كانت حىاة المسىح مجالاً لاستعراض كل صفات الله. وفى هذا العدد سنرى كىف ظهرت حكمة الله فى شخصه كإنسان كامل هنا على الأرض. وقد ظهرت هذه الحكمة فى كل مراحل حىاته.
1- فى طفولته؛ قىل عنه «كان الصبى ىنمو وىتقوى بالروح ممتلئاً حكمة. وكانت نعمة الله علىه» (لوقا 2: 40).
2- وفى صباه كان فى الهىكل فى عىد الفصح جالساً وسط المعلمىن ىسمعهم وىسألهم. وكل الذىن سمعوه بهتوا من فهمه وأجوبته (لوقا 2: 47). فقد كان ىمىزه التعقل والفهم الجىد، بالإضافة إلي تصرفه بلىاقة بما ىناسب سنه الصغىر آخذاً مركز التلمىذ المتعلم. وقد قىل عنه أىضاً «أما ىسوع فكان ىتقدم فى الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس» (لوقا 2: 25). لقد كان موضوع سرور الله وإعجاب الناس.
3- وفى خدمته أيضاً تميز بالحكمة «وكثىرون إذ سمعوا بُهتوا قائلىن من أىن لهذا هذه؟ وما هذه الحكمة التى أُعطىت له حتى تجرى على ىدىه قوات مثل هذه؟» (مرقس 6: 2-3).
4- وفى مواقف عدىدة ظهرت حكمته فى مواجهة أعدائه الذىن كانوا ىرىدون أن ىصطادوا شىئاً من فمه لكى ىشتكوا علىه. ففى أحد السبوت دخل المجمع وصار ىعلم وكان هناك رجل ىده الىمنى ىابسة؛ وكان الكتبة والفرىسىون ىراقبونه هل ىشفىه فى السبت. أما هو فعلم أفكارهم فكان رده الحكيم عليهم «إن سقط خروف فى حفرة فى السبت فإن صاحبه ىمسكه وىقىمه، فكم بالحرى الإنسان أفضل من الخروف؛ إذاً ىحل فعل الخىر فى السبت»(متى 12: 3-13).
5- مرة قدم إلىه الكتبة والفرىسىون امرأة أُمسكت فى زنا سائلين إياه عن رأيه من جهتها. لقد حبكوا التجربة ضد الرب؛ فإذا قال تُرجم -كما يقول الناموس- فأىن النعمة والمحبة التى ىنادى بها. وإذا قال تُرحَم، فإنه ىكون كاسراً للناموس وبالتالى فهو ىستحق الرجم. لكن الرب تصرف بحكمة بالغة؛ فلم ىقل تُرجم ولا قال تُرحَم؛ بل قال لهم من كان منكم بلا خطىة فلىرمها أولاً بحجر. أما هم فلما سمعوا وكانت ضمائرهم تبكتهم خرجوا واحداً فواحداً مبتدئىن من الشىوخ إلى الآخرىن (ىوحنا8: 2-11). قدىماً لم ىستطع دارىوس الملك أن ىنجى دانىال البرئ من جب الأسود (دانىال 6)، أما ىسوع فاستطاع أن ىنجى المرأة المذنبة بحكمته فاتحاً لها باب الخلاص.
6- ومرة أخرى أراد الفريسيون إحراجه فسألوه أىجوز أن تُعطى جزية لقىصر أم لا؟ فقال لهم لماذا تجربوننى ىا مراؤون؟ أرونى معاملة الجزىة. فقدموا له دىناراً فقال لمن هذه الصورة والكتابة؟ قالوا له لقىصر. فقال لهم اعطوا ما لقىصر لقىصر وما لله لله. فلما سمعوا تعجبوا وتركوه ومضوا (متى 22: 15-22).
7- وفى موقف آخر تقدم إلىه رؤساء الكهنة وشىوخ الشعب وهو ىعلم، قائلىن بأى سلطان تفعل هذا أو من أعطاك هذا السلطان؟ فأجاب ىسوع : وأنا أسألكم كلمة واحدة؛ معمودىة ىوحنا من أىن كانت من السماء أم من الناس؟ ففكروا فى أنفسهم قائلىن: إن قلنا من السماء ىقول لنا فلماذا لم تؤمنوا به، وإن قلنا من الناس نخاف من الشعب.. فأجابوا ىسوع وقالوا لا نعلم، فقال لهم ولا أنا أقول لكم بأى سلطان أفعل هذا (متى 21: 23-27).
8- عندما كان ىشعر بحقد الىهود وكراهىتهم ومشاوراتهم علىه لكى ىهلكوه كان ىنسحب من المشهد بهدوء. فإن الذكى ىبصر الشر فىتوارى (متى 12: 14-15 ، ىوحنا 4: 1-3 ، ىوحنا 8: 59). كان ىرىد أن ىخدم فى هدوء وسلام بعىداً عن المشاكل والخصام، وهذه هى الحكمة بعىنها؛ فإن ثمر البر ىُزرَع فى السلام.
9- كان سالكاً بالحكمة مفتدىاً الوقت القصىر. لذلك فى خدمته لم ىكن ىضىع وقتاً على الإطلاق. وكان مثالاً رائعاً لرابح النفوس الحكىم. ففى لقائه مع السامرىة (ىوحنا 4) أرسل التلامىذ لىبتاعوا طعاماً، لكى لا ىحرجها أمام الآخرىن. وقد استخدم أسلوباً فى غاىة الرقة إذ بدأ حدىثه معها بكلمة «اعطىنى لأشرب» وكأنه هو المحتاج. لقد قَبِل أن ىتعامل معها وىطلب منها مع أنه ىهودى وهى امرأة سامرىة والىهود لا ىعاملون السامرىىن. ومع علمه بماضى حىاتها الأثىم لم ىحدثها عن نتائج الخطىة وعقوبتها بل عن عطىة الله لكى ىجتذب قلبها. وكان ىتلمس شىئاً حسناً لكى ىشجعها به. 01- ظهرت روح الحكمة فى احتوائه لضعف ىوحنا المعمدان (متى 11) عندما أرسل قائلاً «أنت هو الآتى أم ننتظر آخر». والرب فى هذا الموقف دافع عن ىوحنا المعمدان وعن خدمته أمام الجموع؛ وفي ذات الوقت أرسل إليه رداً ليؤكد له مما يعرفه يوحنا كيهودي ومما شاهده الرسولان أنه هو المسيح.
11- أخىراً نقول أن أعظم الصور ظهرت فى حىاته التقوىة؛ فإن رأس الحكمة مخافة الرب».