ثانياً: المخطوطات والنسخ الأصلية
في هذا العدد نتابع تقديم الحلقة الثانية عن بعض الحقائق الهامة حول الكتاب المقدس
ثانياً: المخطوطات والنسخ الأصلية
قد يتساءل البعض: أين يمكن أن نجد النسخ الأصلية لأسفار الكتاب المقدس والتي كتبها الأنبياء والرسل أنفسهم؟
والإجابة على ذلك -والتي قد تبدو غريبه-أنه لا توجد الآن أية نسخ أصلية لأى جزء من الكتاب المقدس. وإليك بعض الأسباب:
1- يُعتبَر الكتاب المقدس من أقدم الكتب في العالم وكُتب عندما كانت صناعة الكتابة في بدايتها.
2- المواد التي استُعملت في الكتابة كانت قابلة للتلف السريع، ولم تكن هناك طرق خاصة للمحافظة على هذه النسخ.
3- تعرض الكتاب المقدس للإبادة والتدمير أكثر من أي كتاب آخر نتيجة تعرض المسيحية للاضطهاد الشديد على مر العصور.
ولكن هنا يأتي سؤال: ألم يكن الله قادراً على حفظ النسخ الأصلية من الفناء؟ نعم! لقد حفظ الله ما كتبه الأنبياء والرسل بواسطة النسخ المنقولة عن النسخ الأصلية -كما سوف نرى- ولكنه سمح بضياع وفناء النسخ الأصلية لمعرفته قلب الإنسان وميله لتقديس وعبادة المخلفات الدينية كما حدث قديما (اقرأ الملوك الثاني 18: 4). وهذا يدفعنا إلى التساؤل الاخير: إذاً ما هي مصادر كتابنا المقدس الحالي؟ نجيب على ذلك بالقول: إنه وإن كانت النسخ الأصلية غير موجودة بالمرة، لكن لا ننسى كما ذكرنا سابقاً أن أسفار الكتاب كانت تُنسخ مرات ومرات وبعناية فائقة وكثيراً من هذه النسخ القديمة -والتي تسمى المخطوطات- ما زالت موجودة حتى الآن وهى الأساس الذى تُرجم منه الكتاب المقدس في لغتنا الحالية. وإليك بعضاً منها:
مخطوطات العهد الجديد
1- توجد حالياً عدة آلاف من هذه المخطوطات وهى أكثر جداً من مخطوطات أي كتاب قديم آخر.
2- تاريخ بعض هذه المخطوطات قريب جداً من تاريخ كتابة السفر الأصلي إذا ما قارنا ذلك بأي كتاب قديم آخر. فمثلاً أقدم مخطوطة موجودة الآن لكتابات الفلاسفة أفلاطون وأرسطو وغيرهما يعود تاريخها إلى أكثر من 1200 سنه بعد كتابتها، وهذا يُعتبر زمناً كبيراً جداً إذا ما قورن بمخطوطات الكتاب المقدس كما سنشير الآن.
3- أشهر المخطوطات الموجودة حالياً: - مخطوطة إنجيل يوحنا: وجدت في مصر وتاريخها يرجع إلى سنة 130 م ومحفوظة في مكتبة مانشستر بانجلترا
-مخطوطة لمعظم العهد الجديد :من ورق البردى ويرجع تاريخها إلى سنة 200م ومحفوظة في متحف بيتى بدبلن وجزء منها في جامعة متشجان. -
مخطوطة برديات دشنا: تحتوى على بشارتي لوقا ويوحنا ورسالتي بطرس ورسالة يهوذا، ويرجع تاريخها إلى أوائل القرن الثالث ومحفوظة في متحف بودمار بسويسرا.
مخطوطات العهد القديم:
1- كان اليهود يحفظون المخطوطات المتآكلة في خزانة بالمجمع ولا يستعملونها. وعندما كانت تمتلئ كانوا يدفنونها في الأرض. وهذا هو السبب في قلة عدد المخطوطات العبرية القديمة الموجودة حتى اليوم.
2-نظراً للدقة والحرص المتناهي في نسخ المخطوطات فقد كانت النسخ الجديدة تعتبر أفضل من القديمة لخلوها من أي تلف وكذلك وضوحها فى القراءة.
3- هناك مئات من النسخ العبرية المكتشفة في أماكن متفرقة في العالم أشهرها : - مخطوطات البحر الميت: تحتوى على سفر إشعياء كاملاً وأجزاء متفرقة من معظم أسفار العهد القديم ويرجع تاريخها إلى سنة 125 ق.م.
- النسخة القاهرية: تحتوى على الأسفار النبوية ويرجع تاريخها إلى سنة 895م.
- نسخة حلب: وتشمل العهد القديم كاملاً ويرجع تاريخها إلى سنة 925م.
مخطوطات الكتاب المقدس كاملاً بعهديه:
يوجد الكثير من هذه المخطوطات محفوظة في أماكن متفرقة في العالم وأشهرها:
- النسخة السينائية: وتشتمل على معظم أسفار العهد القديم والعهد الجديد بالكامل ويرجع تاريخها إلى سنة 350م واكتُشفت في دير سانت كاترين في جبل سيناء ومحفوظة في المتحف البريطاني.
-النسخة الفاتيكانية: وتحتوى على كل أسفار الكتاب المقدس تقريباً ويرجع تاريخها إلى سنة 350م، واكتُشفت في مصر ومحفوظة في الفاتيكان.
- النسخة السكندرية: تعتبر أكمل النسخ للكتاب المقدس بكامله ويرجع تاريخها الى سنة 004م، واكتُشفت في الاسكندرية ومحفوظة في المتحف البريطاني. وهكذا نستطيع أن نقول مع السير فردريك «يمكن للمسيحي الآن أن يمسك بكتابه المقدس في يده ويقول بغير خوف أو تردد إنه يمسك بكلمة الله الحقيقية التي سُلمت عبر القرون من جيل إلى جيل بدون أن يفقد شيئاً من قيمتها» وأيضاً نقول مع المرنم في مزمور 119 :89 «إلى الأبد يا رب كلمتك مثبتة في السموات»