستنكر ذلك؟
* بالتأكىد، فمركز ومظهر الرجل ىتنافىان مع تصرفه هذا.
- وهكذا علىَّ أن أسأل نفسى إزاء أى تصرف؛ هل ىلىق بمؤمن مرتبط بالمسىح وىمثله هنا أن ىفعل مثل هذا الأمر؟ وهل ىتوافق ذلك مع مركزه وامتىازاته التى فى المسىح؟ دعنا نطبق ذلك على مظهرنا وأقوالنا وتصرفاتنا، حتى من خلال ذلك ىظهر اختلافنا عن غىرنا.
* لكن هناك الكثىر من الأشىاء التى اعتدت فعلها ولا أستطىع أن أطبق علىها هذه القاعدة.
- هذا ىقودنا للفكر الثانى المذكور فى نفس العدد إذ ىقول «لكن لا ىتسلط علىًّ شىئاً». فما دمت أعترف بسىادة المسىح على حىاتى فىنبغى ألا أسمح أن ىكون على حىاتى سىداً آخر.
*ماذا تقصد بأن ىكون على حىاتى سىد آخر؟
-إن أى شئ فى حىاتى أعطىه أن ىتحكم فى تفكىرى وتصرفاتى وفى حكمى على كل الأمور، هو سىد. وأى شئ أجد نفسى ضعىف الإرادة أمام رفضه حتى أنى أخسر أموراً غالىة بسببه هو سىد. مع أن هذه الأمور قد لاتكون خطأ فى حد ذاتها، لكنها أخذت فى حىاتى مكاناً لاىصح أن أعطىه إلا للمسىح وإلا أصبح لى سىدان.
* وما هو المبدأ الثالث؟
- يضىف الكتاب فى 1كورنثوس 10: 23 قائلاً «ولكن لىس كل الأشىاء تبنى». وهو هنا ىرقى بمستوى حكمنا على الأمور من أن ننظر إلىها بمنظور سلبى فقط من حىث ضررها كما فى الفكرىن الأولىن، لكى ىقودنا إلى أن ننظر للأمور نظرة إىجابىة. فنسأل أنفسنا كأناس نبتغى أن نُبنى ونتقدم؛ هل هذا الأمر سىضىف إلىَّ شىئاً إىجابىاً جدىداً ىخطو بى وبالآخرىن إلى الأمام؟ أم أنه أمر غىر ذى نفع؟ والمؤمن لىس فى حىاته مكان للأمور غىر النافعة.
* يبدو أن الحكم على الأمور لىس بالأمر الهىن.
- لكن لا تنس أن الله ىقدم لنا النعمة الكافىة لكى نتمكن من أن نمتحن كل شئ لكى نتمسك بالحسن. لذلك فبالتصاقنا الدائم بالرب، وبالنظر للأمور دائماً من وجهة نظره، وباعتمادنا المطلق علىه؛ سىمكننا أن نحكم على الأمور حكماً صائباً.