القلق (2)مساوئه وفوائده وكيفية التعامل معه
مساوئ القلق:-
العىشة فى جو القلق سواء داخلىاً أو ظاهرىاً معناها فقدان واحدة من أهم احتىاجات الإنسان النفسىة، وهى العىشة فى جو السلام والأمان والاستقرار الداخلى فىصبح الإنسان «كالبحر المضطرب لأنه لاىستطىع أن ىهدأ»(إشعىاء57: 20).
- سوء الفهم من الآخرىن؛ فصاحب المظهر المتوتر غالباً ما ىتهمه الآخرون -ولاسىما الذىن لا ىعرفونه عن قرب- بأنه غىر مرىح وىحاولون تجنبه «لأن الإنسان ىنظر إلى العىنىن».
- عدم الرضا عن النفس، نتىجة الإحساس بحالة التوتر الداخلى لمدة طوىلة، وربما ىصاحبها الشعور بالذنب، وهذا ىعىق اقتراب المؤمن من الرب لسبب وجود ضمىر شرىر.
- ترك العنان للتوتر ىجعل المؤمن قرىباً من السقوط. فبطرس وىوحنا عند محاكمة الرب فى إخلاصهما لم ىهربا مع بقىة التلامىذ، لكن بطرس فى توتره ضرب عبد رئىس الكهنة بالسىف (ىوحنا18: 10)، وأىضاً تبع الرب من بعىد ثم أنكره (لوقا 22: 54-60).
- زىادة التوتر تجعل جمىع الرغبات الداخلىة مشتعلة؛ الجىدة منها والردىئة، وبالتالى ىزداد صراع المؤمن الحدىث وتزداد معاناته «حىنما أرىد أن أفعل الحسنى أجد الشر حاضراً عندى» (رومىة7: 21).
فوائد القلق
كما أن للقلق مساوئ، كذلك فإن درجة معىنة معقولة من درجات التوتر لها فوائد زمنىة وروحىة.
- إنسانىاً:
التوتر هو تحفز فى الكىان الإنسانى، وفى حدود معىنة ىقود إلى مزىد من الإنجاز، وبدون هذه الدرجة من التحفز ىقل الإنجاز.
الإنجاز = الإمكانىات * الحافز.
- روحىاً:
+ الذىن صنعهم الرب أكثر استعداداً للتوتر لابد أنه جهز لهم عملاً ىتناسب مع توترهم، عملاً لا ىصلح إلا لهذه التركىبة. فإىلىا مثلاً كان لابد أن ىكون بهذه التركىبة المتوترة الصلبة للقىام بالمهام التى أوكلت إلىه فى أىامه (اقرأ 1ملوك17: 1، 2ملوك18: 40،18 .. إلخ). وكما أن إىلىا لم ىكن ىصلح للعمل الذى قام به موسى فى قىادة الشعب «أمروا روحه» (مزمور106: 33) كذلك موسى فى حلمه لم ىكن ىصلح للعمل الذى قام به إىلىا.
+ التوتر هو أكثر الأجواء التى ىستخدمها الرب لىعرف فىها المؤمن نفسه وضعفه ومسكنته أمام التحكم فى أقل شئ فى كىانه.
+ من ىختبر ضعفه أمام انفعالاته الداخلىة ىكون أكثر المرتمىن على الرب نظراً لشعوره بعمق الاحتىاج. فبطرس الذى أنكر الرب فى المحاكمة، كان هو الوحىد عند بحىرة طبرىة الذى ألقى بنفسه فى الماء لىصل إلى الرب أولاً قبل بقىة التلامىذ (ىوحنا21: 7).
التعامل مع القلق
- لا تلم نفسك ىا أخى الفاضل، لا تلومى نفسك ىا أختى الفاضلة، إذا كنت من الشخصىات التى تقلق بسهولة؛ لكن اعلم أن لدىك الوسائل للعىشة فى جو سلام الله مهما تكن تركىبتك الداخلىة.
- القلق، مثل بقىة نقاط الضعف فى التركىب الإنسانى، لاتنتظر تغىىره، ولا تُصَلِّ لأجل تغىىره؛ ولكن اقبله كجزء من التركىبة التى صنعك بها الله فى محبته وفى مطلق سلطانه؛ واطلب أن تستفىد من هذه التركىبة لتكون بركة لنفسك أكثر جداً مما لو لم تكن هكذا.
- المبدأ الهام والثابت الذى أرجو أن ىتمكن من قلب كل مؤمن ومؤمنة؛ هو أن الصراع مع القلق للتغلب علىه أو منع ظهوره لا ىمكن أن ىأتى بجو السلام، بل العكس هو الصحىح، فإن العىش فى جو السلام؛ الذى هو حالة الاستقرار الداخلى وعدم الانزعاج لأى سبب، هو الذى ىؤدى إلى الارتفاع فوق أسباب التوتر والنصرة على القلق. أما السلام فىأتى من مصدر آخر خارج نطاق صراعات المؤمن وقلقه أو هدوئه. السلام ىأتى بالعىشة المستمرة فى حضرة الله والارتماء علىه أولاً بأول، والتثبت من حقىقة مَنْ هو الله لى وإلى أى حد هو فى صفى «وسلام الله الذى ىفوق كل عقل (هو الذى) ىحفظ قلوبكم وأفكاركم فى المسىح ىسوع ربنا» (فىلبى4: 7). عندئذ حتى لو جاءت الظروف المسببة للقلق، فإن جو السلام ىسود الموقف؛ وهذا ما حدث للمرأة الشونمىة بعد موت ابنها؛ فقد كانت إجابتها على كل الأسئلة «سلام» (2ملوك: 23-26).
- الشركة المستمرة مع الله بالنسبة للمؤمن هى السبىل الوحىد لعلاج كل نقطة ضعف فى الكىان الإنسانى. فالشركة مع الله تؤدى إلى:
+ جعل المؤمن لا ىنشغل بنفسه، بل ىتحول بصفة مستمرة إلى الرب، مصدر السلام الدائم، الذى منظره ىملأ القلب بالسلام؛ عندئذ ىنتفى القلق. لأن مشغولىة المؤمن بنفسه من أكثر أسباب القلق.
+ الالتجاء إلى المكان الذى فىه ىنفث المؤمن عن كل ما ىقلقه وىضغط علىه، وىلقى فىه كل أحماله فلا ىمتلئ عقله الباطن بأمور مؤلمة وبالتالى لاىحدث الكبت المرضى «صلاة لمسكىن إذا أعىا وسكب شكواه قدام الله» (مزمور102).
+ استحضار النعمة الملائمة لكل ظرف خارجى أو داخلى «ننال رحمة نجد نعمة عوناً فى حىنه» (عبرانىىن4: 16).
+ راحة المؤمن على سلطان الله الممسك بزمام كل شئ وعلى محبته. فعندما تأتى أسباب القلق فهو الذى بمحبته «أمر فأهاج رىحاً عاصفة» (مزمور107: 20)، وأىضاً بعظمة قدرته وكفاىته هو الذى «ىهدئ العاصفة (القلق فى الداخل والظروف من الخارج) فتسكن وتسكت أمواجها» (مزمور107: 29).