تـقتــــدر كثيـــــــــراً

  هل فكرت ترى ما هى أعظم قوة متاحة للمؤمن؟ وهل لاحظت أى موضوع ركز عليه المسيح فى تعاليمه لتلاميذه وأوصى به كثيراً؟ هل عرفت سر النجاح فى حياة رجال الله؟

قال أحد المختبرين : «إن أعظم الناس على الأرض اليوم هم الذين يصلون.  أنا لا أقصد الذين يتكلمون عن الصلاة بل أقصد الذين يصرفون وقتاً فى الصلاة.  ليس لهؤلاء وقت زائد لكنهم يصنفون الصلاة من أولى الأولويات مهما كانت أهمية أشغالهم»

الصلاة هى أولى دلائل الحياة الجديدة (أعمال9: 11)،  وهى ضرورية للحياة الروحية تماماً كالتنفس للحياة الطبيعيةز إنها التعبير عن الاعتماد على الله وهى لغة القلب الشاعر بالضعف والمتعلق بمصدر القوة.

ما أكثر الأمثلة المذكورة فى كلمة الله عن الذين تعلقوا بالله بالصلاة ونالوا ما طلبوه منه.  من هذه الأمثلة قصة امرأة آمنت بقوة الصلاة؛ هى حنة أم صموئيل   (1صموئيل1).

ظروفها
حنة امرأة تقية عاشت فى أيام صعبة وعانت من ظروف قاسية.  عاشت فى أيام حكم القضاة، وهى واحدة من أظلم الفترات فى تاريخ شعب اسرائيلز  فالناس تركوا عبادة الله واتجهوا للأوثان، واستبدلوا شريعة الله بفعل ما يحسن فى أعينهمز  وهذا يشبه الأيام التى نعيش فيها. وكانت حنة عاقراً، تعانى من حرمان شديدز  ومما زاد ألمها أن ضرتها (الزوجة الأخرى لزجها)  فننة كانت تعيرها وتغيظها.  كل الظروف كانت معاكسة لها وتألمت كثيراً، لكنها لم تتذمر على زوجها ولم تحنق على ضرتهاز ذهبت حنة مع بقية العائلة إلى "شيلوه" حيث خيمة الرب، ليقدموا ذبائح للرب كعادتهم السنوية.وكان هذا بمناسبة أحد الأعياد اليهودية.  وكانوا يأكلون من الذبائح ويفرحون، أما حنة فقد ملأ الحزن قلبها «فبكت ولم تأكل»  حاول ألقانة زوجها أن يخفف حزنها بكلمات رقيقة لكن مشكلتها كانت أكبر من أن تعالجها كلمات زوجها. فماذا فعلت؟  ذهبت بحزنها وحملها إلى الرب وصلّت.

صلاتها 
«فقامت، وهى مرة النفس وصلت إلى الرب وبكت بكاءً» اتجهت حنة إلى الرب وحده وأعطت ظهرها للناس، فهى لا ترجو شيئاً منهمز  علِمت أن حل مشكلتها عنده وحده، لذا «سكبت نفسها أمامه»  لم تكن صلاتها مجرد كلمات من الشفتين لكن إرتماء كلى على الرب وحده.

أخى الحبيب: عندما تواجهك الصعاب وتشعر بالضيق الشديد، تُرى لمن تذهب؟  للناس أم للرب؟  للوالدين والأصدقاء أم للمحب الألزق من الأخ؟  «أعلى أحد بينكم مشقات فليصل»  (يعقوب 5: 13)،  «فى ضيقى دعوت الرب وإلى إلهى صرختز  فسمع من هيكله صوتى وصراخى قدامه دخل أذنيه»  (مزمور18: 6). «ونذرت نذراً وقالت يا رب الجنود»

خاطبت حنة الرب بهذا اللقب لأنها أدركت أن الذى معه أمرها وعنده حل مشكلتها هو الرب المهيمن على كل شىء والذى بيده كل القوة .وهذه أول مرة ترد كلمة «رب الجنود» فى الكتاب المقدس؛ وتعنى: السيد الذى تحت أمره كل جند السماء والأرض. فالملائكة والبشر أيضاً هم تحت سلطانه ويستخدمهم لخدمة المؤمنين المتعلقين به.  لذا قال الرب يسوع مشجعاً التلاميذ «دُفع إلىَّ كل سلطان فى السماء وعلى الأرض» (متى 28: 18)

هل تثق فى قدرته العظيمة؟ «وقالت(حنة)    إن نظرت إلى مذلة أمتك وذكرتنى ولم تنس أمتك بل أعطيت أمتك زرع بشر.» كانت حنة فى اتضاع حقيقى أمام الرب. انحنت أمامه فى شعور عميق بالانكسار والمسكنة، وكأنها تقول له: "إنى مقتنعة تماماً أنى لا شئ وكل أملى ورجائى فيك".  ربما نرفض بشدة هذا الشعور ونحاول التخلص منه.  نعتبر أنه صغر نفس ولا يتفق مع قوة شخصيتنا.  لكن الكتاب يعلمنا أن الله يُسرّ بهذه الحالة إذ تدفعنا للاعتماد عليه والتعلق به .«لأنه هكذا قال العلى المرتفع ساكن الأبد القدوس اسمه فى الموضع المرتفع المقدس أسكن ومع المتواضع الروح لأحيى روح المتواضعين ولأحيى قلب المنسحقين»  (إشعياء 57: 15).

إخوتى الشباب: هل نقبل معاملات الرب التى تقودنا لإدراك ضعفنا لكن فى ذات الوقت تجعلنا فى تلامس حقيقى مع قوة الرب؟ «وكان إذ أكثرت الصلاة أمام الرب وعالى يلاحظ فاها. فإن حنة كانت تتكلم فى قلبها وشفتاها فقط تتحركان..»

لم تكتفِ حنة بكلمات قليلة فى دقائق معدودة، كما يفعل الكثيرون منا؛ لكنها توقفت عن الكلام مع الناس وأعطت الوقت كله للتكلم مع الرب.  لم تمَلّ ولم تتعجل الإنصراف من محضر الرب. لذا أتت طلبتها فى توافق مع مشيئته.  وطلبت أن يمنحها الرب ابناً حتى تخصصه بعد ذلك لخدمة الرب.يا لها من دوافع راقية!  تُرى هل نصلى كثيراً؟  «مصلين بكل صلاة وطلبة كل وقت فى الروح وساهرين لهذا بعينه بكل مواظبة وطلبة.»  (أفسس 6: 18).

«فأجاب عالى وقال اذهبى بسلام. ثم مضت المرأة فى طريقها ولم يكن وجهها بعد مغيراً» تيقنت حنة أنها ستنال طلبتها من الرب، لذا فارق الحزن قلبها وعادت الابتسامة إلى وجهها. ولو كنا سألناها هل نلت طلبتك؟  لأجابت:  بالتأكيد نلتها،  وإن كنت بالعيان لا أرى شيئاً لكن بالإيمان أرى الإجابة.  «لذلك أقول لكم كل ما تطلبونه حينما تصلون فآمنوا أن تنالوه فيكون لكم»  (مرقس11 : 24).

صموئيل
أجاب الرب طلبة حنة وبعد حوالى سنة كان الطفل الذى طلبته من الرب، بين ذراعيها. وأسمته «صموئيل»، أى «سألته من الله»  وأصبح بعد ذلك، رجل الصلاة العظيم الذى قاد شعبه لنصرة عظيمة بواسطة صلاته المستمرة 

      أخى، أختى.  هل تشوقتم لهذه الاختبارات الرائعة والصلوات المستجابة؟  إن إله حنة وإله صموئيل هو نفسه إلهنا. و«إن إلهنا فى السماء•  كلما شاء صنع» (مزمور115: 3).