هوآخر قاضٍ يذكر في سفر القضاة(قض13- 16).  وهو أحد أبطال الإيمان المذكورين في سحابة الشهود في رسالة العبرانيين.  (عبرانيين11).  كما أنه أحد الأسماء المعروفة التي اشتهرت بالقوة الخارقة؛ حتى عرفه الناس بشمشون الجبار، لكن قليلون عرفوا سر قوته والهدف منها.  وعندما نقرأ قصته في سفر القضاة فإننا نتعلم دروساً عديدة.

شمشون النذير
كانت أمه عاقراً.  ولما ظهر لها ملاك الرب وأعلن لها انها ستلد ابناً أوضح لها أنه سيكون نذيراً لله من البطن إلى يوم موته (قضاة 13: 7).  لذا أوصي ملاك الرب امرأة منوح أن لا تشرب خمراً ولا مسكراً ولا تأكل شيئاً نجساً، وأن الصبي الذي سيولد لا يحلق شعره أبداً «لا يعْلُ موسي رأسه».

ما معني هذا؟  النذير هو شخص مفرز للرب تماماً ومخصص له بالكامل
. وفي سفر العدد ص6 نجد شريعة النذير.  وتتلخص في أن النذير له ثلاث مواصفات

أولا: لا يأكل العنب ولا يشرب عصيره.
والعنب وعصيره يمثلان في لغة الكتاب المقدس الفرح الارضي.  ما المقصود بالفرح الارضي؟ الأشياء المُسرة التي في العالم التي تسبب لقلوبنا الفرح ومباهج الحياة.  ربما العلاقات العاطفية أو بعض التسليات التي نسميها بريئة، أو جلسات اللهو والمرح مع الأصدقاء؛ أمور تسبب الفرح لكنه فرح أرضي، أما الفرح الذي يكلمنا عنه الكتاب فهو الفرح في الرب «افرحوا في الرب»، وهذا الفرح ينشئه الروح القدس لأن ثمر الروح هو «فرح»، «لا تسكروا بالخمر الذي فيه الخلاعة بل امتلئوا بالروح»، بل هو ذات فرح المسيح: «كلمتكم بهذا ليثبت فرحي فيكم ويكمل فرحكم».

ثانيا: النذير لا يتلامس  مع جسد الميت.

حتى أفراد اسرته: أبيه وأمه وأخوته.  لماذا؟ الموت يمثل الانفصال عن الله والموتي هم غير المؤمنين، والشاب المكرس للرب علىه أن يتجنب التورط في العلاقات مع غير المؤمنين.  فإن هذا يدنس حياته وهكذا أبَي موسي أن يدعي ابن ابنة فرعون(خروج2، عبرانيين11: 24). قال المسيح لشخص دعاه ليتبعه «دع الموتي يدفنون موتاهم.  واما انت فاذهب ونادِ بملكوت الله»(لوقا9: 60).

ثالثا: النذير لا يحلق شعر رأسه.
 
بمعني أن يترك شعره يطول ،وعيب للرجل أن يرخي شعره(1كورنثوس 11: 14).  لماذا يرخي النذير شعره؟ لانه يشبه المرأه؛ الإناء الأضعف التي وضعها الرب في مكان الاعتماد على الرجل.  لذا فالنذير يجعل اعتماده على الرب وحده،  لا يعتمد على ذاته أو حكمته أوقوته.  ثم إرخاء الشعر يعلن أيضا الاستعداد لحمل العار لأجل الرب ، فموسي حسب عار المسيح غني أعظم من خزائن مصر (عبرانيين 11: 26).  أحياناً الشاب أو الشابة المكرسين للرب يساء فهمهما، ويطلق علىهم أنهم ضيقو الأفق أو أن أفكارهما رجعية.  وإذا رفض الشاب المكرس للرب مسايرة زملائه في أسلوب حياتهم أو مظهرهم أو لغتهم فربما يتجنبونه أو يحتقرونه؛ وهذا هو حمل العار. هذه المواصفات الثلاثية كان ينبغي أن تميز شمشون لأن الرب أوصي أن يكون له نذيراً.  

شمشون ورح الرب

«كبر الصبي وباركه الـرب.  وأبتـدأ روح الـرب يحـــركه فــي محــلة دان بين صرعة وأشتأول»(قض13: 25،24). لما وُلد شمشون سمته أمه بهذا الاسم؛ ومعني شمشون مثل الشمس ويا له من اسم، فالشمس ترمز للمسيح «شمس البر»، وكان ينتظر أن شمشون يشبه الرب، لكنه لم ينجح في هذا.

ابتدأ روح الرب يحركه؛ ويا لها من بداية رائعه لهذا الشاب، فالقوة ترجع لعمل روح الرب.  قال المسيح لتلاميذه «ستنالون قوة متى حل الروح القدس علىكم وتكونون لي شهوداً» (اعمال 1: 8).  إن السر الحقيقي وراء القوة في الشهادة والخدمة هو عمل الروح القدس.  وبقدر ما نطيع المسيح في حياتنا ونتمم وصاياه، بقدر ما نُفسح المجال للروح ونتأيد بقوته في داخلنا  «وتتأيدوا بالقوة بروحه في الإنسان الباطن» (افسس3: 16). لكن أين بدأ خدمته؟ في محلة دان في منطقته التي نشأ فيها. أخي الشاب هل يستخدمك الرب في بيتك؟ هل لك شهادة حسنة من أفراد أسرتك والمحيطين بك.  ما المنفعة إن كنت مسئولاً عن فصل مدارس الأحد بينما لا زلت في المنزل غير متعاون، سريع الانفعال وأحيانا تنطق بكلمات جارحة.  لا يليق لمن يخدم الرب أن يكون ملوماً في حياته الشخصية والأسرية.  فالشهادة والخدمة الصحيحة تبدآن أولاً من الدائرة الضيقة.  قيل عن تيموثاوس قبل أن يرافق بولس في خدمته أنه «تلميذ مشهود له من الإخوه الذين في لسترة وايقونية»(أعمال16: 2).

هكذا بدأ شمشون بداية حسنة، «هو يبدأ يخلص إسرئيل» «وإبتدأ روح الرب يحركه».

لكن هل استمر هكذا؟ بالأسف لا.  أخي الشاب؛ جميل أن تبدأ مكرساً للرب، لكن المهم أن تستمر في ذات الطريق حتى النهاية أما شمشون فللحديث عنه بقية في العدد القادم.